قرار يهدد 3 آلاف هيئة فلسطينية.. لهذا السبب
أثار قرار فلسطيني تضمن تعديلات على قانون الجمعيات الأهلية انتقادات حقوقية رأت فيه تهديدا لـ3 آلاف مؤسسة.
والثلاثاء، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس "قرارا بقانون" (قرار بقوة القانون) رقم 07 لسنة 2021 المعدل لقانون الجمعيات الخيرية والهيئات الأهلية رقم 01 لسنة 2000، تضمن تعديلات رأى فيها حقوقيون محاولة حكومية لإحكام الهيمنة على المنظمات الأهلية.
واستهجنت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد)، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، القرار، مطالبة بإلغائه كونه "يضيف قيودا غير مبررة وغير دستورية على عمل منظمات المجتمع المدني".
ويفرض التعديل على المنظمات تقديم خططها السنوية وموازنتها إلى الوزارة المختصة، كما يفرض عليها الحصول على موافقة مسبقة للقيام بجمع أي تبرعات أو الحصول عليها، إضافة إلى تقييد عمل الجمعيات المهنية بجعل رواتب موظفيها لا تزيد على 25 %.
كما يسهل التعديل حل الجمعيات في حال المخالفة وجعل ذلك رهين إرادة السلطة وليس مجلس الإدارة والجمعية العمومية، إضافة إلى جعل أموال الجمعيات في حال التصفية تذهب للموازنة العامة.
تقييد الحريات
ورأت الهيئة الدولية أن القيود "تشكل توسيعا في الصلاحيات الرقابية الثقيلة للسلطة التنفيذية إزاء عمل الجمعيات الخيرية، وتدخلا سافرا في حرية عمل الجمعيات والمؤسسات الأهلية".
ووصفت التعديل بأنه استمرار "للنهج القائم على الإقصاء والتقييد للحريات العامة، خاصة حرية تشكيل وعمل الجمعيات، إضافة إلى إعاقة عملها ودورها الحيوي في حماية حقوق الإنسان وتحقيق المصالح المجتمعية".
وأكدت ضرورة الابتعاد عن الممارسات التقييدية بما يضمن تمكين وحماية عمل الجمعيات، وفقا لما يكفله القانون الأساسي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها دولة فلسطين.
وعبرت عن استغرابها لتوقيت صدور القرار بقانون المعدل لقانون الجمعيات، لا سيما أنه يتزامن مع بدء إجراءات العملية الانتخابية، التي تلعب فيها المؤسسات دوراً واضحاً إما بنشر الوعي الانتخابي أو الرقابة على العملية الانتخابية.
عدوان سافر
من جهته، قال الدكتور عصام عابدين، أستاذ القانون في جامعة بيرزيت، إن القرار "الذي جرى إعداده ونشره في الجريدة الرسمية بنهج السرية الكاملة، يشكل عدواناً سافراً على الحق الأساسي للناس في تكوين الجمعيات المكفول في القانون الأساسي الفلسطيني (الدستور) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
ورأى عابدين في تعليق له عبر صفحته بموقع فيسبوك، أن التعديل "يُحيل مؤسسات المجتمع المدني إلى موظفين تابعين للسلطة التنفيذية يتلقون الأوامر منها وينفذون تعليماتها في خططهم وبرامجهم والموازنات المالية والأثر".
كما اعتبر أنه "يُحيل العمل الأهلي وتاريخه في فلسطين إلى مقاولات ومشاريع تجارية، ويسيطر على العنوان المالي للمؤسسات الأهلية"، مضيفا: "إننا باختصار أمام قرار بقانون ذبح المؤسسات الأهلية".
عقاب مالي
من جانبه، رأى الخبير القانوني ماجد العاروري أن القرار المتعلق بالجمعيات الخيرية الصادر قبل شهرين فقط من انتخابات المجلس التشريعي "لا يتعدى كونه قراراً عقابياً لمؤسسات المجتمع المدني على مواقفها المتعلقة بالقرارات بقوانين، وتلك المنتقدة لسياسات الحكومة تجاه التلاعب في توزيع اللقاحات".
وقال العاروري في تصريح لـ"العين الإخبارية"، إن ذلك "يندرج في إطار سياسة العقاب المالي للجمعيات لتلقينها درساً في حال انتقادها للنظام السياسي الفلسطيني، وهو قرار غير قابل للحياة".
وأكد أن أول نتائج تطبيق التعديل؛ إلقاء ما يزيد على 20 ألف موظف وموظفة من العاملين والعاملات في المؤسسات الأهلية على قارعة الطريق، ليعانوا ويلات البطالة.
وأوضح أن القرار يعني أنه لو كان هناك مؤسسة موازنتها ١٠٠ ألف دولار، وأصبح بند أجور الموظفين والموازنة التشغيلية فيها ٢٥% حسب القانون، فلو كانت تدفع أجور مقر ١٠ آلاف دولار، وبدل محروقات واتصالات وتدفئة وإنترنت ونظافة ١٠ آلاف دولار، يبقى لها ٥ آلاف دولار فقط بدل أجور موظفين.
ولفت إلى أن ذلك يعني أن موازنتها السنوية المتبقية لدفع رواتب الموظفين تعادل الراتب الشهري لمرة واحدة لموظف بدرجة لواء في السلطة الفلسطينية.
ويرى أن القرار يعني "بكلمات أخرى أن السلطة قررت إغلاق ٣ آلاف مؤسسة أهلية حقوقية وصحية وزراعية تعيل حوالي ٤٥ ألف أسرة، كعقاب لها على انتقادها أداء السلطة، وتريد أن تفعل فعلتها تحت عنوان الشفافية".
وشدد على أن القرار "يعبر عن حالة الفشل الرسمي في إدارة الشأن الفلسطيني، وأي محاولة لترويجه كقرار بقانون لتعزيز الحكم الرشيد هي محاولات جوفاء، ولا تخفي الأسباب العقابية التي تقف خلف القرار".