قلق ديمقراطي من ترشح هاريس للبيت الأبيض.. وهذه أسبابه
استسلم الرئيس الأمريكي جو بايدن للضغوط وانسحب من سباق البيت الأبيض، معلنا تأييده لنائبته كامالا هاريس التي يرى البعض أنه من الطبيعي أن تكون وريثته السياسية.
لكن هاريس لا تحظى بإجماع الديمقراطيين حيث يشكك عدد من قاد الحزب والمانحين في فائدة الاصطفاف خلفها، وذلك وفقا لما ذكرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية التي سلطت الضوء على أسباب المخاوف من ترشح نائبة الرئيس.
ليست أفضل من بايدن
يبحث الديمقراطيون حاليا عن أفضل بديل لبايدن يمنحهم أفضل الاحتمالات لإبقاء الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب خارج البيت الأبيض، وفي الوقت نفسه تحقيق أقصى قدر ممكن من النجاح في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس التي تجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وفي هذا الإطار فإن وضع هاريس ليس أفضل من وضع بايدن وأظهر استطلاع أجرته شبكة "إن بي سي نيوز" في وقت سابق من الشهر الجاري أن ترامب يتفوق على بايدن بنقطتين (45%-43%) وهو نفس الفارق بين ترامب وهاريس (47%-45%).
لكن أنصار هاريس يتحدثون عن احتمالية أن ترتفع نسب تأييدها إذا تحول ترشحها للرئاسة من افتراض إلى واقع حيث تتمكن من عرض قضيتها بانتظام على الناخبين فضلا عن استفادتها من أموال المانحين وكشف استطلاع رأي لـ"بوليتيكو" أن هاريس تتفوق على بايدن بين الناخبين من أصل أفريقي.
كما عملت هاريس على التواصل مع الناخبين الأصغر سنا، لكن سيكون عليها مواجهة عقبات التمييز الجنسي والعنصرية باعتبارها المرشحة الرئاسية للحزب كما يردد مؤيدوها أن الطبقة السياسية لا تزال تقلل من قوتها.
فشل حملتها الرئاسية 2020
يلقي فشل حملة هاريس الرئاسية في 2020 بظلاله عليها اليوم، حيث تلاشت حملتها سريعا رغم صعودها السريع في كاليفورنيا حيث شغلت منصب المدعي العام لمنطقة سان فرانسيسكو ثم المدعي العام للولاية قبل أن تفوز بمقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 2017.
ورغم اختيار بايدن لها كنائبة له إلا أن حملتها كشفت عن بعض نقاط ضعفها حيث كافحت من أجل صياغة أيديولوجية متماسكة أو مواقف متسقة بشأن القضايا المختلفة وهو ما يدفع الكثيرون للقلق عند إعادة النظر في سجل هاريس.
أزمات موظفيها
في كل منصب وصلت إليه، دائما ما كانت بداية هاريس صعبة حيث يشكو الموظفون من بيئة مكتبية مختلة ومع ظهور هذه المشكلات للرأي العام، كان هناك شعور بأن نائبة الرئيس تكافح من أجل الحفاظ على النظام فيما حث الحلفاء كامالا على القيام بدور إداري أكثر حزما حيث أصبحت المشكلات مصدر إلهاء.
وأعادت هذه الأزمة التذكير بانهيار حملة هاريس الرئاسية وانتقاد البعض لها بسبب اعتمادها المفرط على شقيقتها مايا.
وبحلول منتصف عامها الثاني كنائبة للرئيس، بدأت الأمور في التحول عندما قامت رئيسة الموظفين الجديدة، لورين فولز، بتهدئة الدراما داخل المكتب.
مشكلات مع الدائرة الداخلية لبايدن
كانت بداية هاريس صعبة مع الدائرة الداخلية لبايدن في عام 2020، وبعد 4 أعوام تحسنت العلاقة بين فريقها ومستشاري بايدن الموثوقين، إلا أن بعض الندبات القديمة لا تزال قائمة.
وبسبب انتقادها لموقف بايدن من الحافلات في السبعينيات خلال الانتخابات التمهيدية، رفض بعض المقربين من بايدن اختيارها لمنصب النائب، لكن هاريس وفريقها حاولوا التركيز على أن تحظى بثقة الرئيس وأن تكون مخلصة له تماما كما كان مع الرئيس الأسبق باراك أوباما ومع ذلك، وشهد أول عامين من ولايتها الكثير من اضطرابات الموظفين، والأخطاء العامة.
هل يمكنها توحيد الحزب؟
يأمل حلفاء هاريس في الحصول على دعم قوي من النساء والديمقراطيين من أصل أفريقي لترشيحها المحتمل للسباق الرئاسي لكنها ستحتاج إلى الاعتماد على دوائر حزبية لم تنجح في الفوز بها في الماضي.
ومن غير الواضح ما إذا كانت ستوحد الحزب مثلما فعل بايدن في 2020، خاصة مع افتقارها للعلاقات الطويلة الأمد في الكونغرس.
ويتشكك الكثير من الديمقراطيين التقدميين في هاريس بسبب سجلها خلال عملها في مجال إنفاذ القانون ومع ذلك تبدو كمالا أكثر قبولا من بايدن في الأوساط التقدمية فيما يتعلق بحرب غزة حيث تتقدم قليلا على بايدن في استعدادها لدعوة إسرائيل لضبط النفس.
هجمات ترامب بسبب الحدود
يتطلب العمل كنائب للرئيس أن يكون الشخص جنديا مخلصا حتى لو تطلب الأمر القيام بمهام مشحونة سياسيا.
ورغم إصرارها على ألا تكون واجهة للسياسات الحدودية للإدارة، إلا أن هاريس أصبحت مكلفة بمهمة وقف الهجرة من دول أمريكا الوسطى، وهو ما دفع الحزب الجمهوري إلى مهاجمتها باعتبارها "قيصر الحدود".. ولم يفعل البيت الأبيض الكثير لمواجهة هذه الهجمات.
وفي مرحلة ما، اعتبر بايدن نفسه أن وظيفة هاريس هي "إدارة الحدود" وهو ما أثار انزعاج فريقها، لكن نائبة الرئيس كانت مكلفة بمعالجة الأسباب الجذرية التي تدفع الناس من أمريكا الوسطى إلى الولايات المتحدة.
وزارت هاريس المنطقة وحذرت المهاجرين المحتملين من "ألا يأتوا" وعملت على خلق التمويل لمكافحة المشاكل المجتمعية الأعمق.
لكن هذه التفاصيل لا تهم الجمهوريين بقيادة ترامب الذين جعلوا من هاريس هدفًا رئيسيًا للهجوم بسبب الحدود.
ومع ذلك، منحت قضية الإجهاض نقطة قوة لهاريس حيث كان بايدن وهو كاثوليكي ملتزم غير مرتاح لتقديم عروض كاملة عن حقوق الإجهاض، وبالتالي أصبح سعيدًا بجعل هاريس الشخص الرئيسي في هذا الملف، وهو الدور الذي ناسب كمالا تمامًا، حيث استفادت من عملها القانوني السابق.
وقبل انتخابات التجديد النصفي في 2022، قامت هاريس بعدد كبير من الحملات عززت مهاراتها في التحدث وحققت نجاحًا في ربط النضال من أجل حقوق الإجهاض بالكفاح الأوسع من أجل الحرية وساعدت هذه الجهود، التي منحت الحزب الديمقراطي نتائج أفضل مما كان متوقعا.
وغالبًا ما تكون هاريس في أقوى حالاتها عندما تسترجع خبراتها كمدع عام حيث صعدت إلى الصدارة باستخدام مهاراتها في استجواب الشهود بمجلس الشيوخ ورغم أن هذه المهارات لم تكن كافية خلال حملتها الرئاسية السابقة إلا أنها الآن تعد جزءا من جاذبيتها السياسية.
وأثار تعامل هاريس مع ترامب اهتمام الديمقراطيين القلقين خاصة وأنه جاء على النقيض من أداء بايدن الكارثي في المناظرة وهو ما يجعل البعض في الحزب يعتقد أنها ستكون قادرة على تغيير ديناميكيات السباق.