أردوغان يمرر "موازنة العجز" والإحباط يسيطر على الأتراك
الجلسة الأخيرة من مناقشات الميزانية استمرت نحو 10 ساعات، وشهدت عمليات شد وجذب بين تحالف "الجمهور"، والرافضين من أحزاب المعارضة
أقر البرلمان التركي، الجمعة، ميزانية البلاد لعام 2020 التي تتوقع نسبة عجز تقدر بـ38.9 مليار ليرة (23.4 مليار دولار)، بعد مناقشات استمرت 12 يوما شهدت رفضا شديدا من المعارضة لبنودها.
جاء ذلك بحسب ما ذكرته، السبت، النسخة التركية للموقع الإلكتروني لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، التي ذكرت أن تمرير الميزانية رغم الانتقادات لها جاء بفضل أصوات حزب العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية، المعارض اللذين يشكلان معًا تحالفًا يسمى "الجمهور".
ووفق المصدر، وافق على الميزانية 326 نائبًا من أصل 481، مقابل رفض 155 من المعارضة التي ترى أن هناك إسرافًا غير ضروري في بنود الميزانية التي تعتبر الأولى التي تتم المصادقة عليها في ظل نظام حكم رئاسي تحولت إليه البلاد قبل أكثر من عام.
الجلسة الأخيرة من مناقشات الميزانية استمرت نحو 10 ساعات، وشهدت عمليات شد وجذب بين المؤيدين لها من تحالف "الجمهور"، والرافضين من كافة أحزاب المعارضة.
وأوضحت الصحيفة التركية أن هذه المرة الأولى التي تتخطى فيها الميزانية حاجز التريليون ليرة، إذ بلغت قيمتها تريليونا و95 مليارا و5 ملايين ليرة.
وتضمنت الميزانية دعمًا للقطاع الحقيقي بـ44.5 مليار ليرة، وبـ1.4 مليار للشركات الصغيرة والمتوسطة، مع زيادة في الإنفاق العسكري، وعجز متوقع تبلغ قيمته 138.9 مليار ليرة.
فيما يتوقّع مراقبون أن تكون حِصة الأسد في الميزانيات لصالح وزارة الدفاع، وجهاز الاستخبارات العامة، إضافة لوزارة الداخلية، والتي تشمل الأمن والشرطة، إلى جانب رئاسة الشؤون الدينية، التي ارتفعت ميزانيتها بشكلٍ كبير في الآونة الأخيرة.
عجز الميزانية المتوقع:
منذ اليوم الأول لطرح مقترح الميزانية المذكورة، والمعارضة التركية تنظر بعيون الشك والريبة لها، لا سيما أن عجز الميزانية المتوقع فيها 138.9 مليار ليرة بزيادة 45 مليار ليرة عن عجز ميزانية 2019.
الكاتبة الاقتصادية، تشييدم توكر، قالت إن السبب الرئيسي في ارتفاع عجز الميزانية هو معدلات التضخم المرتفعة، مضيفة: "وبالتالي فإن أسباب التضخم إذا لم تعالج، فإن العجز سيكون أكثر من ذلك بكثير".
وأضافت قائلة: "لكن على ما يبدو أننا ننسى بسرعة ما حدث في ميزانية 2019 حينما قدمت للنقاش العام الماضي، إذ كان رقم العجز المتوقع 80 مليارا و616 مليون ليرة، لنجد أن عجزها في الأشهر التسعة الأولى من 2019 وصل إلى 85 مليار ليرة، ليقوم بعد ذلك البرنامج الاقتصادي الجديد الذي أعلن عنه النظام برفع سقف العجز إلى 125 مليار ليرة بحلول نهاية 2019".
انتقادات المعارضة
وشهدت جلسات مناقشة هذه الميزانية رفضًا شديدًا من أحزاب المعارضة لها التي قالت إن بنودها ليست في صالح المواطن التركي.
وفي هذا السياق قالت أيلين جسور نائبة حزب "الخير" المعارض، في تغريدة على حسابها بموقع "تويتر"، إن "ميزانية 2020 تم إقرارها رغم معارضتنا الشديدة لها، اعترضنا عليها لأنه ليست الميزانية التي ستحسن من أوضاع العمال والموظفين والمسنين والمعاقين والصناعيين والمستثمرين، فلن تجعلهم يتنفسون الصعداء، بل بالعكس ستضيق عليهم حياتهم أكثر مما هي ضيقة".
وأضافت قائلة: "وجاء إقرار الميزانية رغم عيوبها بفضل أصوات نواب حزبي العدالة والتنمية، والحركة القومية".
على نفس الشاكلة أعرب نائب الحزب ذاته، فخر الدين يوقوش، عن انتقاده للميزانية، وقال في هذا الصدد: "هذه الميزانية ميزانية تخدم أهدف القصر (الرئاسي)؛ وذلك لأنها تخصص 3 مليارات ليرة كنفقات للقصر رغم ما يعانيه الشعب من ويلات الجوع والفقر".
نائب حزب الشعب الجمهوري، كامل أوقياي، في معرض انتقاده قال: "هذه الميزانية تزيد الأعباء على المواطنين، إذ شهدت عوائد الميزانية من الضرائب زيادة بمقدار 20%، وذلك مقابل 4% فقط زيادة أقرتها الحكومة في رواتب الموظفين والمتقاعدين".
من جهته قال نائب الحزب عرفان قابلان: "هذه الميزانية هي ميزانية الظلم الضريبي، فقد كنت أود أن أقول هنيئًا لأمتنا ودولتنا على مناقشة ميزانية 2020، لكن لا يمكنني قولها؛ فهذه الميزانية ليس بها العمال، هذه الميزانية ليس بها الكادحون، ليس بها المزارعون، ليس بها المنتجون، هذه الميزانية ليس بها الصناع، ليس بها الموظفون، ليس بها المتقاعدون".
وتابع: "هذه الميزانية هي ميزانية من لا يرى المواطن الذي ينتحر بسبب لقمة العيش والفقر وجرائم قتل النساء والجوع والبطالة، هذه الميزانية ميزانية رفع الأسعار والضرائب على محدودي الدخل هذه الميزانية ميزانية الوفرة للموالين للحكومة".
زعيم حزب العمال التركي المعارض، أركان باش، لفت إلى أن مشروع الميزانية تكون من 8 مجلدات، و13 ألفا و506 صفحات، مضيفًا: "ولمن وافق على هذه الميزانية هل تمكنتم من قراءة هذا الحجم من الأوراق؟ بالطبع لا، إذن على أي شيء وافقتم أخبروني؟".
بدوره قال عبد القادر قاره دومان، نائب حزب السعادة المعارضة، إن "هذه الميزانية ليست ميزانية الشعب، وإنما ميزانية الإسراف، والفوائد، ومن ثم فإنه من العيب تمريرها بهذا الشكل".
ومن المنتظر أنه بعد مصادقة أردوغان على الميزانية أن تدخل حيز التنفيذ اعتبارًا من مطلع العام المقبل.
aXA6IDMuMTUuMjI4LjE3MSA= جزيرة ام اند امز