ليس هناك خطأ مطبعي فالحشد طائفي بامتياز مثله في ذلك مثل الميليشيات الأخرى الطائفية التي ابتلينا بها ونكبنا حتى توالدت في العراق بما لا يعد ولا يحصى وإلى الدرجة التي شرعنت فيها حكومة حزب الدعوة
ليس هناك خطأ مطبعي فالحشد طائفي بامتياز مثله في ذلك مثل الميليشيات الأخرى الطائفية التي ابتلينا بها ونكبنا حتى توالدت في العراق بما لا يعد ولا يحصى وإلى الدرجة التي شرعنت فيها حكومة حزب الدعوة «وهو في الأصل ميليشيا»،هكذا ميليشيات تحل محل الدولة ومؤسساتها وهيئاتها وصولا إلى «دويلات الميليشيات» وهو المشروع الذي سبق ان حذرنا منه المنطقة.
ومع تشكيل حشد طائفي لم يتردد مؤسسوه وصانعوه من تمييزه باسم «الطائفة» في تلاعب بنقاط الحروف فقط، بدأ المشروع الميليشاوي الأخطر بأخذ طريقه إلى «الشرعية» شرعية الوجود والفعل والنشاط بمباركة من مؤسسة تشريعية «يفترض فيها تمثيل الشعب بجميع مكوناته واثنياته واعراقه وطوائفه ودياناته» انحازت في المنعطف الطائفي المؤسسة التشريعية إلى الطائفة فمنحت ميليشيا الحشد صكا «شرعيا» بالوجود بما يسبغ عليه صفة المؤسسة ويدستر نشاطه ويقنن حراكه ويحصن ممارساته ضد المساءلة والمحاسبة والمراقبة، ناهيك عن التفكير بالغائه بعد انتفاء دوره المزعوم في «تحرير الموصل» من داعش وهي الذريعة والمبرر لإخراجه إلى الوجود وتسليحه وتدريبه ومنحه كافة امتيازات «الجيش الوطني» وهو أبعد ما يكون عن ذلك.
وبهذه الخطوة فقد استطاع الدعوجيون العراقيون تحقيق ما يريده منهم نظام الملالي في إيران من انشاء ميليشيا طائفية ضاربة في قوتها وعتادها وهيمنتها تماما كما هي ميليشيا «الحرس الثوري» الإيراني.
فهل «الحشد الشيعي» النسخة الثانية المعربة هذه المرة من الحرس الثوري الفارسي؟؟ دون شك انها كذلك ودون شك انها وبعد شرعنتها ستمارس ذات الممارسات وستهيمن على المؤسسة العراقية وسيكون لها الصوت الأعلى في القرار.
والأخطر في ظاهرة شرعنة الحشد الشيعي بولائه المطلق لنظام العمامة الإيرانية انها يمكن ان تتناسخ فينا وفي منطقتنا، وهو احتمال قائم بكل تداعياته خاصة في ظل هذه الظروف التي نمر بها الآن، وقد نظهر نسخة أخرى مشابهة للحشد في اليمن بعنوان حوثي هذه المرة وقد تشرعن عبر مشروع التسوية بإيعاز من نظام قم نفسه الذي يجد منافذه للتسلل من خلال انشاء هذه الميليشيات الموالية والمؤتمرة بأمره.
وهو مشروع تطور من انشاء وتوجيه التنظيمات والأحزاب والتيارات إلى انشاء وتوجيه وتدريب والسيطرة من خلال ميليشيات عسكرية تضاهي الجيوش الوطنية وقد تتفوق عليها من حيث التسليح والتدريب والعتاد والقوة النارية التي تمتلكها.
ولنا في حزب الله اللبناني المثال وكذلك علينا ان نتأمل المآل والمصير الذي تأخذ البلد إليه هذه الميليشيات بعد احكام سيطرتها ونفوذها.
وفي العراق لم يكن الخلاف الاعلامي المفتعل بين الدعوجيين «المالكي والعبادي» سوى تكتيك ممسرح لإشغال الرأي العام العراقي وقتها عن التحضيرات الفعلية والعملية لاطلاق العنان للحشد بعد فترة اكمال تدريبه وتسليحه وهي الفترة التي ارتفع فيها صوت الخلاف التكتيكي المقصود بين المالكي والعبادي كما نذكر.
ولعل جزءًا من الخلاف يعود إلى من يسيطر ويهيمن على الحشد، رئيس الوزراء «العبادي» بحكم المنصب الدعوجي أم رئيس الحزب «المالكي» الذي يرى نفسه احق وأجدر من حيث الوظيفة الحزبية والتراتبية التنظيمية الدعوجية بالسيطرة على الحشد.
وفي النهاية اكلها العراق العربي بهذا الحشد الذي استلم مهام الجيش الوطني وبدأ ينفذ أيضا أجندة التدخل في دول الجوار «سوريا» التي تسربت من حكومة حزب الدعوة تصريحات واضحة عن تدخل الحشد في حلب والرقة بعد أسابيع وربما أيام.
*نقلاً عن " الأيــــام "
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة