أسفرت الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن نتيجة غير متوقعة من قبل الكثيرين وهى فوز السيد دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى
أسفرت الانتخابات الرئاسية الأمريكية عن نتيجة غير متوقعة من قبل الكثيرين وهى فوز السيد دونالد ترامب مرشح الحزب الجمهورى ليصبح الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأمريكية ، ويتولى مهامه وسلطاته الرئاسية رسميا فى العشرين من يناير 2017 وذلك من خلال عملية نقل السلطة من رئيس منتهية ولايته إلى المرشح الفائز فى الانتخابات الرئاسية وذلك وفقا لما جرى عليه العمل فى النظام الأمريكي،لتبدأ فترة حكم وإدارة الحزب الجمهورى فى خلال رئاسة السيد دونالد ترامب ولذلك تثار تساؤلات مهمة تتعلق بالسياسات والتوجهات الأمريكية فى عهد الجمهوريين سواء على المستوى الداخلى أو العالمى ومواقف الولايات المتحدة من أطراف دولية وسياساتها فى العالم ويمكن فى هذا الإطار الإشارة إلى عدة ملاحظات أساسية وذلك على النحو التالي:-
أولا:ضرورة التفرقة بين الشخص(الرئيس) و المؤسسات فى النظام الأمريكي،ويقصد بذلك ان السياسة والقرارات فى النظام الأمريكى لا يصنعها الرئيس الأمريكى كشخص بل تشارك فيها أجهزة ومؤسسات متعددة مثل سكرتارية البيت الأبيض ،ومستشار الرئيس للأمن القومي،ووزارة الدفاع ،ووزارة الخارجية ،والمخابرات المركزية C.I.A وغيرها من الأجهزة مما يجعل قرارات الرئيس الأمريكى لا تتسم بالفردية بل تكون نتاجا لتأثير هذه الأجهزة المتعددة ،يضاف إلى ذلك أن السياسة الأمريكية تكون طويلة الأمد ولها ثوابت ومبادئ لا تتغير بتغير شخص الرئيس الأمريكى أو الحزب الذى ينتمى إليه ،وإن كان من المتصور أن تتغير الأساليب أو الأدوات التى تؤدى إلى تحقيق هذه الأهداف والمبادئ من شخص رئيس إلى آخر أو من حزب إلى آخر دون أن يؤدى ذلك إلى إخلال أو تغيير فى الإستراتيجية ،ويمكن القول إنه فى عهد السيد ترامب وخصوصا فى الفترة الرئاسية التى تبدأ فى 20 يناير المقبل سيكون لديه مرونة نسبية فى الحركة ثانيا:إن الإدارة الجمهورية القادمة فى الولايات المتحدة فى عهد السيد ترامب ستقوم بالتركيز على الأرجح على القضايا الداخلية الأمريكية ومزيد من النهوض بالاقتصاد الأمريكى وتوفير فرص العمل ،دون أن يعنى ذلك أن الولايات المتحدة ستعود إلى إتباع سياسة العزلة، بل ستظل مهتمة بالقضايا والملفات الدولية بحكم كونها القطب الوحيد حتى الآن فى عالم اليوم،ولن تقوم على الأرجح بالتورط فى مغامرات عسكرية خارجية وخصوصا بعد الاتهامات التى وجهها السيد ترامب للحزب الديمقراطى ولمرشحته هيلارى كلينتون خلال الانتخابات الرئاسية بالمسئولية عن عدم الاستقرار والفوضى وانتشار الإرهاب فى الشرق الأوسط على سبيل المثال مع ما يمثله ذلك من سلبيات بالنسبة للولايات المتحدة وأعباء على الاقتصاد الأمريكى ،كما يمكن القول بوجود قطاعات وشرائح من الناخبين الأمريكيين اتجهت إلى إعطاء أصواتها للسيد ترامب فى الإنتخابات كنوع من العقاب للحزب الديمقراطى وسياسته فى حرية التجارة والتى أضرت من وجهة نظرهم بالاقتصاد الأمريكى .
ثالثا:السياسات الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب،فعلى الأرجح أن السياسة الأمريكية فى عهد الرئيس ترامب لن تميل إلى التورط عسكريا فى منطقة الشرق الأوسط وخصوصا بعد التجربة المريرة للولايات المتحدة فى العراق،رغم إن مبادئ ومرتكزات السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط لن تتغير وأهمها أمن إسرائيل والذى لا يختلف عليه أى رئيس أمريكى أو الحزبان الديمقراطى والجمهورى ،بالإضافة إلى المصالح البترولية للولايات المتحدة فى المنطقة فضلا عن حرية المرور فى الممرات الدولية وبالنسبة لإيران فمن المرجح أن يلجأ الرئيس الأمريكى الجديد إلى إتباع سياسة أقل مرونة تجاه إيران أو ما يمكن أن تطلق عليها سياسة (التحجيم والاحتواء) خاصة انه اتهم الحزب الديمقراطى بأنه ساعد إيران على التمدد فى ملفات الشرق الأوسط والمنطقة العربية بعد التوصل معها إلى اتفاق بخصوص الملف النووى الإيرانى ،وبالنسبة لمصر فمن المتوقع تحسين العلاقات الأمريكية المصرية فى ظل الإدارة الجمهورية الجديدة ،وتحقيق مزيد من التعاون المشترك وخصوصا فى مجال مكافحة الإرهاب وهو ما ذكره السيد ترامب خلال حملته الانتخابية من انه سيتعاون مع الدول المعتدلة فى المنطقة وخصوصا مصر والأردن لمكافحة الإرهاب.
رابعا:الموقف من المهاجرين،فقد تخوف البعض من إتباع السيد ترامب لسياسة عنصرية فى تعامله مع ملف المهاجرين وخاصة المنتمين إلى الدين الإسلامي،وذلك نتيجة لبعض التصريحات التى أدلى بها خلال الحملة الانتخابية،ولكن يلاحظ أنه أعاد تفسير هذه التصريحات وكذلك أعضاء حملته الانتخابية وأشاروا إلى أن المقصود بالمنع هم المتطرفون والذين يشتبه فى كونهم إرهابيين،ولذلك فعلى الأرجح أنه لن يكون هناك عداء من حيث المبدأ لدين معين أو لعنصر معين وإنما ستكون هناك ضوابط قانونية وأمنية ولعل هذا ما يتفق مع طبيعة الولايات المتحدة بحكم كونها مجتمعا تعدديا ويحوى العديد من الأقليات (ذوى الأصول الإفريقية والآسيوية والعربية والمسلمين وذوى الأصول اللاتينية....الخ) والذين يعيشون معا فى تناغم وتكامل،ولذلك قد يكون المقصود الهجرات غير الشرعية أو العناصر الإرهابية وربما يدفع ذلك الإدارة الجمهورية إلى محاولة البحث عن حلول سياسية لملفات المنطقة والشرق الأوسط باعتبارها المسئولة عن هذه الهجرات.
نقلا عن / الأهرام
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة