بوادر انقسام في حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بتركيا بسبب فشل أردوغان
تحركات داخل حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بتركيا لتأسيس حزب جديد بعد الانتخابات المحلية المقبلة اعتراضا على سياسات الحزب وزعيمه أردوغان
فساد ومحسوبية وعدم احترام القوانين وقمع المعارضين، إلى جانب تراجع كارثي للاقتصاد التركي، كلها أسباب زادت من الانقسام والخلافات داخل حزب "الحرية والعدالة" الحاكم، ودفعت بعض القادة والمنتمين للحزب إلى التحرك نحو تأسيس حزب سياسي جديد.
الصحفي التركي أتيان محجوبيان، المستشار السابق لرئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ألمح إلى وجود مساعٍ لعدد من المنتمين لحزب "العدالة والتنمية" الحاكم لتأسيس حزب جديد.
وحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "يني جاغ" التركية، جاءت تصريحات محجوبيان خلال مقابلة أجراها مع إحدى محطات التلفزة المحلية، الثلاثاء.
وفي رد منه على سؤال حول ما إذا كانت هناك مساعٍ جارية لتأسيس حزب جديد بعد الانتخابات المحلية المقبلة، قال محجوبيان "نعم.. هناك مساعٍ في هذا الاتجاه تجري حالياً، وهذا أمر لا بد منه؛ لأن تركيا لا تُدار جيداً".
وتابع قائلا "الجميع يرون جيداً أن تركيا لا تدار بالشكل اللائق.. هناك بعض الشرائح داخل العدالة والتنمية غير راضية بالمرة عن التعيينات التي تتم من خلال ممارسات بعيدة كل البعد عن معايير اللياقة والكفاءة، وغير راضين عن الطرق التي تمنح بها مناقصات الدولة".
وعن الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها نهاية مارس/آذار المقبل، قال محجوبيان إن "نتائج هذه الانتخابات تهم بعضهم، لكن التوتر الأكبر داخل حزب العدالة والتنمية".
هذه الإشارة التي ألمح إليها الصحفي التركي تأتي تأكيداً لحالة كبيرة من الجدل تشهدها الأروقة السياسية في تركيا منذ فترة، حول مزاعم تشير إلى استعداد الرئيس السابق عبدالله جول وداوود أوغلو إلى جانب قيادات بالحزب الحاكم لتأسيس حزب سياسي جديد.
وسبقه في تلك التلميحات الكاتب التركي أحمد طاقان، المستشار السابق لجول، وممثل صحيفة "يني جاغ" المعارضة بالعاصمة أنقرة.
طاقان في شهر سبتمبر/أيلول الماضي نشر مقالاً بصحيفة "يني جاغ" تحت عنوان "مشروع غل الجديد من الباب الخلفي!"، كشف فيه أن الرئيس السابق وداوود أوغلو المقرب منه والوزيرين السابقين علي بابا جان ومحمد شمشمك، اللذين توليا حقيبة الاقتصاد لبعض الوقت، يستعدون لتأسيس حزب مركزي جديد سيكون في صفوف المعارضة الرئيسية.
وأوضح كذلك أن "جول والوزراء الثلاثة داوود أوغلو وباباجان وشمشك يتواصلون مع عدد من الأسماء المعارضة التي تختلف مع كل الأطراف، وأن اللقاءات مستمرة في هذا الصدد".
ولفت أن هذه الأسماء كانت لها عمقها الاستراتيجي في تركيا، وغيابهم عن الساحة لا سيما في ظل الأوضاع التي تشهدها البلاد دفع الأتراك إلى التساؤل عن مكانهم، ومواقفهم إزاء ما يجري".
الخلافات بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورفيق دربه في تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم جول، ظهرت للعلن في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، عقب سنوات من ابتعاد الأخير عن الحزب والحديث المتزايد عن خلافات عميقة بين الحليفين السابقين.
هذه الخلافات -التي حاول الطرفان إبقاءها طي الكتمان وعدم إخراجها إلى العلن للحفاظ على تماسك الحزب الحاكم- ظهرت آنذاك بشكل قطعي عقب توجيه جول انتقادات مباشرة لقانون أعلنت عنه الحكومة في تلك الفترة، وأثار جدلاً واسعاً في البلاد، وما قابله أردوغان بانتقادات لاذعة وغير مسبوقة للرئيس السابق.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي صدرت حزمة قوانين جديدة في تركيا بموجب حالة الطوارئ التي أعلنت في البلاد منذ محاولة الانقلاب الأخيرة منتصف يوليو/تموز 2016، من بينها قانون ينص على إعطاء حماية قانونية شاملة لمدنيين شاركوا في إفشال محاولة الانقلاب، في محاولة من الرئيس التركي لضمان عدم محاكمة أنصاره بتهمة القيام بأعمال عنف ضد قوات الجيش والأمن التي شاركت في محاولة الانقلاب.
جول الذي التزم الصمت طيلة أشهر من تركه منصبه الرئاسي، حيث كان لا يشارك في أي فعاليات سياسية بصفته أحد مؤسسي حزب العدالة والتنمية ولا بصفته الرئيس السابق للجمهورية، كما أنه لا يبدي آراءه في الأحداث السياسية الداخلية والخارجية المتلاحقة، لكنه كسر هذا الصمت حينئذ بالحديث بشكل مباشر عن القانون الجديد.
وعلى الرغم من أن عبدالله جول يعد من أبرز المؤسسين الأوائل لحزب "العدالة والتنمية" إلى جانب أردوغان إلا أنه أبدى عديدا من المواقف في السابق تعبر عن رفضه بعض السياسات التي يتبعها أردوغان، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع المعارضين لسياساته، سواء من خارج أو داخل الحزب.
الاختلاف الأبرز بين أردوغان وجول ظهر بشكل واضح لأول مرة قبيل الاستفتاء الذي جرى في أبريل/نيسان 2017 على التعديلات الدستورية، التي تحول بموجبها نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي، حيث لم يشارك جول في أي فعاليات أقيمت آنذاك لتأييد التعديل الدستوري، وقيل إنه صوت بـ"لا" خلافاً لتوجه الحزب وزعيمه أردوغان، لقناعته بضرورة بقاء النظام البرلماني، وهو ما أثار غضب الأخير.
وأوضح الكاتب أن الأسماء المذكورة "تجري المشاورات حالياً من أجل تأسيس الحزب، وهم ليسوا في عجلة من أمرهم، وعلى الغالب سيتم الإعلان عن موعد تدشينه الرسمي بعد الانتخابات المحلية المزمعة في مارس/آذار المقبل".