اضطرابات الشرق الإثيوبي.. أصابع جيبوتي تقدح نار الفتنة
ناشطون إثيوبيون يتهمون الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله بالعمل على زعزعة استقرار الإقليم الشرقي لبلادهم
لم يمض وقت طويل على المصالحة التاريخية بين الجارتين إثيوبيا وإريتريا إلا وبدأ النظام الحاكم في الجارة جيبوتي يعمل جاهداً لوقف تقارب أديس أبابا وأسمرا، ظناً منه أن ذلك يعطل مصالحه الاقتصادية.
وفي سبيل تحقيق مساعها، ظلت جيبوتي منذ ذلك الحين تضغط على زناد زعزعة الأمن والاستقرار بالشرق الإثيوبي إلى أن تفجر الصراع الدامي بين قبيلتي العفر والعيساوي الأسبوع الماضي.
- محتجون يوقفون خط السكك الحديدية الرابط بين إثيوبيا وجيبوتي
- وزيرة دفاع إثيوبيا تبحث مع رئيس جيبوتي ملفات الأمن والحدود
ووجه زعماء وناشطون إثيوبيون اتهامات صريحة للنظام الجيبوتي برئاسة إسماعيل عمر جيله، بنشر مليشيات مسلحة في إقليم عفر الشرقي، بغرض تأجيج الصراع من خلال الانحياز للأطراف القبلية، وفي محاولة لهز الحكومة الإثيوبية بقيادة آبي أحمد، والضغط عليها لإنهاء التقارب مع إريتريا.
ويرى مراقبون أن المصالحة الإثيوبية الإريترية أثارت قلق جيبوتي، التي ظلت طوال العقود الماضية تستثمر النزاع بين البلدين لصالحها، حيث شكلت على مدى 20 عاماً المنفذ البحري الرئيسي لإثيوبيا مما عاد عليها بأموال طائلة.
وأدت التدخلات الجيبوتية في إقليم عفر الإثيوبي إلى تفاقم النزاع الدامي بشكل لافت بين القبائل الحدودية بتلك المنطقة، فضلاً عن أنه أسهم في نشوء توتر بين أديس أبابا وجيبوتي بشكل لافت.
ورحج كثير من المراقبين أن تكون الزيارة التي أجراها وفد إثيوبي يتألف من وزيرة الدفاع الإثيوبية عائشة محمد ومدير المخابرات الجنرال آدم محمد إلى جيبوتي الجمعة الماضية، بسبب رغبة أديس أبابا في وقف التدخلات الجيبوتية بالإقليم الشرقي.
ووفقاً لما هو معلن، فإن الوفد الإثيوبي الرفيع بحث مع الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله قضايا أمنية حدودية، إلى جانب التوترات العرقية في إقليم عفر، الذي تقطنه القومية التي تحمل الاسم ذاته وتتوزع بين إثيوبيا وإريتريا وجيبوتي.
ولكن مصدر مسؤول فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ"العين الإخبارية"، إن مصادر مقربة من الحكومة الجيبوتية أكدت أن مدير جهاز الأمن والمخابرات الإثيوبي خلال زيارته لجيبوتي كان يحمل ملفاً يحتوي على أدلة تثبت تورط قيادات الجيش الجيبوتي في زعزعة أمن واستقرار إقليم عفر.
وأكد أن جيبوتي تستخدم زعزعة الاستقرار في الشرق الإثيوبي كوسيلة ضغط جديدة لعدول أديس أبابا عن توجهاتها الحالية نحو إريتريا، والتي ستفقد من خلالها جيبوتي 90% من إيرادتها المالية، وربما تدخلها في أزمة اقتصادية تهدد بقاء الدولة.
وأدت الاضطرابات الأمنية التي شهدها إقليم عفر، الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي يوم الإثنين الماضي، إلى توقف خدمة السكك الحديدية بين إثيوبيا وجيبوتي.
كما توقفت المئات من المركبات والركاب على طريق "أواش-غلافي" على بعد 220 كلم شرق العاصمة أديس أبابا، وتسببت في أزمة نقص حادة في الوقود بإثيوبيا.
وذكر نشطاء في إقليم عفر أنهم شاهدوا قوات تتبع الحكومة الجيبوتية بين الحين والآخر، لدعم بعض المجموعات العيسوية التي تتبع للإقليم الصومالي، ولها خلافات مع بعض قيادات عفر، كما تربطها علاقات قبلية بالقومية الحاكمة في جيبوتي "العيسى".
ويقول الناشط هلال العفري "يتجدد هذا الصراع كل يوم منذ وصول الإصلاحيين المؤيدين لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد على رأس السلطة في الإقليم العفري، وبدأت حروب جديدة في المناطق نفسها، وكالعادة وقف الشعب العفري متصدياً لهذه المليشيات الإرهابية المدعومة من النظام الجيبوتي".
وأضاف "هذه المرة كان واضحاً تورط النظام الجيبوتي في زعزعة أمن واستقرار إقليم عفر، حيث شكل ونظم مجموعة من الشباب العيساوي يتزعمهم الفنان مصلح تحت اسم "بربرتا ستي"، وهي مجموعة من (ليو بوليس) أو البوليس الخاص الموالية لعبدي إيلي الحاكم السابق لإقليم أوغادين الإثيوبي والمعتقل لدى السلطات المركزية في أديس أبابا، إلى جانب جبهة عيسى وقورقا التي يتزعمها حسن بوح لمواجهة قومية الأورومو في ديردوا وشن حروباً على الأراضي العفرية".
وأفاد الناشط بأن رئيس النظام الجيبوتي استقبل الفنان مصلح في قصره، وكان في ضيافته بواسطة محمد جامع قائد حرسه الجمهوري، والوزير نجيب نجل زوجة الرئيس الجيبوتي والفنان الجيبوتي حسن ترابيز".
بدوره يقول السيد نور طاهر أحد أعيان إقليم عفر "الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله ودائرته الضيقة ورئيس الحرس الجمهوري المقرب منه العقيد محمد جامع، يشرف على إرسال الجنود والأسلحة للمليشيات، بل قوات جيبوتية مدججة بأحدث الأسلحة إلى المنطقة الشرقية في إثيوبيا".
وحسب مصادر لـ"العين الإخبارية" في إقليم عفر فقد ظهر الفنان مصلح زعيم شباب عيسى، الذي أثار العديد من التساؤلات في التحريض وسط المليشيات العيساوية وهو يحمل السلاح، ويحرض الشباب على عمليات التفجير والانتحار في سيارات الأمن العفري.
وبالمقابل خرج الفنان الجيبوتي حسن ترابيز على صفحته عبر لايف، ويطالب الحكومة الجيبوتية والشعب الصومالي في جيبوتي بإرسال الدعم العسكري للمليشيات في الإقليم العفري، وكان يجري هذا أمام الحكومة الجيبوتية التي لم تتخذ أي إجراء يذكر.