لا خيبة مع "صراع العروش".. فهدوء الحلقة الأولى ينذر بعاصفة تقتل الأخوة
ما الذي فعلته الحلقة الأولى من "صراع العروش" في هذا السياق يجعلنا نقول إنها لم تكن مخيبة للآمال كما يقول بعض النقاد؟
أولئك الذين وجدوا في البداية الهادئة للحلقة الأولى من الموسم الثامن لـ"صراع العروش" خيبة لم يكن ينتظرونها، فاتهم أن القفزات الكبيرة تحتاج لالتقاط نفس عميق قبلها، وكذلك هي الدراما، فالحدث الذي شاهدناه هو بداية الموسم الثامن من الحكاية، ليس حلقة بعد الأخيرة من الموسم السابع، ومن ثم فإن خفض التوتر في هذه الحلقة وجعل الشخصيات تسترخي قليلاً هو ضرورة لبناء الصراع المركزي المأمول في القصة، وهو الذي أجد أنه لن يتأخر لمسه في الحلقات المقبلة.
غير أن خفض التوتر الدرامي في البناء العام للحبكة لا بد أن يكون أسلوبا في الحالات المشابهة لحكاية امتدت 7 مواسم دون انقطاع، لإضافة المزيد من الاهتمام والتشويق، عبر إدخال تقلبات في حيوات الأبطال وصولاً إلى الحدث المحفز للحبكة المركزية الخاصة بهذا الموسم، وهي هنا وفق ما حددته أحداث الحلقة الأولى المواجهة المرتقبة للتحالف الذي يقوده "جون سنو" و"دانيريس تارجيريان" ضد "جيش الموتى"، وتالياً تجاوز المكيدة التي تعدها الملكة "سيرسي لانستر" للطرفين المتحاربين، وصولاً إلى جلوس واحد من شخصيات العمل المحتملة على العرش الحديدي ملكاً للممالك السبعة.
فما الذي فعلته الحلقة الأولى من "صراع العروش" في هذا السياق يجعلنا نقول إنها لم تكن مخيبة للآمال كما يقول بعض النقاد، وكان ضرورة لتسارع الأحداث وتصاعدها وازديادها تشويقا وجاذبية؟
باختصار: انشغلت الحلقة الأولى بتقويض أي علاقة مستقرة، فكشفت بوضوح أن التئام شمل الأخوة من "آل ستارك" ليس سوى بداية للخصام بينهم، وأن العلاقة القوية والرومانسية التي تجمع بين "جون سنو" و"دانيريس تارجريان" مرشحة للوقوف على حافة بركان، من المتوقع أن ينفجر بهما في أي لحظة، بل إن التحالف المعقود ضد "جيش الموتى" برمته على حافة هذا البركان، دون أن تكيد له "سيرسي لانستر" أصلاً.
ولعل أبلغ ما قالته لنا الحلقة الأولى من صراع العروش 8، إن المعركة مع "جيش الموتى" ستكون دراميا من أبسط المعارك التي سيخوضها جون سنو، وإن كانت فنياً قد تكون أكبر.
أما أعقد الممالك التي سيخوضها الرجل، فستكون تلك التي سيخوضها وسط أهله في مملكة الشمال تارة، وفي أعماقه مع ذاته تارة أخرى، وبناء على هذه المعارك المتوقعة وما ستؤول إليه ستأخذنا الحكاية نحو مطارح جديدة من الصراع.
فالشاب الذي يعتقد أنه تنازل عن عرش مملكة الشمال دفاعاً عن أهلها، لن يجد في المملكة كلها من يقف إلى جانب قناعته تلك، وفي مقدمتهم أخته "سانسا ستارك" التي ترفض بالأساس الخضوع لحكم "دانيريس تارجريان"، ويجتمع حول قرارها هذا أهل الشمال بما فيهم "آريا ستارك" التي عبرت عن تأييدها لقرار "سانسا" صراحة أمام جون، ولن يتأخر بدوره "بران ستارك" للدخول في الخط الرافض لتحالفات جون سنو، مع وصول "جيمي لانستر"، الذي كان السبب في إعاقة بارك إلى مملكة الشمال، للانضمام إلى جيش "دانيريس تارجريان" ضد "جيش الموتى".
الأخوة ستارك لن يكونوا وحدهم الرافضين، فلا تمضي الحلقة قبل أن يزداد الرافضين لـ"دانيريس تارجريان"، إذ اعترفت هذه الأخيرة بأنها قتلت والد سام تارلي وشقيقه لأنهما رفضا مبايعتها بعرش الممالك السبعة، ومن الطبيعي أن يسارع سام لتقويض علاقة صديقه جون معها، وهو ما بدأ بالقيام به بالفعل حين سارع لإخبار جون سنو بأنه الوريث الشرعي للعرش الحديدي، كونه ابن "ريجان تارجريان" وعمته "ليانا ستارك"، ومن ثم هو الأحق بحكم الممالك السبعة.
بهذا الاعتراف لا بد أن ينتقل جون سنو إلى مستوى أعلى من الصراع، فإذا لم يكن رفض أخوته من "آل ستارك" وصديقه سام وربما أهل الشمال للملكة دانيريس كافياً لينقلب عليها، فبالغالب ستكون حقيقة أن هذا الأخير هو الوريث الشرعي للعرش كافية لإحداث شرخ في العلاقة بينهما، ولندع مسألة أن هذه الأخيرة قريبته بالدم، ففي المواسم السبعة لم يكن لقرابة الدم أي حسابات في فعل القتل طمعاً بالسلطة، وما لم ينقلب هو على دانيريس فليس من المستبعد أن تنقلب هي عليه وتسلط تنانينها لقتله.
ومهما تكن خياراته سيكون جون سنو أشبه بجسد ينخر به كره كل من حوله للمرأة التي يحبها، هل سيزهد بالعرش؟
ربما يفعل ذلك، لكن الجميع حوله لن يسمحوا له بذلك، وبالغالب ستصير دانيريس هدفا لهم بالقتل هذه المرة، بإثارة الضغينة في قلبه ضدها، هذا ما لم يدفع الطمع شخصية مثل "سانسا ستارك" تطمح لتولي الملك، إلى ارتكاب حماقة تستهدف الاثنين معاً، أي جون ودانيريس.
معارك الأخوة لن تنتهي عند حدود مملكة الشمال، فثمة معركة مرتقبة أخرى في "كينغرلاندينغ"، لا بد أن يخوضها الأخوان "جيمي" و"تيريون" لانستر، ما أن يكشفوا خطة أختهم "سيرسي" بالقضاء عليهم، ونيران المعركة لا بد أن تستعر مع الضغينة التي بدأت سانسا ستارك في إثارتها في قلب تيريون ضد سيرسي، حين أشارت إليه بوضوح أنها كانت تظن أنه أذكى رجل في العالم حتى اللحظة التي اعتقد فيها أن أخته ستتحالف مع الشمال للقضاء على جيش الموتى لا لرغبتها في الحياة، وإلى جانب هاتين المعركتين ثمة معركة بين الأخوة أيضاً ستكون وسط "آل غرايجوي".
وفق هذه الصورة لا تبدو أن الأمور سهلة وميسرة كما توحي الأمور.. وحتى لو قضي في الحلقة المقبلة على "جيش الموتى" أو تأخر ذلك للحلقة الأخيرة، فثم معارك أعقد في الأفق.. ربما لن نشهد فيها صليل السيوف وغباراً كثيفاً وفوضى التنانين والموتى البيض وسواها، ولكنها ستكون أكثر تشويقا وجاذبية بالتأكيد.. وأكثر إثارة للجدل.
نعم.. عنوان الصراع ليس يتصدره هذه المرة النزاع حول عرش الممالك السبعة وحده، وإنما صراع للبقاء على قيد الحياة مع أقرب الناس إليك.
aXA6IDE4LjExOS4xMDUuMTU1IA== جزيرة ام اند امز