رواية قطر حول "تعرية النساء".. صدمة تبرير الجريمة
فيما تترقب المسافرات الضحايا اللاتي تم تعريتهن قسرا بمطار الدوحة، وفحصهن بشكل مذل، محاسبة المسؤولين، صدمتهم قطر بفضيحة جديدة.
بيان أصدرته النيابة القطرية، قبل أيام، وبعد نحو شهرين على الجريمة تضمن دفاعا واضحا عن المتهمين بتعرية النساء بمطار حمد، وتبرير ما قاموا به، شكل صدمة جديدة للضحايا، الذين ما زالوا يعانين الصدمة النفسية جراء ما تعرضن له في قطر.
البيان القطري تضمن أيضا سقطات بالجملة تكشفها "العين الإخبارية" في السطور التالية.
يأتي هذا في وقت ما زالت تتكشف فيه المزيد من التفاصيل الصادمة والمؤلمة حول الجريمة التي ارتكبها أمن مطار الدوحة بعد العثور على طفلة رضيعة في المطار، ووصفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" ما ارتكبه الأمن القطري بأنه يرقى "إلى مستوى الاعتداء الجنسي".
في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أجبر الأمن القطري نساء مسافرات على متن 10 رحلات جوية بمطار حمد الدولي على النزول من طائراتهن وتعريتهن قسرا، وإجبارهن على الخضوع لعمليات تفتيش وفحص طبي مهين ومذل، بعد العثور على رضيعة حديثة الولادة بالمطار.
ومن بين هؤلاء النساء 13 أسترالية، وهن من فضحن ما قامت به سلطات الدوحة من تفتيش مهين لهن ولغيرهن، وطالبن سلطات بلادهن باسترداد حقوقهن.
وعلى خلفية ضغوط أسترالية، اعترفت قطر بعد 26 يوما بالواقعة، مبررة تلك الإجراءات بأن الهدف منها الحيلولة دون فرار الجناة والمتورطين فيها ومغادرتهم الدولة.
وإزاء تزايد الغضب الدولي، بدأت قطر تتفهم أنها لن تستطيع التملص من جريمتها بتبريرها، فقدم خالد بن خليفة آل ثاني رئيس وزراء قطر اعتذارا عما حدث نهاية الشهر نفسه.
كما أصدر مكتب الاتصال الحكومي القطري بيانا كشف أن التحقيقات الأولية أسفرت عن وجود ما وصفها بـ"تجاوزات في الإجراءات التي تم اتباعها ضد المسافرات".
ولفت إلى أنه "تمت إحالة الواقعة والمسؤولين عن هذه التجاوزات والإجراءات غير القانونية إلى النيابة العامة المختصة بحسب الإجراءات المتبعة".
وفيما كان يترقب الضحايا نتائج التحقيق، أصدرت النيابة القطرية بيانا جديدا، قبل أيام تشيد فيها بأمن المطار، مشيرة إلى أنه "قام بواجبه القانوني " في البحث والتحري عن مرتكب جريمة إلقاء رضيعة في المطار.
ودافع البيان عما قام به أمن المطار بشأن تعرية المسافرات وإخضاعهن لفحص طبي مهين ومذل، مشيرة إلى أن "بعض الموظفين تجاوزوا في الإجراءات -اعتقاداً منهم بصحتها- موجبات القانون".
ثم تكرر نفس الدفاع في البيان نفسه مرة أخرى، قائلة إنهم تصرفوا بهذا الشكل "اعتقاداً منهم أن ما قاموا به مطابق للقانون".
وفي محاولة لتبرئة المسؤولين الكبار في المطار عن الجريمة، زعم البيان أن من قام بتلك الجريمة تصرف بشكل "منفرد".
وكشفت النيابة العامة القطرية في بيانها أن التحقيقات كشف أن والدة الرضيعة التي تم العثور عليها في المطار "هي من جنسية إحدى الدول الآسيوية، وقد ارتبطت بعلاقة مع شخص آخر من جنسية إحدى الدول الآسيوية كذلك، نجم عن هذه العلاقة الطفلة المعثور عليها، فبادرت الأم أثناء مغادرتها البلاد بإلقاء الطفلة حديثة الولادة في سلة المهملات داخل إحدى دورات المياه بصالة المغادرة بالمطار، واستقلت الطائرة الى وجهتها".
وبعد دفاعها عن المتهمين من موظفي المطار، اختتمت النيابة العامة، بيانها بأنه تم إحالتهم إلى المحكمة.
تحليل ما تضمنه بيان النيابة القطرية يتضمن فضائح بالجملة للدوحة، بدءا من دفاعها عن قيام أمن المطار بتفتيش النساء في 10 طائرات بالمطار بزعم أنهم كانوا يعتقدون أنهم يطبقون القانون.
وهو تبرير -لو أخذنا بصحته حتى- فضيحة كبرى لمطار حمد، فقيام موظفين بجريمة جماعية وتفتيش نساء في 10 طائرات، وهم يعتقدون أنهم يطبقون القانون يثير تساؤلات كثيرة حول كفاءة المطار والعاملين فيه.
أيضا من الصعب على أي عقل أن يستوعب أن يقوم موظفون -مهما كان مستوى كفاءتهم- باتخاذ قرار "منفرد" بتفيش نساء في 10 طائرات بالمطار، دون الرجوع للمسؤلين الكبار في المطار، وعلى رأسهم أكبر الباكر الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية، الذي سبق أن وجه تصريحات عنصرية ضد النساء.
كان من اللافت أيضا تحول النيابة العامة من الادعاء إلى الدفاع عن موظفي مطار حمد، وهو أمر يثير تساؤلات حول جدية المحاكمة.
أيضا خلا بيان النيابة العامة القطرية من أي بنود تتحدث عن تعويض الضحايا وحقوقهن بعد ما جرى لهن.
كذلك فإن قيام مسافرة بالدخول برضيع برفقتها في المطار ثم إلقاءه في الحمام والسفر لوجهتها دون أن يكتشف أحد الأمر، ثم التنكيل بضحايا في طائرات أخرى، هي فضيحة أخرى لأمن المطار الذي مجده بيان النيابة العامة.
كما أن الإعلان الغامض عن هوية أم الرضيعة بعد نحو شهرين من الجريمة، وهو في حد ذاته فضيحة ويثير تساؤلات حول الإجراءات الأمنية المتبعة في المطار وكفاءتها.
يأتي هذا فيما لا تزال تتكشف المزيد من التفاصيل حول ما جرى في المطار.
إحدى الضحايا كشفت السبت الماضي في برنامج "60 دقيقة" الأسترالي عن تلك التفاصيل، بعد تحذير قاطع من البرنامج حول "خطورة" قطر على النساء الأجنبيات بعد واقعة "فحص المطار".
الضحية التي عرفت نفسها باسم "جين"، قالت إنه بعد الصعود على متن طائرة الخطوط الجوية القطرية المتجهة إلى سيدني "اختطفنا حراس مدججون بالسلاح أنا وراكبات أستراليات أخريات من الطائرة".
وتابعت الضحية الأسترالية: "عند المدرج كانت هناك سيارات إسعاف تنتظر الراكبات.. ثم أجبرونا على دخول سيارات الإسعاف وقيل لنا إنهم في حاجة إلى فحص طبي لأنه تم العثور على طفل داخل صندوق الحمام في المطار".
وأوضحت "طُلب منا الاستلقاء على نقالة وخلع ملابسنا الداخلية لتفحصها امرأة أخرى".
"وتضيف جين لبرنامج "90 دقيقة" الأسترالي "شعرنا وكأننا مجرمون، ظللت أفكر، إذا اعتقدوا أنني مذنبة بشيء ما، ماذا سيحدث لي في هذا البلد؟".
مقدمة البرنامج أكدت أن الحادث يجب أن يدفع الركاب إلى إعادة النظر في اختيار الدوحة كوجهة عبور.
وتختم جين روايتها عن فضيحة مطار الدوحة بحقيقة توصلت إليها، مفادها أن "قطر تروج لنفسها كدولة حديثة وتقدمية ترحب بالزوار الأجانب وتحترمهم لكن هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة. في الواقع، قطر وجهة خطرة، خاصة بالنسبة للمرأة الغربية".
بدوره كشف شاهد في قضية المسافرات الأستراليات، يدعى ولفغانغ بابيك، تفاصيل جديدة في الاعتداء على الراكبات الأستراليات في مطار حمد الدولي.
وقال بابيك لـقناة "العربية" الخميس: "ضباط أمن قطريون صعدوا للطائرة وبدأوا بإنزال الراكبات، واقتيادهن دون اعتبار لحالتهن الجسدية"، وتحفظ عن ذكر الكثير من الأمور لحساسيتها للضحايا.
ولفت إلى أن "المسافرات ما زلن تحت الصدمة ويتلقين علاجاً نفسياً".
وبين أن "ضحايا رحلة الدوحة يسعين خلف حقوقهن وليس وراء التعويضات"، مشيراً إلى أنه "تم تكليفي كمحام للدفاع عن حقوق الراكبات".
وذكر أن "السيدات خضعن لفحص نسائي مهين في مطار الدوحة"، مشدداً: "نحرص على عدم تكرار تجربة مطار الدوحة. ما حصل يمثل عنفاً وتمييزاً ضد المرأة، ويجب تعويض النساء اللواتي تعرضن لمحنة في رحلة الدوحة".
aXA6IDMuMTM4LjM3LjQzIA== جزيرة ام اند امز