«جدار المسيرات».. خيار «الناتو» لتأمين الحدود الشرقية

تشهد الحدود الشرقية لحلف شمال الأطلسي (الناتو) تنفيذ مبادرة دفاعية طموحة لتعزيز أنظمة المراقبة وقدرات الردع في زمن الحرب.
يُعرف هذا المشروع باسم "جدار الطائرات المُسيّرة"، ويهدف إلى إنشاء شبكة متكاملة من الأنظمة الجوية غير المأهولة تمتد من النرويج شمالاً إلى بولندا جنوباً، باستخدام تقنيات متطورة لمواجهة التهديدات العسكرية وغير التقليدية، بحسب مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
وصُمم هذا الجدار ليكون درعاً إلكترونياً يوفر إنذاراً مبكراً واستطلاعاً مستمراً على امتداد المناطق الحدودية الحساسة مع روسيا، في خطوة ترمز إلى تعزيز السيادة الأوروبية وتوحيد الجهود لمواجهة التكتيكات الهجينة التي تُوظفها موسكو.
كما يأتي المشروع أيضاً، بحسب "نيوزويك"، كاستجابة للتوجه الأوروبي نحو الاعتماد على الذات في المجال الدفاعي، خاصة مع تصاعد المخاوف من تراجع الدعم الأمريكي لـ"الناتو"، لا سيما في ظل دعوات الرئيس دونالد ترامب المتكررة لزيادة الإنفاق العسكري الأوروبي.
قيادة ألمانية وتعاون عابر للحدود
وتُمثل هذه الخطة الطموحة، التي تقودها ألمانيا وتشارك فيها ست دول أعضاء في "الناتو"، واحدة من أكبر عمليات نشر أنظمة الاستطلاع ومكافحة الطائرات المسيّرة في التاريخ الحديث.
ووصف القادة المشاركون المبادرة بأنها "أداة ردع استراتيجية" تتكيف مع طبيعة الحروب المتسارعة التطور.
ووفقا للتقرير، فإن شبكة الطائرات بدون طيار المقترحة هي "جدار" فعلي من طائرات الاستطلاع المدعومة بالذكاء الاصطناعي وبشبكة من أجهزة الاستشعار، ومراقبة الأقمار الصناعية، ومنصات إجراءات مضادة متنقلة مصممة لكشف التهديدات المحتملة وتعطيلها.
الاستقلالية التكنولوجية
في هذا السياق، أشار مارتن كاركور، رئيس المبيعات في "كوانتوم سيستمز"، إلى إمكانية نشر الطبقة الأولى من المشروع خلال عام واحد باستخدام تقنيات موجودة بالفعل، مشدداً على أهمية الاعتماد على الأنظمة الأوروبية لضمان السيطرة على البيانات الحساسة وتجنب التبعية للضمانات الأمريكية.
وشاركت دول البلطيق، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وفنلندا وبولندا في المبادرة، حيث طورت شركات مثل "ديفسيك إنتل سوليوشنز" نظام "إريشيلد" المتعدد الطبقات، الذي يدمج الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستشعار لمنع الهجمات الجوية.
كما أعلنت ليتوانيا عن مشروعها "درع الشرق"، الذي يشمل بناء بنية تحتية مراقبة على امتداد 700 كيلومتر.
ويرى الخبراء أن هذا الجدار ليس مجرد أداة دفاعية، بل رمزاً لقدرة أوروبا الصناعية وتضامنها في مواجهة التحديات الأمنية.
وبحسب بيان لاتحاد "ديفنس إستونيا"، أثبتت الحرب في أوكرانيا أن الطائرات المسيّرة أصبحت عنصراً حاسماً في الهجمات الحديثة، مما يستدعي تطوير حلول مبتكرة.
وأوضح جوندبرت شيرف، الخبير في الذكاء الاصطناعي الدفاعي، أن نشر آلاف الطائرات المسيّرة في المنطقة سيشكل رادعاً فعالاً ضد أي "عدوان محتمل".
تدعم الحكومات المشاركة المشروع بتمويل مشترك، حيث خصصت إستونيا مبلغ 12 مليون يورو على ثلاث سنوات لدعم شركات مثل "رانتلون" و"ماردوك تكنولوجيز".