«جدار الشرق».. مشروع «حماية» أوروبا يهدد تماسك القارة

باندلاع الحرب الأوكرانية، تغيّرت قواعد استخدام المسيرات، فلم تعد مجرد أدوات استنزاف، بل تحولت إلى هندسة قتالية تتغير كل بضعة أسابيع، تُرسم بها حدود الاشتباك، وتُقاس على وقعها جاهزية الدول للحرب الحديثة.
فمن «صندوق القتل» الأوكراني إلى «خط الطائرات دون طيار» الليتواني، باتت المُسيرات عنوانًا لعقيدة دفاعية جديدة على أطراف الناتو.
تلك التطورات أثارت تساؤلات بشأن مدى جاهزية الدول، لتدشين دفاعات مصممة للحماية من ذلك التهديد الذي يمكن أن تشكله المسيرات.
جدار الشرق
يقول رئيس الوزراء الليتواني السابق أندريوس كوبيليوس لمحطة LRT التلفزيونية المحلية إن ليتوانيا، الدولة الواقعة في بحر البلطيق التي تواجه روسيا، ينبغي أن تبني «جدارا دفاعيا دون طيار» مع جيرانها.
كوبيليوس أضاف: «لا يقتصر الأمر اليوم على إنتاج أو تخزين الطائرات المسيرة فحسب. نحتاج إلى فرق مدربة جاهزة لتصنيع العدد اللازم من الطائرات المسيرة بسرعة وفي أي وقت، بما يتناسب مع احتياجات جدار الطائرات المسيرة».
واخترقت طائرة دون طيار المجال الجوي الليتواني قادمة من بيلاروسيا، الحليف الرئيسي لروسيا، في 10 يوليو/تموز. وتحطمت الطائرة بالقرب من الحدود في حين كان كبار المسؤولين يتجهون إلى الملاجئ، حسبما ذكرت وسائل إعلام محلية.
وقال كوبيليوس «إن هذا الحادث يظهر أن احتمال دخول طائرة دون طيار إلى الأراضي الليتوانية حقيقي».
وصرح وزير الخارجية الليتواني كيستوتيس بودريس: "رسالتنا هي أن هذا الأمر خطير".
وبحسب صحيفة «نيوزويك» الأمريكية، فإن مفهوم «جدار الطائرات دون طيار» ليس جديدًا، لكن شكله الدقيق على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو لا يزال غير واضح.
وصرحت وزيرة الداخلية الليتوانية آنذاك، أغني بيلوتايتي، في مايو/أيار 2024 بأنه سيتم إنشاء «حدود طائرات دون طيار»، تمتد من النرويج إلى بولندا.
وستُضاف الطائرات المسيّرة إلى الحواجز المادية وأنظمة المراقبة لـ«تتيح لنا حماية أنفسنا من استفزازات الدول المعادية»، وفقًا لتصريح بيلوتايتي آنذاك. وذكرت وسائل إعلام إقليمية آنذاك أن «الجدار» سيستخدم أيضًا تقنية مضادة للطائرات المسيّرة.
وقال إيد أرنولد، وهو باحث كبير في الأمن الأوروبي في معهد الخدمات الملكية المتحدة (RUSI)، لصحيفة نيوزويك: «إن الاستراتيجية الجديدة ستركز بشكل أساسي على ضمان عدم قدرة روسيا على العمل بشكل فعال في منطقة محددة، تُعرف باسم صندوق القتل أو منطقة القتل».
وقال أرنولد إنه من الممكن نشر الطائرات بدون طيار على الحدود، بما في ذلك في أماكن مخفية، مع دمجها مع المدفعية.
وفي وقت سابق من هذا العام، رفضت المفوضية الأوروبية تمويل جدار الطائرات المسيّرة. وصرح رئيس الوزراء الليتواني جينتوتاس بالوكاس بأن بلاده ستحتاج إلى بناء قدراتها على المستوى الوطني.
وقال بالوكاس، بحسب وسائل إعلام ليتوانية: «أوروبا كبيرة، والمصالح تختلف، وفي بعض الأحيان ما يشكل نقطة حساسة وحاسمة بالنسبة لنا ليس كذلك بالنسبة لأوروبا».
مبادرات مشابهة:
وأعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية في وقت سابق من هذا العام أن الرئيس فولوديمير زيلينسكي أطلق «مشروعًا واسع النطاق» يُعرف باسم «خط الطائرات المسيرة»، وهو مصمم لإنشاء «منطقة قتل» يصل طولها إلى 15 كيلومترًا.
وأوضحت كييف أن «خط الطائرات المسيرة» سيُبنى باستخدام طائرات مسيرة، وأنظمة حرب إلكترونية، وأنواع مختلفة من المركبات، ومعدات أخرى.
وهناك العديد من المبادرات الجارية لتعزيز دفاعات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الشرق. وقّعت دول البلطيق الثلاث، لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، اتفاقية في يناير/كانون الثاني 2024 لتعزيز الحماية على طول حدودها البرية مع روسيا وبيلاروسيا، المعروفة باسم خط دفاع البلطيق. ولدى بولندا برنامجها الخاص، المسمى «درع الشرق».
وتحتل الدفاعات المضادة للدبابات، مثل الألغام والكتل الخرسانية المعروفة باسم «أسنان التنين»، أيضًا أراضي حلف شمال الأطلسي القريبة من الأراضي الروسية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjAzIA== جزيرة ام اند امز