إدوارد وليام لين.. مستشرق بريطاني يوثق عادات المصريين في رمضان
الرحالة البريطاني إدوارد وليام يوثق الأجواء الرمضانية بمصر في كتاب "عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم" خلال زيارة القاهرة سنة 1833
زار الرحالة البريطاني إدوارد وليام لين مصر أكثر من مرة، أبرزها زيارة عام 1833، إذ كانت أكثرها اقتراباً بعادات وطقوس المصريين، خاصة أنها تزامنت مع احتفالهم بشهر رمضان الكريم.
وأبرز "لين" هذه الزيارة في كتابه "عادات المصريين المحدثين وتقاليدهم"، الذي صدر في جزأين عام 1836، وترجمته إلى العربية سهير دسّوم عن مكتبة "مدبولي" بالقاهرة.
وفي كتابه الذي يضم انطباعاته على مدار عامين بين 1833 و1835، قضاهما "لين" لاستكمال هذا الكتاب، توقف كثيرا عند ليلة رؤية الهلال، التي رغم بديهيتها لدى المسلمين، فإن فكرتها اجتذبته كثيراً ففاض في وصف طقوسها واستعداد الأهالي لها في مصر، بداية من تخصيص موكب خاص للرؤية له طابع احتفالي.
وقال "لين" عن هذا الاحتفال: "ينطلق المُحتسب وشيوخ بعض التجارات المختلفة: الخبّازون، والطحّانون، والجزّارون، وبائعو اللحم، والزّياتون والخضرجيون، ولفيف من أعضاء هذه التجارات، وفرق المزيكاتيين، والفقراء ويرأسهم الجنود في هذه الليلة في موكب يبدأ من القلعة وينتهي عند محكمة القاضي، وهناك ينتظرون عودة أحد الذين ذهبوا لتحري الرؤية، أو شهادة مسلم آخر رأى القمر هلالا، ويحتشد الناس في الشوارع وهم يهتفون عند مرور الموكب: بركة، بركة.. بارك الله عليك يا رسول الله".
وبعدها يحين وقت الحسم كما يُدون "لين": "بعد أن يصل الخبر اليقين لرؤية الهلال إلى محكمة القاضي، ينقسم الجنود والمحتشدون فرقاً عديدة، ويعود فريق منهم إلى القلعة، بينما تطوف الفرق الأخرى في أحياء مختلفة في المدينة ويهتفون: يا أتباع أفضل خلق الله صوموا.. صوموا".
وتابع "لين": "إذا لم يروا الهلال في تلك الليلة، يُصيح المنادي (غداً شعبان، لا صيام، لا صيام)، ويمضي المصريون وقتاً كبيراً في تلك الليلة يأكلون ويشربون، وترتسم البهجة على وجوههم، كما لو كانوا تحرروا من شقاء يوم صيام، وتتلألأ الجوامع بالأنوار كما في الليالي المتعاقبة، وتُعلق المصابيح عند مداخل المآذن وأعلاها".
ومع حلول ساعات الصيام، يلاحظ "لين" تماهي المصريين في تأدية فريضة الصوم، ويرصد مواظبة الكثيرين على الصلاة في جامع الحسين، ورؤية التجار في متاجرهم يتلون آيات من القرآن، ويوزعون الخبز على الفقراء.
وينتقل إلى وصف موائد الإفطار، فيقول في كتابه: "يضع أبناء الطبقتين المتوسطة والغنية طوال شهر رمضان كراسي الإفطار (المائدة) في الحجرة التي يستقبل فيها سيد المنزل زوّاره قُبيل المغيب بدقائق معدودة".
وأضاف: "تُثّبت صينية فوق هذه المائدة تزينها أطباق الزبيب، والتمر المجفف، والتين المجفف، والكعك، والبندق المُحّمص، والجوز، وبعض قُلل الشربات من السكر والماء، ويزيدون فنجاناً أو فنجانين إضافة إلى عدد الأشخاص في المنزل للزوّار الذين يحضرون بغتة فيشاركون الشراب".
وتابع: "يتناول سيد المنزل بعد آذان المغرب -الذي يُرفع بعد المغيب بأربع دقائق- مع لفيف من أفراد عائلته أو أصدقائه كأساً من الشربات، ويجلسون بعد تناول هذا الشراب المُنعش لتناول الفطور الدسم المؤلف من اللحم وغيره من أطايب الطعام".
ويتطرق "لين" للحديث عن صلاة التراويح، والسحور، مروراً بالمسحراتي الذي واظب على انتظاره كل ليلة وكتب عنه قائلاً: "ويدور المُسحِّرون كل ليلة في شهر رمضان فيطلقون المدائح أمام منزل كل مسلم قادر على مجازاتهم, ويعلنون في ساعة متأخرة فترة السحور".
ويضيف: "لكل منطقة صغيرة في القاهرة مُسحِّرها الخاص الذي يبدأ جولته بعد ساعتين تقريباً من المغيب. فيحمل في يده اليسرى (بازا) صغيراً، أو ما يُعرف بطبلة المُسحِّر وفي يده اليمنى عصاً صغيرة، ويرافقه في جولته صبي يحمل قنديلين في إطار من أعواد النخل".
وأوضح: "يتوقفون أمام منزل كل مسلم غني، ويضرب المُسحِّر بازه عند كل وقفة ثلاث مرات، ثم يُطلق المدائح النبوية منادياً بالصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وبتوحيد الله فيقول: اصح يا غفلان.. وحِّد الرحمن".
aXA6IDE4LjExOC4xMzcuOTYg
جزيرة ام اند امز