هل أنت نرجسي؟.. احترس من الاكتئاب
بحث أمريكي جديد يبين مظاهر النرجسية وارتباطها بإصابة الشخص بالاكتئاب.. كيف؟
كشف بحث أمريكي جديد عن وجود ارتباط بين النرجسية كاضطراب سريري خطير في الشخصية وبين الإصابة بالاكتئاب.
ويوضح سيث روزنتال، الباحث المتخصص في برنامج تغير مناخ التواصل بجامعة ييل الأمريكية، الارتباط الذي كشفه البحث "أن الشخص النرجسي يشعر بالتفوق على غيره، لكنه لا يشعر بالضرورة بالرضى عن نفسه كـشخص".
ويؤكد عالم النفس التنموي برو ميلمان، الزميل بجامعة ستانفورد، أن "ذلك الصراع هو في صميم المفهوم الجديد للنرجسية، الذي يركز كثيرا على ارتباط الاكتئاب بالشعور بالعظمة".
ويقول روزنتال: "يفترض البحث أن النرجسيين لديهم حاجة مستمرة للتأكيد للعالم من حولهم على إحساسهم بالعظمة، وعند اصطدامهم بالواقع، فإن ردود أفعالهم تتبلور في الإصابة بالاكتئاب".
من جانبه، يقول ستيفن أوبريتش، رئيس الجمعية الدولية لاضطرابات الشخصية والأستاذ بجامعة ديترويت ميرسى، "عندما تحدث نكسة واضحة للشخص النرجسي، مثل فقدان الوظيفة أو الطلاق أو حتى عدم نجاح خطة ما وضعها، فإن الصورة الذاتية المصقولة بعناية لشخص نرجسي، يعتبره هجوما حقيقيا على ذاته". ويضيف: "حتى الأشخاص الذين يتمتعون بحالة ذهنية صحية يعانون من التعامل مع مثل تلك التحولات الدرامية، لكن بالنسبة للشخصيات النرجسية، تكون الخسارة صعبة للغاية، لأنها تعنى الضعف والوهن، وتعني أن الشخص في الواقع ليس محصنا ضد تحديات الحياة وتقلباتها ".
من ناحية أخرى، يرى بروميلمان أن الشخص النرجسي، عندما لا يحصل على الإعجاب الذي يسعى إليه، يتحول إلى الغضب والدفاعية في مثل تلك اللحظات لشعوره بالحرج الشديد ويعمد إلى مهاجمة الآخرين بشدة، ومن غير المرجح أن يكون للآخرين نفس مستوى رد الفعل من نوبات الانفعال العدائي تجاه الآخرين.
وفى هذا الصدد، يقول عالم النفس كريج مالكين، المحاضر بكلية الطب جامعة هارفارد ومؤلف كتاب "إعادة النظر في النرجسية": "تتسم ردود أفعال النرجسيين بالسوء حتى لأقل نقد، ويحتاجون إلى من يطمئنهم بشكل مستمر، لأنها الطريقة التي يشعرون من خلالها أنهم استثنائيون ومميزون قد تكون انعكاسا في الواقع لشيء سلبي: فهم ربما يرون أنفسهم أنهم أبشع الأشخاص في مكان ما، أو يشعرون أنهم عباقرة يسيئ العالم فهمهم ويرفض الاعتراف بمواهبهم، ويكون تمسكهم بالنرجسية تعزيزا للذات، فهم يرون أن أفكارهم وسلوكياتهم وكلامهم تميزهم عن غيرهم، وهذا الشعور من التمييز يهدئهم لأنهم يعانون من إحساس غير مستقر للذات".
ومن ناحية أخرى، ووفقا للعلماء يردد الناس مصطلح النرجسية في كل مكان، لكن في الحقيقة، تتم إساءة استخدام المصطلح بشكل كبير حيث يستخدمه الناس لوصف أي شخص يسيء إليهم. ويجمع الباحثون على رفض الاستخدام العام لمصطلح النرجسية، معربين عن القلق من إساءة استخدام المصطلح المقصود به التعبير عن اضطراب سريري خطير، حيث يميل الناس إلى وصف الآخرين بالنرجسية بعد كل انفصال عاطفي، أو نزاع عائلي.
ويقول الباحث النفسي سيث روزنتال: "نستعمل هذا المصطلح كثيرا عندما يُظهر أي شخص ولو قدرا ضئيلا من التفاخر أو الثقة بالذات. ربما يكون لدى هؤلاء الأفراد سمات شخصية تبدو مماثلة للنرجسية، ولكن حتى يمكن وصف شخص بأنه نرجسي، لا بد أن يكون لديه عدد من الدوافع والسلوكيات الأخرى".
والأمر الذي يقلق الخبراء بشكل أكبر، هو الرفض الثقافي للتعابير السليمة والصحية لإنصاف شخص ما بالثقة أو احترام الذات. حيث يقول عالم النفس ديفيد لودين "تقدير الذات" صفة صحية، لكن "النرجسية" شيء مختلف تماما.