الأزهر والكنيسة.. منابر مصرية تحلق في سماء أفريقيا
مفكرون وخبراء لـ"العين الإخبارية": الأزهر والكنيسة ساهما في توطيد العلاقات المصرية الأفريقية ونشر التعاليم الدينية السمحة.
يلعب الأزهر الشريف والكنيسة المصرية دوراً بارزاً في التأثير المصري داخل القارة الأفريقية، حتى بات يطلق عليهما "قوة مصر الناعمة".
يرى مفكرون وخبراء تحدثوا لـ"العين الإخبارية" أن الأزهر والكنيسة ساهما منذ عشرات السنين بشكل كبير في توطيد العلاقات المصرية ــ الأفريقية، فضلا عن نشر التعاليم الدينية السمحة في ربوع القارة، في إطار جهود نبذ العنف والتطرف.
وتشير الأرقام الرسمية إلى وجود 562 مبعوثا أزهريا موزعين على أكثر من 30 دولة أفريقية لتلبية احتياجات القارة من حيث تخصصات العلوم الشرعية واللغة العربية، وبعض التخصصات الثقافية، كما أن لديه 16 معهدا في الدول الأفريقية.
- الأزهر الشريف.. صرح إسلامي يهدي العالم تعاليم السماحة
- الإفتاء المصرية: مصر قادرة على تحقيق التنمية المستدامة في أفريقيا
بالإضافة إلى ذلك يوجد نحو 8 آلاف وافد أفريقي يدرسون في الأزهر بالقاهرة، منهم 2437 يدرسون بمنح دراسية على حساب الأزهر، فيما وصل عدد الوافدين من غير متلقي هذه المنح إلى 6500 طالب.
الدكتور عبد الله النجار، عميد كلية الدراسات العليا بجامعة الأزهر الأسبق، اعتبر أن "جهود الأزهر الشريف لا يقتصر فقط على نشر تعاليم الدين الإسلامي الصحيحة واللغة العربية، بل إن لديه دورا ثقافيا وتنويريا وعلميا، أهله ليكتسب لقب قوة مصر الناعمة في أفريقا والعالم".
وأوضح النجار في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن "الأزهر يقوم بواجبه تجاه القارة الأفريقية منذ عشرات السنوات، بما فيها إرسال القوافل الطبية والإغاثية وبرامج تدريب الأئمة الأفارقة على مواجهة الفكر المتطرف والتحديات المختلفة التي تعيشها مجتمعاتهم، حيث تسعى الدول الأفريقية للاستفادة من الخبرة المصرية في شتى المجالات ومن بينها الدينية".
وأشار إلى قيام جامعة الأزهر بإنشاء قسم اللغات الأفريقية لتدريس اللغات الأفريقية الأكثر انتشاراً في القارة بهدف التواصل مع المجتمعات الأفريقية.
ومع تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي، العام الجاري 2019، أكد الأزهر استمراره في دعم التحركات المصرية في قارة أفريقيا، من خلال مبعوثيه المنتشرين في مختلف دولها، وقوافله الدعوية والطبية وتدريب الأئمة على التصدي للأفكار المتطرفة وتزويدهم بالمنهج الأزهري الوسطي.
وقرر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، تشكيل لجنة مختصة بالشؤون الأفريقية بالأزهر، تختص بالعمل على وضع البرامج والخطط والأنشطة التي من شأنها، تدعيم أبناء دول وشعوب القارة الأفريقية، من خلال زيادة عدد المنح المقدمة للطلاب الدارسين، وزيادة أعداد المبعوثين، وتكثيف البرامج التدريبية لتأهيل الأئمة والوعاظ بها، بالتوازي مع القوافل الدعوية والطبية التي يرسلها الأزهر، وترتيب زيارات خارجية عدة لشيخ الأزهر لغرب أفريقيا.
وتشير سحر طلعت مصطفى، عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، إلى أن الأزهر يمثل أبرز وأهم أدوات التعاطي الثقافي المصري مع القارة الأفريقية، سواء على مستوى التعليم الجامعي أو على مستوى الدراسات العليا، فضلًا عن إيفاد العديد من العلماء للبلدان الإفريقية للعمل كدعاة والتدريس في المراكز العلمية الدينية بها.
كما نوهت مصطفى إلى الدور الذي تلعبه الكنيسة القبطية المصرية داخل القارة السمراء، باعتبارها إحدى أهم قنوات التواصل الثقافية المصرية تجاه أفريقيا، مشيرة إلى الروابط التاريخية التي تجمع بين الكنيسة المصرية ونظيرتها في كل من السودان وأثيوبيا، علاوة على دورها التاريخي في ربوع القارة عبر قرون عدة منذ دخول المسيحية إلى مصر.
وتمتلك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية المصرية علاقات متجذرة مع أفريقيا ترجع للقرون المسيحية الأولى، فهي المهيمن والتابعة له الكنائس في إثيوبيا وإريتريا والسودان.
ووفقا لدراسة نشرها الدكتور جوزيف رامز أمين، الأستاذ بمعهد الدراسات الأفريقية بالقاهرة، تحت عنوان "الكنيسة القبطية والعلاقات العربية – الأفريقية"، فإن أبعاد دور الكنيسة القبطية في أفريقيا، "تتعدد ما بين الدور الســياسي والاجتمـاعي التنموي، فضـلا عن الدور الديني والتعليمي، وعبر كل دور من هذه الأدوار تنطلق محاور تأثير الكنيسة القبطية في أكثر من اتجاه بالقارة، سواء صوب مقاومة الاستعمار، وبعث القومية الأفريقية، أو مكافحة الرق والتفرقة العنصرية".
وأضاف أمين "ساعد الكنيسة على أداء دورها في أفريقيا خبرتها في إقرار السلام بين مصر وجيرانها الأفارقة بجانب وجود بعض القيادات القبطية التاريخية صاحبة الدور البارز في إفريقيا مثل: البابا كيرلس الرابع (1854-1861) وكذلك البابا كيرلس السادس (1959-1971)"، ونوه إلى دور الكنيسة القبطية في مواجهة الاحتلال الإيطالي لإثيوبيا، والاستعمار البريطاني في السودان".
واعتبر الباحث أن "الكنيسـة القبطيـة تتميز بكونها كنيسة وطنية، تمتلك الفكر الذي يتلاءم مع الفكر الأفريقي، خاصة في النواحي اللاهوتية، كما يتطابق فكرها التبشيري أيضاً مع ظروف القارة الإفريقية ومقتضيـات العمل بها، وهي تعمل على تعليم أبناء القـارة، وإعدادهم دينياً واجتماعياً ومهنيـاً".
ووفقا للمؤرخين، فقد بدأ الاهتمام المصري الديني بأفريقيا منذ القدم، فقد سعى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إلى تعظيم الاستفادة من الدور الذي يلعبه الأزهر والكنيسة لتحقيق التقارب مع أفريقيا، فعمل على إيفاد البعثات الأزهرية لقلب القارة، واستقبال الطلاب الأفارقة، كما حرص خلال افتتاح الكاتدرائية المرقسية بوسط القاهرة عام 1968، على دعوة إمبراطور أثيوبيا هيلاسلاسى.
يقول السفير أحمد حجاج، رئيس الجمعية الأفريقية، والأمين العام السابق لمنظمة الوحدة الأفريقية، لـ"العين الإخبارية" إن الأزهر والكنيسة مؤسسات دينية لها عمق تاريخي وصدى كبير وحضور دائم في القارة الأفريقية، ساهم بشكل كبير في توطيد العلاقات المصرية الأفريقية، مشيرا إلى أن "معظم الدول الإفريقية في حاجة ماسة لنشر مبادئ التسامح ومحاربة الأفكار المتطرفة، وهنا يأتي دور مصر التي تعد مرجعا مهما لدول القارة".
aXA6IDMuMTM3LjE4MC42MiA= جزيرة ام اند امز