النزاعات والهجرة والصحة.. ملفات تصدرت الكلمات الافتتاحية للقمة الأفريقية
قادة الدول ورؤساء المنظمات العالمية والإقليمية قدموا رؤاهم عن أزمات القارة التي تصدرها أزمة اللاجئين والصحة والتعليم والنزاعات بالقارة
تصدرت ملفات النزاعات المسلحة والتعليم والصحة والهجرة كلمات قادة أفارقة ورؤساء منظمات عالمية وإقليمية وشخصيات عامة، خلال القمة الأفريقية الـ32 التي انطلقت فعاليتها، الأحد، بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا.
وتسلم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رئاسة الدورة الجديدة 2019 للاتحاد الأفريقي، فيما ستترأسها جنوب أفريقيا في 2020.
النزاعات والتعليم والصحة
وفي كلمته الافتتاحية، شدد رئيس المفوضية الأفريقية موسى فكي على أن ملفات النزاعات المسلحة والتعليم والصحة والهجرة تنتظر حلولاً جذرية، داعياً إلى ضرورة معالجة الأسباب الجذرية لمشكلات اللاجئين، وإيجاد حلول لهذه الظاهرة.
وما يتعلق بمبادرة التمويل الذاتي للاتحاد الأفريقي، والمستندة على اقتطاع 0.2% من واردات بعض المنتجات للدول الأعضاء، قال فكي «نسجل تقدماً ملحوظاً نحو تحقيق الاستقلالية المالية».
أما مؤسس شركة مايكروسوفت بيل جيتس، فرأى أن العنصر الرئيسي في تنمية أفريقيا يكمن في الخبرة الإنسانية، معتبراً أن «الاستثمار في العنصر البشري مهم للغاية».
وأكد جيتس اعتزامه مواصلة تقديم الخبرات والموارد لخدمة أفريقيا، مشيرا إلى أن شركته استثمرت أكثر من 15 مليار دولار في قطاع الصحة لمحاربة الأمراض والفقر في أفريقيا بالسنوات العشرين الماضية.
من جانبه، قال تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، إن «الأوان آن.. كي نجتمع حول أهداف جديدة للصحة لأبناء أفريقيا»، معتبرا أن «التأمين الصحي والرعاية الصحية وجهان لعملة واحدة».
وأعرب أدهانوم عن عزم منظمته تقديم المساعدة للقادة الأفارقة، واستعدادها لمساعدة كل دولة في مجال الصحة، « من أجل بناء قارة أفريقية تعيش في الصحة لتحقيق أجندة 2063».
الشخصيات الرياضية كانت حاضرة بدورها أيضاً، حيث شدد جياني إنفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، على أنه يمكن لكرة القدم أن تسهم في التعليم، فهي أداة للمساواة وأداة للتكامل والاندماج.
وأشار إنفانتينو، بكلمته، إلى أن التأثير الاقتصادي والاجتماعي لأفريقيا في العالم متنامي وأن كرة القدم يمكن أن يكون لها دور في التنمية نظرا لشغف القارة بهذه الرياضة.
وتابع: "طموحي وهدفي هو أن نجعل أفريقيا تنتقل من وعد دائم إلى واقع حقيقي"، معلنا عن إطلاق شراكة حقيقية مع الاتحاد في 3 مجالات، تشمل مكافحة الفساد والحكم الرشيد، والسلامة والأمن بالملاعب، والتعليم.
الأزمة الليبية في الصدارة
وفي كلمته، أكد أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن شعار القمة الأفريقية 2019 يمثل تحدياً لدولنا في ظل النزاعات الممتدة، والتي ولدت أزمات إنسانية واسعة النطاق، قائلا "نقف معكم في كل ما تتخذونه لإسكات صوت البنادق".
وقال أبوالغيط "تشرفني مشاركتكم في هذه القمة، ما يعكس العلاقة التاريخية بيننا.. يتوجب على الجانبين العربي والأفريقي العمل بشكل أوثق لمواجهة التحديات وتبني أجندة عمل متسقة".
وأشار إلى أن ليبيا باتت تمثل مسرحاً تتلاقى فيه جميع التحديات، مطالباً الجميع بتجديد الالتزام تجاه مساندة هذه الدولة وتشجيع الحوار السياسي بين أطرافها للوصول بها إلى مرفأ الاستقرار.
وجدد الأمين العام الجامعة العربية التأكيد على التضامن مع دول الساحل الأفريقي في مواجهة الإرهاب وتهديد "بوكو حرام"، مشيداً بجهود القادة الأفارقة لدعم القضية الفلسطينية.
أما أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، فلفت من جهته إلى أن أفريقيا وضعت معايير مثلى للتضامن، مشيراً إلى أن السلم والأمن والتنمية المستدامة وتغير المناخ من أهم نقاط التعاون بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بالأزمة الليبية، أكد غوتيريش أن وقف إطلاق النار في ليبيا برعاية الأمم المتحدة لا يزال قائماً رغم الصعوبات، قائلا "حان الوقت لمساعدة الأطراف الليبية على دفع العملية السياسية التي تقود إلى مصالحة وانتخابات حرة في المستقبل القريب".
ووفق غوتيريش، فإن توقيع اتفاق السلام في أفريقيا الوسطى يعتبر "خطوة أساسية لحقن الدماء وتحقيق السلم في القارة"، مؤكداً أنه "لا سلام مستدام دون تنمية مستدامة".
وطالب الأمين العام للأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى العمل بفاعلية لمحاربة غسيل وتهريب الأموال، مشيراً إلى أن بلدان أفريقيا لديها العديد من المقدرات لاستثمارها في الأمن والسلام.
وحول قضية التغيرات المناخية، قال إنها تشكل خطراً وجودياً يهدد أفريقيا ويمثل جزءاً من أزمتها، والحل الدولي ينبغي أن يكون قائماً بهذا الموضوع.
فلسطين ومجموعة 77 والصين
في الوقت نفسه، تعهد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالدفاع عن كل أعضاء مجموعة "77 والصين"، بعد أن تسلم رئاستها من مصر العام الجاري.
وعبر عباس عن ثقته في نجاح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وحكمته في قيادة الاتحاد الأفريقي نحو مزيد من التنمية والازدهار، خلال رئاسة بلاده الدورة 32 للاتحاد.
ووجه حديثه للقادة الأفارقة، قائلا "نشيد بجهودكم في مكافحة الإرهاب والتطرف الديني، وكذلك بتجربة رواندا في تمكين المرأة، حيث تستحوذ على أكثر من نصف مقاعد البرلمان وتشارك بفاعلية في قطاعي الاقتصاد والأعمال".
وثمّن الرئيس الفلسطيني ما تحقق مؤخراً من إنهاء الخلاف الإثيوبي والإرتيري، معرباً عن استعداده للتعاون الدائم من أجل مكافحة كل أشكال الإرهاب والتطرف.
وذكر عباس "فلسطين عازمة على تقديم كل إمكاناتها وخبراتها ليس بشكل ثنائي فحسب وإنما بصفتها أيضاً رئيساً لمجموعة (77 والصين)، ونتعهد خلال ترأسنا للمجموعة بالدفاع عن جميع أعضائها".
وشدد على رفضه التدخل الأمريكي في شأن أية دولة كانت كما يحدث في فنزويلا، محذراً في الوقت نفسه من محاولات إسرائيل تغيير طابع وهوية مدينة القدس.
مصر.. هيكلة الاتحاد الأفريقي
وبعد تسلم بلاده رئاسة الاتحاد الأفريقي، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن القاهرة ستعمل جاهدة لمواصلة طريق الإصلاح المؤسسي والهيكلي للاتحاد الأفريقي.
وأشار إلى أن رئاسة الاتحاد الأفريقي تمثل قمة العمل الأفريقي المشترك، مضيفاً "أعي المسؤولية الكبيرة التي تتحملها مصر لمحاربة التطرف والإرهاب". وشدد على أن القاهرة كانت قبلة البلاد الأفريقية الساعية للتحرر من الاستعمار، مضيفاً "أود أن أؤكد أهمية الحلول الأفريقية لمشاكل القارة".
وقال "الطريق أمامنا ما زال طويلاً لإنهاء الاقتتال في أفريقيا، وسيظل الإرهاب سرطاناً خبيثاً يسعى للتغلغل في الأوطان الأفريقية ليختطف أحلام الشعوب".
وعبر عن تطلع بلاده لإطلاق أنشطة مركز الاتحاد الأفريقي لإعمار ما بعد النزاعات، حيث ستستضيفه القاهرة في أقرب وقت ممكن، مؤكداً أن القارة السمراء قطعت شوطاً كبيراً وتغلبت على العديد من العقبات، وهي أكثر قدرة على فهم تعقيدات مشكلاتها.
وأعلن الرئيس المصري عن تأسيس "منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة"، مضيفاً "نلتزم في أفريقيا بحماية كوكبنا وفق اتفاقية باريس للمناخ".
وفيما يتعلق بأزمة اللاجئين أكد أن أعدادهم تصل حاليا إلى 8 ملايين لاجئ، بالإضافة إلى حوالي 18 مليون نازح، مضيفاً "نطلق على 2019 عام اللاجئين والعائدين والنازحين داخلياً، تزامناً مع الذكرى الـ50 لاتفاقية اللاجئين".
وطالب السيسي بفتح جميع الأبواب أمام تحقيق آمال وأحلام المرأة الأفريقية، داعياً الشباب الأفريقي إلى زراعة غد مشرق بدلاً من التوجه للهجرة أو الانضمام لشركاء التطرف والإرهاب.
وقال "نسعى لتوفير مزيد من فرص العمل للشباب، مما يتطلب حشد الاستثمارات الوطنية وجذب رؤوس الأموال وتوطين التكنولوجيا، كما سنعكف على توسيع آفاق التعاون الأفريقي مع مختلف الشركاء الدوليين".
اللجوء الأعلى عالمياً
وخلال كلمته أمام الزعماء الأفارقة بالجلسة الافتتاحية للقمة الأفريقية، قال رئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانج إمباسوجو إن نسبة اللجوء في القارة هي الأعلى في العالم، وإن نسبة النزوح واللجوء تزايدت بشكل كبير في أفريقيا التي تواجه تحدياً حقيقياً.
وأضاف "نعمل على إنشاء وكالة أفريقية لمساعدة اللاجئين ووضع آلية مناسبة لهذا الغرض"، مؤكداً أن أفريقيا قطعت شوطاً كبيراً وتغلبت على العديد من العقبات، وهي أكثر قدرة على فهم تعقيدات مشكلاتها، مشيراً إلى أن الصلة الوثيقة بين الأزمات وانخفاض التنمية الاقتصادية هي حقيقة لا مناص منها.
وتابع رئيس غينيا الاستوائية أنه "لا سبيل لنا لبلوغ أجندة 2063 دون إيجاد حل جذري لمشكلة النازحين"، مضيفاً أن التنمية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحقوق الإنسان.