كيف تواجه مصر تغير المناخ؟.. مبادرات مبتكرة
منذ أن استضاف المغرب قمة الأطراف COP22، كانت القمة بمثابة بداية خارطة الطريق للعمل على الحد من آثار التغيرات المناخية في أفريقيا.
ولاسيما أن القارة الأفريقية، التي تعد من أكثر المناطق المعرضة للخطر بسبب عواقب التغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض.
ومنذ عام 2015 قدمت مصر مبادرات كأولويات أفريقية، منها "مبادرة الطاقة المتجددة الأفريقية" و"مبادرة التكيف الأفريقية"، وتسعى جاهدة لإصلاح وإعادة دمج تغير المناخ في سياسات وخطط التنمية الوطنية، بإنشاء المجلس الوطني للمناخ، واللجوء للمشاريع الخضراء في جميع القطاعات، من أجل مستقبل مستدام.
- وزارة الزراعة المصرية تكشف لـ"العين الإخبارية" خطط مواجهة تغير المناخ
- "كوب 27".. عرض 18 مشروعًا مصريًا ذكيًا من أجل مناخ مستدام
ووضعت مصر خططا ومشروعات لتقليل هدر المياه - خاصة بعد أزمة سد النهضة وارتفاع درجات الحرارة عالمياً ما رفع من معدلات التبخر - إضافة إلى مشروعات أخرى لتبطين الترع لتقليل الفاقد من المياه في طبقات الأرض، ومعالجة مياه الصرف، كما تستهدف مصر توليد 42 بالمائة من الكهرباء التي تستهلكها من الطاقة المتجددة بحلول عام 2035.
مخاطر التغيرات المناخية على مصر
حسب الموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات في مصر فقد حدد جهاز شئون البيئة، التابع لوزارة البيئة، في تقريره حول حالة البيئة، 9 مخاطر أساسية للتغيرات المناخية تتعرض لها مصر هي:
- زيادة أو انخفاض درجة الحرارة عن معدلاتها الطبيعية، وسجلت أشهر صيف 2023 أشد الأعوام حرارة منذ قرابة 100 عام.
- ارتفاع منسوب مستوى البحر وزيادة مستوى سطح البحر 100 سنتيمتر حتى عام 2100، بما يهدد بدخول المياه المالحة على الجوفية وتلوثها، وتملح التربة وتدهور المحاصيل الزراعية.
- زيادة معدلات الأحداث المناخية المتطرفة، مثل "العواصف الترابية، موجات الحرارة والسيول، وتناقص هطول الأمطار " .
- زيادة معدلات التصحر.
- تدهور الإنتاج الزراعي وتأثر الأمن الغذائى.
- زيادة معدلات شح المياه، حيث تم رصد حساسية منابع النيل لتأثيرات التغيرات المناخية.
- تغير نمط الأمطار في حوض النيل، ومعدلات البخر بالمجاري المائية، وخاصة بالأراضي الرطبة.
- تدهور الصحة العامة، فمصر معرضة بسبب ارتفاع درجة حرارتها الزائد عن معدلاتها الطبيعية، إلى انتشار أمراض النواقل الحشرية مثل: الملاريا، وحمى الضنك، وحمى الوادي المتصدع.
- تدهور السياحة البيئية، حيث من المتوقع أن يؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى تآكل السواحل المصرية، وقد تتأثر الشعب المرجانية، وكذلك الآثار والمنشآت التاريخية.
جهود حكومية
أطلقت الحكومة المصرية "الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ في مصر 2050" كأحد أركان ضمان جودة واستمرار مشاريع التنمية، والنجاة من كوارث المناخ، لتعمل على هدفين استراتيجيين هما تقليل الانبعاثات ومواجهة والتكيف مع التغيرات المناخية.
وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي في تصريحات سابقة إن بلاده من أكثر الدول عرضة لآثار التغيرات المناخية، رغم أنها من أقل الدول المتسببة في التلوث عالميا.
وتؤكد وزارة البيئة في مصر أن الاستراتيجية الوطنية ستساهم في تسهيل عملية تخطيط وإدارة تغير المناخ على مستويات مختلفة، بطريقة تدعم تحقيق الأهداف الاقتصادية والتنموية للدولة، باتباع نهج منخفض الانبعاثات.
أهداف الاستراتيجية الوطنية
- تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية منخفضة الانبعاثات في مختلف القطاعات
- بناء المرونة والقدرة على التكيف مع تغير المناخ.
- تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ.
- تحسين البنى التحتية لتمويل الأنشطة المناخية، والترويج للأعمال المصرفية الخضراء المحلية، وخطوط الائتمان الخضراء.
- الترويج لآليات التمويل المبتكرة التي تعطي الأولوية لإجراءات التكيف.
- تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغير المناخ.
- زيادة الوعي بشأن تغير المناخ بين مختلف أصحاب المصلحة (صانعي السياسات والقرارات، والمواطنين، والطلاب).
وتقول الحكومة المصرية إن برامج التخفيف التي تتضمنها الاستراتيجية الوطنية في القطاعات كافة تتكلف 211 مليار دولار، بينما يتراوح إجمالي تكلفة برامج التكيف 113 مليار دولار.
ويرى الخبير البيئي المصري المهندس عبدالله الحجاوي، وهو مدير منصة شمال سيناء للتغيرات المناخية، أن بلاده ملتزمة بتنفيذ الوعود التي أعلنتها الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية، مؤكدًا على أهمية تعزيز البحث العلمي في وضع حلول جدية للتخفيف من آثار التغيرات المناخية.
مبادرات مبتكرة
تحرص مصر على دعم مجهودات التخفيف والتكيف مع التغيرات المناخية، وتدرك حجم التأثيرات السلبية لتلك التغيرات على قطاع المياه.
وفي سبيل ذلك برزت مبادرات بناء ومبتكرة في مصر بجهود شعبية وبتعاون مع الجهات الرسمية المنوط بها العمل المناخي في البلاد.
"العين الإخبارية" ترصد أبرز مبادرات مكافحة التغير المناخي والتكيف في مصر :
100 مليون شجرة
في أغسطس/آب 2022 أطلقت الحكومة المصرية مبادرة "الرئة الخضراء" والتي تقوم على تحديد 9900 موقع في أنحاء المحافظات تصل مساحتها الإجمالية إلى 6600 فدان على مستوى الجمهورية تصلح لتكون غابات شجرية، أو حدائق، وتوفير الشتلات الزراعية بشبكات الري.
وترتكز المبادرة علي مضاعفة نصيب الفرد من المساحات الخضراء على مستوى الجمهورية وتحسين نوعية الهواء وخفض غازات الاحتباس الحراري وتحقيق الاستفادة الاقتصادية القصوى من الأشجار، وتحسين الصحة العامة للمواطنين .
"اتحضر للأخضر"
حسب وزارة البيئة المصرية، فإن حملة "اتحضر للأخضر" هي أول حملة بيئية يضعها رئيس فى تاريخ مصر تحت رعايته لنشر الوعي البيئي وتغيير السلوكيات وحث المواطن على المشاركة في الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية، لضمان استدامتها حفاظاً على حقوق الأجيال القادمة.
وتتضمن الحملة مبادرة "Eco Egypt” للترويج لـ 13 محمية طبيعية، وتسليط الضوء على جميع أنواع الحياة البرية والتنوع النباتي والمناظر الطبيعية في جميع أنحاء البلاد.
وضمن الحملة يبلغ إجمالي حجم الاستثمارات الخاصة بمشروعات التنفيذ الرسمي لتحويل المخلفات لطاقة وتشجيع الشركات الوطنية على دخول هذا المجال، تتراوح بين 340 و 400 مليون دولار أمريكي خاصة بالمرحلة الأولى فقط.
المشروعات الخضراء الذكية
طرحت الحكومة المصرية مبادرة أطلقت عليها اسم "المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية" بكافة محافظات الجمهورية، كمبادرة رائدة في مجال التنمية المستدامة والذكية والتعامل مع البعد البيئي وآثار التغيرات المناخية، من خلال وضع خريطة على مستوى المحافظات للمشروعات الخضراء الذكية وجذب الاستثمارات اللازمة لها.
وبحسب موقع المبادرة، فإن أهم الأهداف تتمثل في وضع خريطة على مستوى المحافظات للمشروعات الخضراء والذكية وربطها بجهات التمويل وجذب الاستثمارات اللازمة لها، من الداخل والخارج، ونشر الوعي المجتمعي حول تحديات التغير المناخي وقدرات التكنولوجيا الحديثة، وتمكين المرأة في مجال مواجهة تحديات التغير المناخي والبيئي.
وتستهدف المبادرة المشروعات الخضراء الذكية الكبيرة (كل مشروع يتجاوز حجم أعماله السنوية 200 مليون جنيه) والمتوسطة (كل مشروع يبلغ حجم أعماله السنوي 50 مليون جنيه ولا يتجاوز 200 مليون جنيه) والصغيرة (كل مشروع يبلغ حجم أعماله السنوي مليون جنيه ويقل عن 50 مليون جنيه)، إلى جانب الشركات الناشئة أو مشروعات ريادة الأعمال أو المشروعات حديثة التأسيس، وهي المشروعات التي لم تمض 7 سنوات على تاريخ بدء مزاولتها النشاط أو بدء الإنتاج.
حملة "بلو لاجون"
أطلقت الإدارة المركزية لحماية الطبيعة التابعة لوزارة البيئة المصرية حملة تحت اسم "بلو لاجون" في أغسطس/آب 2022 بهدف زيادة الوعي بأهمية المحميات الطبيعية ودورها في الحفاظ على الموارد الطبيعية والتنوع البيولوجي، والتوعية بخطر الأكياس البلاستيكية على حيوانات البحر.
وتنشط الحملة في المنطقة الممتدة من منطقة "بلو هول" وهي موقع متميز للغوص في البحر الأحمر على بعد بضعة كيلومترات شمال دهب في شبه جزيرة سيناء، إلى محمية رأس أبو غالوم، الواقعة بين دهب ونويبع.
وشارك العديد من المتطوعين المصريين والأجانب منذ انطلاقها في جمع القمامة في بعض أجزاء منطقة الساحل الإدارية كجزء من الحملة.
مجمع بنبان للطاقة الشمسية
تحاول مصر أيضاً زيادة الاعتماد على الطاقة الخضراء، ومن أهم مصادرها في مصر الطاقة الشمسية، حيث تزيد كمية الإشعاع الساقط على مصر حسب بعض التقارير إلى 6 تريليونات كيلوواط/ساعة يوميًا، وهو ما يزيد عن 100 ضعف الطاقة الكهربية المولدة خلال عام 1996-1997 بأكمله، وفقًا لهيئة الاستعلامات المصرية.
وفي سبيل الاستفادة من تلك الطاقة المتجددة أنشأت مصر "مجمع بنبان" العملاق للطاقة الشمسية في محافظة أسوان، بتكلفة استثمارية بلغت 2 مليار دولار.
ومن المقرر أن تبلغ القدرة الإنتاجية للمجمع الذي تصل مساحته إلى 37 كيلومترا مربعا نحو 1.5 غيغاواط من الطاقة النظيفة فور تشغيله بالكامل.
ويعد تطوير المجمع جزءا من خطط مصر لإنتاج 20 بالمائة من احتياجاتها من الطاقة من المصادر المتجددة بنهاية عام 2022 على أن تصل هذه النسبة إلى 42 بالمائة بحلول عام 2035.
السيارات الكهربية والأوتوبيسات الهجينة
تؤكد الحكومة المصرية أنها تعمل على تقليل استخدام الوقود الأحفوري والحد من الانبعاثات الضارة.
ولتحقيق هذا الهدف وضعت خطة لتصنيع السيارات الكهربائية ضمن رؤية 2030، تشارك فيها عدة وزارات منها الإنتاج الحربي والصناعة والتجارة وقطاع الأعمال بالتعاون مع الصين.
ومن المقرر أن تعمل تلك السيارات الكهربائية المصنعة في مصر ببطاريات من نوع (BEVs)، التي تعتمد على طاقة البطارية بنسبة 100 بالمائة، بحسب ما ذكر موقع اليوم السابع.
كما بدأت مصر في إنتاج وتصدير حافلات هجينة تعمل بالديزل والكهرباء في الوقت نفسه، وفقاً للمعايير الأوروبية المتعلقة بالانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة. وأضاف أن هذه أول مرة تصنع مثل هذه الحافلات خارج أوروبا، بحسب صحيفة الوطن.
الزراعة المائية
مبادرة تعتمد على الزراعة دون وجود التربة، وتتم بوضع النباتات في المياه في المكان الذي سيباع فيه النبات مباشرة، حتى أن السماد يضاف إلى النباتات عن طريق المياه عبر دورة مغلقة للمياه تشبه عملية الري بالتنقيط.
ويقول القائمون على المبادرة إنها توفر الهدر الحادث في عملية الري بنسبة 90 بالمائة كما أنها تقلل للغاية من تلف النباتات خلال عمليات النقل.
زراعة الأسطح
أطلقت وزارة البيئة مشروع "مبادرة زراعة الأسطح" في مارس/آذار 2020 بالتعاون مع هيئة التعاون الدولى الألمانى "GIZ" ومبادرة "شجرها".
واعتبر أصحاب المبادرة أنها تجربة سهلة وبسيطة وغير مكلفة، بأقل الإمكانيات يمكن أن ننفذ مشروعا تستفيد منه وتساهم في تقليل تلوث الهواء بتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وينظر إلى زراعة الأسطح كمظهر حضاري ومتنفس طبيعى للناس، كما أنها تمد الفرد باحتياجاته من الأكسجين من خلال تقليل التلوث البيئي الناتج عن التغيرات المناخية وزيادة مساحات المباني والمنشآت مع قلة الغطاء النباتي.