الناقدة إعتدال عثمان لـ"العين الإخبارية": الإبداع "رحلة بغير وصول"
الناقدة والكاتبة المصرية إعتدال عثمان فازت مؤخرا بجائزة الشاعر اليوناني قسطنطين كفافيس الدولية، وهي صاحبة تجربة نقدية متميزة
أكدت الناقدة والكاتبة المصرية إعتدال عثمان أنّ الناقد الموهوب يبدأ أولاً بقراءة النص ومحاولة التعرّف على الرؤية المركزية فيه ثم يتقصَّى التقنيات التي استخدمها الكاتب للتعبير عن هذه الرؤية بتشعباتها المختلفة، معتبرةً الكتابة الإبداعية رحلة يقطعها المبدع غير راغب في الوصول.
وفازت عثمان مؤخراً بجائزة الشاعر اليوناني قسطنطين كفافيس الدولية وهي صاحبة تجربة نقدية متميزة.
الكاتبة المصرية شاركت في تأسيس مجلة "سطور" ورأست تحريرها قبل أن تسافر إلى الإمارات للعمل في إحدى الجامعات، وعادت إلى القاهرة قبل عامين تقريباً ولا تزال تنشر مقالاتها في المجلات الإماراتية المتخصصة.
تمارس عثمان النقد بروح إبداعية فهي كاتبة قصة من طراز فريد نشرت مجموعة قصصية بعنوان "يونس والبحر"، وأخرى بعنوان "وشم الشمس"، وكتاب نقد بعنوان "إضاءة النص: قراءة في الشعر العربي الحديث"، وكتاب "عين الكتابة".
وقالت في حوار مع "العين الإخبارية" إنّها استقبلت خبر فوزها بجائزة كفافيس عن السرد المتنوع بين القصة والكتابات النقدية بدهشة تحوّلت إلى اعتزاز وفخر كبير لأن الجائزة تحمل قيمة معنوية وأدبية كبيرة.
- بداية، حدثينا عن الجائزة
استقبلت خبر فوزي بها بدهشة كبيرة لأنّ الجائزة تحمل قيمة معنوية وأدبية كبيرة، وسبق أن فاز بها أعلام في حياتنا الثقافية مثل نجيب محفوظ وبهاء طاهر وإدوار الخراط وجمال الغيطاني ورضوى عاشور وإبراهيم أصلان وغيرهم، ووجدت أنّه شرف كبير لي أن أجد اسمي بين هذه الأسماء.
- ما تقييمك للنقد الأدبي في العالم العربي حالياً؟
هناك تدفق إبداعي غزير وطليعي في أحيان كثيرة يملأ الساحة، ربما لا تستطيع الحركة النقدية ملاحقته كما نتمنى، لكن هناك أيضاً أقلام نقدية جادة وموهوبة وقادرة على اكتشاف جماليات النصوص الجديدة، خاصة لدى الأجيال الشابة، ومع ذلك لا بد أن نشيد بحيوية المشهد الأدبي الراهن بجانبيه الإبداعي والنقدي، ونأمل في تواصل الأجيال بصورة أكثر فعالية.
- ماذا عن كتابك "عين الكتابة"؟
الكتاب قراءة في تحولات السرد المصري والعربي، ويقدم صوراً نقدية لأعمال عدد من الكتاب تتراوح بين الإطلالة المُجْملة على العوالم السردية لإدوار الخراط وإبراهيم أصلان وإلياس خوري، إضافة إلى صور جامعة أو دراسات تفصيلية لأعمال كتّاب مثل يوسف إدريس وبهاء طاهر ويوسف أبورية، وكذلك صور مكثفة لعمل بعينه لعدد من الكتّاب مثل محمد البساطي والطيب صالح، وانتهاءً بصور مثل الومضات تركز على أحدث تحولات السرد في القصة القصيرة جداً.
البعض يرى أن النقد العربي يعاني أزمة، ما رأيك؟
أتصوَّر أنّه على الناقد أن يكون مُطَّلِعاً باستفاضة وعمق على النظريات الأدبية الحديثة وتجلياتها النقدية العالمية بمدارسها ومناهجها المختلفة.
هذا الجانب المعرفي ضروري وأساسي قبل الإقدام على عملية النقد التي تقتضي من الناقد المبدع أن ينصت إلى إيقاع النص المنقود، محاولاً استكشاف جمالياته الخاصة النابعة من سياق تاريخي وثقافي واجتماعي مختلف، فالنظرية النقدية هنا تصبح خلفية معرفية وأدوات منهجية لتحليل الرؤية وتقنيات الكتابة، يستخدمها الناقد المبدع ولا يصبح أسيراً لها، ربما لهذا السبب يحمل أحد كتبي عنوان "إضاءة النص".
أين أنت من الكتابة القصصية؟
قلت في كلمتي التي ألقيتها بمناسبة حصولي على جائزة "كفافيس": "إنّ الكتابة الإبداعية عندي حياة ورحلة بغير وصول، وأدرك أن روعة الإبداع ليست في بلوغ الهدف، بل في السبيل إلى ذلك الهدف، ولا زلت أواصل الرحلة إبداعاً نقدياً يتيح لي السفر إلى ممالك الخيال".
كيف أثّر النقد على تفكيرك ووعيك وحياتك الخاصة؟
إنّ الغوص في العملية الإبداعية لسبر أغوارها من أجل كتابة نص نقدي موازٍ يكشف كيف وظّف الكاتب الأول طاقة الخيال الخلّاق المنطلق بغير حدود والمنفلت معاً وحرره من أسر ما يفرضه الواقع على الإنسان من قيود، يمنحني دائماً - في نصوص الكتاب الموهوبين، المالكين لصنعة الكتابة- زاداً من المتعة والمعرفة، ويضيف إلى حياتي حيوات لم أعشها، جبت أرجاءها، واستمتعت بمباهجها، وعانيت عذاباتها، وعدت منها وقد ازدادت خبرتي الإنسانية، وتعمقت، واكتسبتُ الوعي بإمكان أن تستعيد إرادة الإنسان قدرتها على الفعل المغيّر لهذا الواقع نفسه.
كيف ترين تحوّلات المنطقة العربية وأثرها على السرد ومستقبله؟
من الطبيعي أن تنعكس تحوّلات الواقع العربي الذي نعيشه على رؤية الكتاب بما يؤدي به إلى البحث عن التقنيات المناسبة للتعبير عن هذا الواقع، ومنها على سبيل المثال التشظي السردي، وتفتيت الزمان والمكان، وغرائبية الشخوص الروائية، والالتجاء إلى الفانتازيا والعجائبية والتجريبية وغير ذلك.
ولا يقتصر الأمر على استلهام تحوّلات الواقع، بل إن استقبال العالم في عصر ثورة التكنولوجيا ودور السوشيال ميديا قد اختلف بصورة كبيرة عما ألفناه سابقاً، لذلك ظهرت الرواية التفاعلية التي يشارك القارئ في تأليفها، والرواية الرقمية التي ينفتح فيها النص المكتوب على الصورة المرئية، والموسيقى المسموعة، وغيرها من تقنيات مستحدثة.
aXA6IDE4LjIyMy4yMTAuMjQ5IA== جزيرة ام اند امز