السيسي وآبي أحمد.. قمة تذيب جليد أزمة سد النهضة
إثيوبيا تستهدف من سد النهضة توليد أكثر من 6 آلاف ميجاوات، في المقابل تتخوف مصر من تأثير السد على حصتها من المياه
أجواء إيجابية سادت لقاء الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، حول مباحثات ملف سد النهضة، على هامش قمة روسيا- أفريقيا المنعقدة في منتجع سوتشي الروسي يومي 23 و24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.
ويأتي لقاء السيسي وآبي أحمد، الخميس، بعد أيام قليلة من تعثر مفاوضات سد النهضة والخلاف حول فترة ملء وكيفية تشغيل سد النهضة، حيث تطالب مصر بمد فترة ملء السد إلى 10 سنوات مع الوضع في الاعتبار سنوات الجفاف، بينما حدد الطرف الإثيوبي 4 سنوات فقط.
وخلال اللقاء أكد آبي أحمد أن تصريحاته الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي تم اجتزاؤها من سياقها، وأنه يكن كل الاحترام لمصر قيادة وشعبا وحكومة، ولا توجد أي نية لدى الحكومة والشعب الإثيوبي للإضرار بمصالح الشعب المصري، وأن استقرار مصر وإثيوبيا قوة مضافة لأفريقيا، مشددا على التزامه بما تم إعلانه من بلاده للسير في المفاوضات والوصول إلى اتفاق نهائي، بحسب بيان الرئاسة المصرية.
أجواء هادئة
يرى السفير عزمي خليفة، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن لقاء السيسي وآبي أحمد بشأن مباحثات سد النهضة اتسم بالأجواء الهادئة، ما يؤكد إيجابية الخطوة المقبلة في مسار المفاوضات بين البلدين وبداية للتقارب في وجهات النظر بشأن النقاط الخلافية.
وأضاف عزمي -في تصريحات لـ"العين الإخبارية"- أن "الخلاف بين مصر وإثيوبيا لم يصل إلى حد المشكلة، بل تعلق الأمر فقط بطريقة نقل تصريحات آبي أحمد، واجتزاء بعضها من السياق المطروح فيه الأسئلة، وربما كانت التصريحات موجهة فقط للداخل الإثيوبي ولم يقصد به توجيه رسالة إلى مصر".
وأكد أن خيار الحرب والتصعيد العسكري بين الدولتين لم يكن مطروحا يوما ما، منذ بداية المفاوضات بشأن السد، خاصة أن الموقف الرسمي المصري لم يلوح في جميع مراحل المباحثات مع إثيوبيا والسودان بإنهاء المفاوضات والاتجاه للحل العسكري.
وفي يوم الثلاثاء الماضي، تناقلت وسائل إعلامية تصريحات على لسان آبي أحمد، تتضمن تحذيرا منه في حالة خوض حرب حول سد النهضة، فإن بلاده مستعدة لحشد مليون شخص، إضافة لتأكيده أن المفاوضات السبيل الوحيد للخروج من الأزمة.
من جانبه، اعتبر الدكتور أيمن شبانة أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا بجامعة القاهرة أن اللقاء تأكيد واضح على رغبة الطرفين في استكمال المفاوضات، وتمسك قيادة الدولتين بالتهدئة والتسوية التفاوضية رغم الاختلاف، مشيرا في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إلى أن المفاوضات المقبلة تتطلب وجود وسطاء للتسوية السياسية التي تضمن حصة مصر في مياه النيل وحق إثيوبيا في الحصول على الطاقة من السد.
نقاط الخلاف
وتستهدف إثيوبيا من سد النهضة الذي يصل تكلفة بنائه 4 مليارات دولار، توليد أكثر من 6 آلاف ميجاوات، لتصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في أفريقيا، في المقابل تتخوف مصر من تأثير السد على حصتها من المياه التي تصل إلى 55 مليارات م3.
وأعلنت إثيوبيا في يناير/كانون الثاني الماضي أن السد يبدأ الإنتاج نهاية 2020 وتبدأ عملية التشغيل عام 2022.
وفي أغسطس/آب الماضي، تقدمت مصر بمقترح لتجنب الجفاف بأن عملية ملء السد لا تبدأ دون موافقة مصر، وهو الأمر الذي قوبل بالرفض من الجانب الإثيوبي، ما اعتبرته الخارجية المصرية تعثرا للمفاوضات التي تؤثر على استقرار المنطقة، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة وخرقا لاتفاق المبادئ الموقع في 2015.
وخلال الشهر الجاري، لم تتوصل اجتماعات وزراء الري في مصر وإثيوبيا والسودان لاتفاق حول قواعد تشغيل وملء السد.
وأشار عزمي خليفة إلى أن الخلاف يتعارض مع الاتفاق الموقع بين الدول الـ3 في 2015، ما يجعل الأمر ملزما لجميع الأطراف ببنود الاتفاق وآلية حل المشكلة عن طرق التسوية والمشاورات فقط، موضحا أن اللجنة الفنية الثلاثية كشفت عن عيوب فنية في مقياس بناء السد، ما يستدعي مناقشة تأثير السد على إثيوبيا والسودان ومصر في حال التأكد من عيوب فنية به.
وأضاف أن "متطلبات إثيوبيا من كهرباء السد لا تسبب ضررا لمصر، فمصر لا تعارض التنمية في إثيوبيا والأخيرة تقدر موقف مصر في حماية حصتها من مياه النيل، ما يؤكد عدم تعارض المصالح بين الطرفين".
حلول للمفاوضات
ومرت المفاوضات بمراحل عديدة بعد الموافقة على انعقاد لجان دولية ثلاثية، وفي سبتمبر/أيلول 2011، شكلت أول لجنة عقب إطلاق إشارة البدء في بناء السد، وتوالى انعقاد اللجان المكونة من الخبراء المصريين والإثيوبيين والسودانيين لمهمة فحص ومراجعة الدراسات الهندسية الإثيوبية خلال الفترة من مارس/آذار 2012 حتى يونيو/حزيران 2013.
واتفق رؤساء الدول الثلاث عقب عودة المناقشات على وثيقة "إعلان مبادئ سد النهضة"، بعد استئناف المفاوضات من جديد في منتصف 2014 خلال قمة الاتحاد الأفريقي في غينيا، لتشكل مكاتب وهيئات استشارية للدراسة الفنية لسد النهضة.
وأكد خليفة وشبانة أن الحل يتركز فقط في التسوية والمفاوضات، مشيران إلى أهمية الدور العربي في التهدئة بين الطرفين المصري والإثيوبي، إضافة إلى أن دعم مصر المالي لمشروع سد النهضة يصب في صالح المشاورات والوصول لنتيجة واحدة بشأن سنوات ملء وتشغيل السد.
ونوه خليفة بأن الدول الـ3 تقدر مصالح بعضها، وأن سياسة فرض الأمر الواقع لم تكن منهج المباحثات منذ 2011، ما يرجح حدوث انفراجة قريبة في الأمر.
وجدد آبي أحمد الالتزام بالمبادي المتفق عليها، مؤكدا عدم إلحاق أي ضرر بمصالح الشعب المصري، وأوضح أن السيسي أبدى استجابة كبيرة لدعوة إثيوبيا إلى دعم جهودها للحفاظ على الموارد المائية في حوض النيل عبر المبادرة التي تنفذها بلاده بزيادة الغطاء النباتي من استهداف زراعة 20 مليار شتلة.
aXA6IDMuMTUuMTg2Ljc4IA== جزيرة ام اند امز