خطة مصر لـ«اليوم التالي في غزة».. حل خارج الصندوق يتطلب دعما أمريكيا
استبقت مصر التغير المرتقب في البيت الأبيض، بطرح خطة لإدارة اليوم التالي للحرب في قطاع غزة،
رأى خبراء أنها تمثل حلا خارج الصندوق، لكن تتطلب دعما أمريكيا واضحا كي تجد سبيلها إلى التنفيذ.
وتدفع مصر باتجاه تحقيق توافق فلسطيني على خطة لإدارة شؤون غزة عبر لجنة تُسمى "الإسناد المجتمعي"، بهدف نزع الذرائع من إسرائيل لمواصلة الحرب في القطاع.
وتبحث حركتا فتح وحماس اقتراحا مصريا بتشكيل اللجنة التي ستتولى، إدارة معبر رفح وعلمية إعمار قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، قيادي في حركة فتح تحدث لـ«العين الإخبارية».
ووصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى القاهرة اليوم الأحد، في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالتزامن مع استضافة مصر اجتماعات بين حركتي فتح وحماس، سعيا لتحقيق الوحدة الفلسطينية وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، والتوافق على إنشاء "لجنة الإسناد المجتمعي لإدارة شؤون قطاع غزة".
حل خارج الصندوق
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، الدكتور أيمن الرقب، إن حماس أبدت خلال الأيام الماضية مرونة كبيرة، بخصوص تشكيل حكومة تكنوقراط تكون مسؤولة عن إدارة غزة والضفة الغربية.
وأضاف الرقب، في حديث لـ "العين الإخبارية": "وفد حركة فتح أصر على أن يكون الأمر مقتصرا على تشكيل هيئة إدارية فقط لإدارة القطاع، مشكلة من لجنة للإسناد المجتمعي، وأن تكون مرجعية هذه اللجنة منظمة التحرير الفلسطينية"، موضحا أن "حركة حماس اقترحت تشكيل إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يضمن تمثيل كل الفلسطينيين بمن فيهم حماس والجهاد، على أن تأخذ على عاتقها إدارة ملف المفاوضات مع إسرائيل، ولكن حتى الآن لم يتم الاتفاق على ذلك الأمر رغم عرضه في جلسة المفاوضات أمس واليوم (السبت والأحد)".
وحول قبول الطرف الإسرائيلي تشكيل لجنة تضم حركة حماس لإدارة القطاع، قال الرقب: "حتى هذه اللحظة لا توجد تصريحات أو ضمانات واضحة بأن الطرف الإسرائيلي سيقبل المقترح المصري، خاصة وأن لجنة الإسناد المجتمعية ستبدأ عملها بالسيطرة على معبر رفح لتسهيل عملية إدخال المساعدات ثم توزيعها وبسط نفوذها تدريجيا لتولي السلطة الأمنية في قطاع غزة".
وأشار إلى أن "هذا حل إبداعي وخارج الصندوق لوضع رؤية جديدة لليوم التالي في غزة، والكرة الآن في ملعب الفصائل الفلسطينية"، موضحا أنه إذا تم الاتفاق بين الفلسطينيين سيتم تبني هذه الخطة لعرضها على المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل.
وأوضح أن مصر بذلت جهدا كبيرا في هذا الأمر، مشيرا إلى أن "تحركات القاهرة جاءت بالترتيب مع الولايات المتحدة الأمريكية، التي ترى أنه يجب إيجاد مخرج لتعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يرفض وجود السلطة أو حركة حماس في غزة".
حل قابل للتنفيذ
واتفق الخبير في الشؤون الفلسطينية، الكاتب المصري صلاح جمعة، مع الرقب في ضرورة دعم الولايات المتحدة للجهود المصرية "لضمان نجاح المبادرة"، وقال: "أُرجح أن يكون هناك تنسيق مسبق بين القاهرة وواشنطن، وهذا الضوء الأخضر الأمريكي يعكس رغبة دولية لإيجاد حلول تخفف من حدة التوترات وتدعم الاستقرار، ما يمنح مصر ثقة في متابعة الوساطة بفاعلية ودعم دولي".
وأضاف جمعة، في حديث لـ "العين الإخبارية": "إسرائيل قد تكون متقبلة إذا رأت أن المقترح يساهم في استقرار طويل الأمد ولا يؤثر على أمنها، وأن هناك جهة موحدة مسؤولة عن إدارة غزة تحت إشراف السلطة الفلسطينية".
وأوضح أن "قبول إسرائيل يعتمد على مدى استجابة الأطراف الفلسطينية لضمانات أمنية وتطبيق آليات لضمان التهدئة المستدامة، حيث تضع إسرائيل دائما موضوع أمنها كشرط أساسي لقبول أي مقترحات".
وقال إن "الدعم الدولي لجهود مصر يمكن أن يكون أحد الضمانات الضاغطة لقبول المقترح، إضافة إلى آليات مراقبة ووساطة متواصلة"، لافتا إلى أن المقترح يركز على الوحدة الفلسطينية وتهدئة الأوضاع في غزة وتشكيل لجنة الإسناد المجتمعي قد يلقي قبولا نسبيا من الجانب الإسرائيلي، خاصة إذا كانت هذه اللجنة ستضمن ترتيبات أمنية وتفاهمات لعدم تجدد التصعيد.
وبين أن القاهرة تعمل بشكل مكثف على تقريب وجهات النظر بين حركتي فتح وحماس، وتسعى لضمان استقرار طويل الأمد في القطاع من خلال تشكيل لجنة "الإسناد المجتمعي".
ضمانات وخطوة للانتخابات
وأشار إلى أن حركة حماس تطالب بضمانات قوية خصوصا في ما يتعلق بقضية الرهائن، لضمان استمرار التهدئة بعد تسليمهم وعدم تجدد المواجهات، لافتا إلى أن وجود ضمانات مصرية مدعومة دوليا، قد يساعد في إقناع حماس، التي تسعى إلى توفير بيئة مستقرة تضمن إدخال المساعدات والتهدئة الدائمة، وهو ما يتماشى مع أولويات الحركة لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني في غزة.
واعتبر الخبير المصري، أن الاتفاق على وحدة الصف الفلسطيني وإدارة قطاع غزة بمرسوم رئاسي، قد يكون خطوة تمهيدية نحو انتخابات فلسطينية شاملة بما فيها الرئاسية، إذ أن توحيد القيادة الفلسطينية وإعادة هيكلة إدارة غزة يمكن أن يخلقا بيئة موحدة تسهم في التحضير لانتخابات ديمقراطية مستقبلية تحت إشراف دولي.