اتفاق مصري يوناني يقصم ظهر أردوغان.. "المقامر" يبكي غاز المتوسط
مصر واليونان توقعان اتفاقا لتعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين لتنسيق جهودهما الاستفادة من موارد منطقة شرق البحر المتوسط
اليوم وبعد تنسيق الجهود لسنوات طويلة، أوقفت مصر واليونان أطماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ثروات البحر المتوسط من الغاز، بتوقيع اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
والاتفاق لا يستهدف فقط أطماع أردوغان في المياة الإقليمية للبلدين، وإنما يمتد لوقف نهب تركيا الممنهج لثروات ليبيا، الذي يتم بموجب اتفاق عار من الشرعية مع حكومة الوفاق التي يقودها فائز السراج، والذي يسعى إلى تقديم مقدرات وثروات الشعب الليبي لصالح حليفه رجب أردوغان كمحاولة لإنقاذ اقتصاد أنقرة المأزوم.
ووقعت مصر واليونان، الخميس، اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين البلدين، في خطوة تهدف إلى تنسيق جهود الاستفادة من موارد منطقة شرق البحر المتوسط، وقطعت الطريق أمام الأطماع التركية في سلب غاز منطقة شرق المتوسط.
ولم يمر وقت طويل على الإعلان عن الاتفاقية، إلا ويصدر تصريح عن الخارجية التركية، بأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المصرية - اليونانية، تعتبر "باطلة"، وهو ما يعكس خيبة أمل أردوغان "المقامر" في غاز المتوسط.
وعلقت وزارة الخارجية المصرية على التصريحات التي صدرت عن الخارجية التركية، حيث قال المتحدث الرسمى باسم الخارجية المصرية على حسابه الرسمي بـ"تويتر"، "بالنسبة لما صدر من الخارجية التركية بشأن الاتفاق الذى تم توقيعه اليوم لتعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين مصر واليونان .. فإنه لمن المستغَرب أن تصدر مثل تلك التصريحات والادعاءات عن طرف لم يطَّلع أصلاً على الاتفاق وتفاصيله".
الاتفاق قانوني وفقا للقانون الدولي
وقال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، خلال مؤتمر صحفي الخميس، إن اتفاق ترسيم الحدود يتوافق مع قواعد القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وأوضح وزير الخارجية المصري، خلال المؤتمر، أن مصر واليونان وقعتا اتفاقا، حول تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الدولتين.
وأضاف: "توصلنا لاتفاق تعيين الحدود البحرية مع اليونان بعد سلسلة من جولات التفاوض، بما يفتح آفاقا واعدة في مجال الطاقة".
وبحسب مصادر يونانية رفيعة المستوى فإن اتفاق المنطقة الحرة بين القاهرة وأثينا في البحر المتوسط يكتسب أهمية خاصة لدول شرق المتوسط، لصد الأطماع الإقليمية في الثروات البحرية في تلك المنطقة الحيوية.
وتمكنت القاهرة من خلال اتفاق ترسيم الحدود بين مصر وقبرص في اكتشاف حقل ظهر ( أضخم حقل غاز بالبحر المتوسط)، ومن المتوقع أن يساعد الاتفاق المصري اليوناني على التنقيب عن النفط والغاز في المناطق الاقتصادية لكل دولة.
المنطقة الاقتصادية الخالصة
والمنطقة الاقتصادية الخالصة، هو مصطلح قانوني جاء ضمن اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهي منطقة بحرية تمارس عليها دولة حقوقاً خاصة في استغلال واستخدام مواردها البحرية في الأعماق من نفط ومعادن وثروات بحرية.
وعادة تمتد المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى مسافة 200 ميل بحري من خطوط الأساس الذي يبدأ منها البحر الإقليمي، لكن لأن عرض البحر الأبيض المتوسط لا يكفي لهذه المسافة يتم تحديدها بالتوافق بين الدول المتقابلة على جانبيه.
وحددتها اتفاقية البحار الجديدة بالأمم المتحدة لتحد من النزاعات بين الدول حول حدودها البحرية، ولتحقيق التوازن بين مصالح الدول المختلفة.
ووفق خبراء مصريين تحدثوا سابقا لـ"العين الإخبارية" فإن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين القاهرة واليونان، تقطع الطريق أمام الأطماع التركية في سلب غاز منطقة شرق المتوسط، وتضمن أيضا الحقوق الاقتصادية لدول تلك المنطقة.
رفض أمريكي وأوروبي لأطماع أردوغان
ويواجه أطماع أردوغان في المتوسط رفض أوروبي وأمريكي، فقد حذرت أمريكا منتصف الشهر الماضي، تركيا من المضي قدما في خطط التنقيب عن النفط والغاز قبالة الجزر اليونانية، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، من أجل تجنب زيادة التوتر بالبقعة الساخنة من العالم.
يأتي ذلك، بينما بدأ الاتحاد الأوروبي خلال وقت سابق من الشهر الماضي، بدراسة فرض عقوبات جديدة على أنقرة، تُضاف إلى الخطوات التي اتُّخذت بسبب عمليات التنقيب التركية في المنطقة الاقتصادية التابعة لقبرص واليونان.
نتائج اتفاقيات ترسيم الحدود
ونهاية يناير/ كانون ثاني 2018، كشف الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي اعتماد بلاده ترسيما "محتملا" للحدود البحرية مع اليونان لم يدخل بعد حيز التنفيذ.
وقال السيسي، خلال افتتاح حقل "ظهر" للغاز شمال شرقي البلاد: "لو لم نكن رسمنا الحدود مع قبرص لما توفرت لنا الفرصة لاكتشاف حقل ظهر، كونها مناطق لها قواعد واتفاقيات تحكمها".
وفي سبتمبر / أيلول 2014، وافق السيسي على اتفاقية بين بلاده وقبرص بشأن التعاون في تنمية حقول الغاز في مياه البحر الأبيض المتوسط.
وتجمع مصر وقبرص اليونان علاقات شراكة ظهرت بصورة لافتة منذ وصول السيسي إلى الرئاسة عام 2014 حيث عقدت الدول الثلاثة العديد من القمم تدور حول زيادة التعاون في مجالات الطاقة والتنقيب عن الغاز ومكافحة الإرهاب وترسيم الحدود.
أسرار أطماع أردوغان في المتوسط
وفي 9 يونيو/حزيران الماضي، وقّع وزيرا خارجية اليونان وإيطاليا في أثينا اتفاقاً لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة في البحر الأيوني الذي يفصل البلدين المجاورين.
وتعود التدخلات التركية والتي تصاعدت حدتها في 2019 و2020، إلى فشل منصات وسفن التنقيب المحلية، عن إيجاد أية مصادر تجارية للغاز والنفط في المياه الإقليمية التركية، في وقت تزداد فيه حاجة البلاد للطاقة.
وبدأت تركيا منذ 2019، عمليات تحريك لسفن التنقيب عن مصادر الطاقة التقليدية في كل من البحر المتوسط من جهة، وفي المياه الإقليمية بالبحر الأسود من جهة أخرى.
وفي نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، وقعت ليبيا وتركيا اتفاقا بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط، الذي شكل بداية نزاعات بين أنقرة ودول مشتركة في الحدود البحرية، حيث لم تذكر أنقرة أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.
وتمهد الاتفاقية إلى سرقة تركيا لمصادر الطاقة التقليدية في شرق المتوسط، من خلال شراكات غير معلن تفاصيلها مع ليبيا، في وقت تحتاج فيها الدول الواقعة على ساحل شمال إفريقيا، إلى استغلال أمثل لثرواتها لإعادة بناء اقتصاداتها.
وفي نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، وقعت ليبيا وتركيا اتفاقا بشأن الحدود البحرية في البحر المتوسط، الذي شكل بداية نزاعات بين أنقرة ودول مشتركة في الحدود البحرية، حيث لم تذكر أنقرة أين تلتقي الحدود البحرية بين تركيا وليبيا.
فاتورة استيراد الطاقة بتركيا
ولمعرفة سبب أطماع تركيا في دول المتوسط، فإن فاتورة الطاقة تشكل سببا رئيسا أمام هذه التدخلات والأطماع، وفق بيانات هيئة الإحصاء التركية، وفي وقت تشهد فيه أنقرة تراجعا حادا في وفرة النقد الأجنبي.
وبحسب الهيئة، بلغت فاتورة الطاقة السنوية لتركيا قرابة 45 مليار دولار أمريكي، وهو مبلغ يمثل أحد قنوات خروج النقد الأجنبي من الأسواق المحلية إلى الخارج، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة نقد أجنبي.
وتركيا البلد الفقير في مجال الطاقة التقليدية، سعت منذ 2014 إلى البحث عن موارد شبه مجانية للنفط الخام، من خلال عقد تحالفات وشراكات، هدفها الحقيقي توفير حاجتها من الوقود بأسعار تقل عن السوق العالمية لمصادر الطاقة.