كيف تستثمر أموالك في أدوات الدين المصرية؟.. عائد مرتفع وآمن
شهدت السوق المصرية خلال الأسابيع الأخيرة تحولاً مهماً في موازين العائد بين أدوات الدين الحكومية والقطاع المصرفي، بعد أن تفوقت أذون وسندات الخزانة على الشهادات البنكية لأول مرة منذ نحو عشر سنوات.
عادت هذه الأدوات إلى واجهة المشهد باعتبارها الاختيار الأكثر جاذبية أمام المستثمرين الراغبين في تحقيق عائد مرتفع وآمن في الوقت ذاته.
وتسارعت البنوك خلال العام الجاري إلى خفض أسعار العائد على الأوعية الادخارية والشهادات إلى أدنى مستوى لها خلال خمس سنوات، جاء ذلك بعد سلسلة من قرارات البنك المركزي بتخفيض أسعار الفائدة، كان آخرها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي حين هبطت الفائدة إلى 21% للإيداع و22% للإقراض، بعد خفض تراكمي بلغ 6.25% منذ بداية 2025.
هذا التراجع جاء بعد دورة تشديد بدأت منذ مارس/آذار 2022، وصلت فيها الفائدة إلى مستويات تاريخية تجاوزت 28%، قبل أن يتبنى البنك المركزي تيسير السياسة النقدية دفع البنوك إلى تعديل منتجاتها الادخارية، وهو ما قلص الفارق بين عوائدها وبين عوائد أدوات الدين الحكومية.
عوائد قياسية على أذون وسندات الخزانة
ورغم موجة الخفض في الفائدة، حافظت وزارة المالية على طرح أذون وسندات الخزانة بعوائد مرتفعة تراوحت بين 19.5% و26% قبل خصم الضرائب، وفق آجال كل أداة، هذا الفارق الكبير مقارنة بعوائد الودائع والشهادات، التي تتراوح بين 9% و17% للعائد الثابت، دفع الأفراد والشركات إلى إعادة التفكير في وجهاتهم الاستثمارية.
تحولت أذون وسندات الخزانة، بوصفها أوراقًا مالية حكومية مضمونة إلى الخيار الأكثر قدرة على تحقيق عائد مرتفع في ظل تراجع العائد البنكي، وهو ما أعاد الزخم لهذه الأداة للمرة الأولى منذ سنوات طويلة.
آلية الاستثمار في أذون الخزانة
تبدأ رحلة الاستثمار في أذون الخزانة بحد أدنى 25 ألف جنيه، وهي أدوات قصيرة الأجل تتراوح بين ثلاثة أشهر وحتى عام واحد، ويتميز العائد عليها بأنه يصرف مقدمًا فور شرائها، في حين يحصل المستثمر على كامل القيمة الاسمية عند تاريخ الاستحقاق.
يتحدد العائد أسبوعيًا حسب كل عطاء، وقد سجل في آخر طرح مستويات تراوحت بين 25.5% و26% قبل الضريبة.
يتم شراء الأذون من خلال التوجه إلى فروع البنوك قبل الساعة الحادية عشرة والنصف صباحًا، ويسمح بكسر الأذن بدءًا من اليوم التالي للشراء، لكن عملية الكسر تخضع لحركة السوق وقد ينتج عنها مكاسب أو خسائر.
وفي حال الكسر، يسترد البنك العائد الذي صرفه مقدمًا من أصل المبلغ، بينما يتاح كذلك الاقتراض بضمان الأذون بفائدة تزيد قليلًا على متوسط سعر الإقراض.
استثمار طويل الأجل عبر سندات الخزانة
على الجانب الآخر، تستهدف سندات الخزانة فئة المستثمرين الراغبين في استثمار طويل الأجل يبدأ من عام ويصل إلى 15 عامًا، بحد أدنى للشراء يبدأ من ألف جنيه. وتطرح السندات بعائد يتم تحديده أسبوعيًا، وقد سجل مؤخرًا مستويات تراوحت بين 19.5% و22.7% سنويًا، بينما يصرف العائد بشكل دوري كل ستة أشهر أو مرة سنويًا حسب شروط السند.
تتيح البنوك شراء السندات قبل الساعة 11:30 صباحًا، كما تتيح بيعها في البورصة قبل تاريخ الاستحقاق إذا رغب المستثمر في الخروج من الاستثمار، إلا أن عملية البيع تخضع بدورها لتقلبات أسعار الفائدة، وقد يترتب عليها مكاسب أو خسائر.
ويسمح كذلك بالاقتراض بضمان السندات بفوائد قريبة من مستويات الإقراض لدى المركزي مع هامش إضافي بسيط.
في ظل استمرار توجه البنك المركزي نحو سياسة نقدية تيسيرية، وتراجع العائد على الشهادات البنكية بشكل واضح، تبدو أدوات الدين الحكومية في موقع متقدم بين خيارات الاستثمار. فهي تجمع بين العائد المرتفع، والضمان الحكومي الكامل، وإمكانية الاقتراض بضمانها، إضافة إلى مرونة الخروج المبكر سواء ببيع السندات أو كسر الأذون.
هذه المعادلة تجعل أذون وسندات الخزانة أكثر جاذبية من الودائع والشهادات في الوقت الحالي، خاصة للمستثمرين الذين يبحثون عن عائد مرتفع خلال الفترة التي تسبق أي تحرك جديد في اتجاه أسعار الفائدة خلال العام المقبل.
وأظهرت أحدث بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري ارتفاعًا ملحوظًا في التدفقات الأجنبية على أذون الخزانة المحلية، بعدما قفزت بنحو 10.7 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، لتسجل مستوى غير مسبوق بلغ 42.4 مليار دولار.
هذا الارتفاع يعكس تنامي شهية المستثمرين المحليين والعالميين لأدوات الدين المصرية، مدفوعًا بجاذبية العائد واستقرار السوق.
وعلق الخبير المصرفي عز الدين حسانين أن هناك أربعة عوامل محورية تقف وراء تعزيز جاذبية السوق المصرية أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية في أدوات الدين الحكومية، مشيرًا إلى أن هذه الركائز أسهمت في تعزيز ثقة المستثمرين الدوليين في أدوات الدين الحكومية.

وقال حسانين لـ"العين الإخبارية" إن العائد المرتفع على أذون وسندات الخزانة يمثل العامل الأبرز في تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى السوق المصرية.
وأوضح أن الفائدة المجزية على هذه الأدوات تجعلها أكثر تنافسية مقارنة بالأسواق الأخرى، لاسيما عندما تكون مستويات العائد مرتفعة بشكل لافت، ما يتيح للمستثمرين فرصة آمنة لتحقيق أرباح ثابتة ومضمونة.
وأضاف أن هذا العائد المرتفع يعزز من مكانة مصر في الأسواق الدولية، ويؤكد قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن مزيج من الأمان والربحية.
وتابع أن قوة الجنيه واستقرار سعر الصرف تعتبر من العوامل الجوهرية التي تؤثر في قرار المستثمرين، فالمستثمر يحتاج إلى ضمانات بأن قيمة أمواله لن تتأثر بتقلبات العملة، وأنه يمكن تحويل أرباحه بسهولة ودون مخاطر كبيرة، مما يعزز الثقة في السوق المصري.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzcg جزيرة ام اند امز
