سياسة
زيارة حفتر للقاهرة.. طريق المشير إلى العملية السياسية في ليبيا
زيارة المشير خليفة حفتر الأخيرة للقاهرة كان لها العديد من الدلالات، أبرزها هو وضع مصر اللمسات الأخيرة لدخول حفتر إلى العملية السياسية.
بعد أيام من استهداف مركز أمني مصري بمحافظة الوادي الجديد غرب القاهرة، عقد قائد الجيش الليبي خليفة حفتر لقاءات مع مسؤولين مصريين في زيارة قصيرة، انتهت صباح الجمعة. وتعكس الزيارة الأخيرة بحسب مراقبين رغبة القاهرة في دمج حفتر سريعا في العملية السياسية لوضع حد للفوضى على حدودها الغربية.
واتسمت المقاربة المصرية للملف الليبي خلال السنوات الماضية بالحذر، وظل التأييد المصري لقائد الجيش الليبي مبطنا بعبارات دبلوماسية، حتى إن زياراته السابقة للعاصمة المصرية بقيت طي الكتمان، لكن الشهرين الماضيين شهدا على ما يبدو تحولا في موقف القاهرة.
وفي هذا السياق، قال زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن "القاهرة على وعي كامل بالمخاطر الإقليمية المحيطة، وهي مخاطر تترجم في الداخل مباشرة عبر عمليات إرهابية كان آخرها عملية كمين النقب (على طريق الخارجة أسيوط غرب القاهرة)"، مشيرا إلى مداخلة هاتفية أجراها السيسي مع برنامج تلفزيوني عقب هجوم إرهابي وقع في شمال سيناء.
وأضاف عقل، وهو محلل سياسي متخصص في الشأن الليبي، لبوابة "العين" الإخبارية، أنه في ضوء تلك المخاطر الإقليمية بدا أن القاهرة لديها إرادة سياسية في التحرك السريع للسيطرة على الوضع في ليبيا.
وقال بيان صادر عن المتحدث العسكري المصري، إنه في إطار الجهود المبذولة لتجميع الأشقاء الليبيين وتحقيق الوفاق بين كافة الأطراف الليبية، التقى الفريق محمود حجازي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، وأعضاء اللجنة المصرية المعنية بالشأن الليبي، مع المشير أركان حرب خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة العربية الليبية، حيث بحثا تطورات الأزمة الليبية، وما أفرزته لقاءات القاهرة مع القوى الليبية المختلفة.
وحسب البيان "أكد المشير حفتر أهمية الدور المصري في دعم جهود الوفاق الليبي، انطلاقا من العلاقات الوثيقة بين الشعبين الليبي والمصري، كما ثمّن تضحيات الجيش الوطني الليبي في مواجهة الإرهاب، والحفاظ على وحدة وسيادة الدولة الليبية".
وغادر المشير حفتر القاهرة في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، بعد زيارة استغرقت يوما واحدا، بحث خلالها دعم علاقات التعاون وآخر التطورات الليبية، رحب خلالها قائد الجيش الليبي بكافة الجهود والتحركات السياسية الصادقة واستعداده للمشاركة في أي لقاءات وطنية برعاية مصرية، يمكن أن تسهم في الوصول إلى حلول توافقية للخروج من الأزمة وتحفظ أرواح الليبيين للانطلاق نحو بناء الدولة التي يتطلع إليها كل الليبيين.
ورأى عقل أنه خلف اللغة الدبلوماسية المعتمدة في البيانات الرسمية، فإن الهدف الرئيسي من زيارة حفتر البحث عن سبل دعمه سريعا في الحوار السياسي كطرف معترف به، وتعديل أسس الحوار وفق تصورات قائد الجيش.
ويسعى الفرقاء الليبيون إلى بدء جولة من المفاوضات من أجل تعديل "اتفاق الصخيرات"، الذي توصلت إليه قوى سياسية ليبية برعاية أممية نهاية العام قبل الماضي، بعدما فشلت حكومة الوفاق الوطني التي تمخضت عن ذلك الاتفاق في ترسيخ وضعها كحكومة شرعية.
ونجح المشير حفتر -الذي بسط هيمنته على شرق ليبيا- في الصمود بما لديه من إمكانيات في وجه مليشيات إرهابية، ما دعم موقفه السياسي، وهو ما توج بزيارة قام بها مؤخرا إلى روسيا، كشفت -حسب المراقبين- عن أن موسكو وضعت رهانها أيضا على حليف القاهرة.
وخلال الشهر الماضي، عقد رئيس الأركان المصري الفريق محمود حجازي لقاءات بمجموعة النواب الليبيين بعد رعايته مؤتمر جمع نشطاء وإعلاميين وسياسيين ليبيين.
ويتولى رئيس الأركان المصري إدارة الملف الليبي بتكليف رئاسي، مع يعكس أولوية البعد الأمني في التعامل المصري مع الأوضاع في ليبيا، وهو ما أكده عقل، قائلا إن "مسألة تنسيق أمن الحدود الغربية هو بطبيعة القضية الجوهرية في أي تحرك سياسي مصري على صعيد الملف الليبي".
وانخرطت الجزائر ومصر خلال الشهور الماضية في حوارات مع أطراف ليبيين في محاولة لدفع العملية السياسية في البلاد التي تعاني من الفوضى منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي قبل 6 سنوات.
وكان الرئيس التونسي الباجي، قائد السبسي، قد قال الشهر الماضي إن بلاده تسعى إلى عقد لقاء ثلاثي يجمع وزير خارجية بلاده بنظيريه المصري والجزائري، لبحث الأزمة السياسية الليبية، تمهيدا لقمة محتملة على المستوى الرئاسي.
aXA6IDMuMTIuMTU0LjEzMyA= جزيرة ام اند امز