"الأرباح قبل الأرواح".. أزمة أسعار الدواء بين صيادلة مصر والشركات
المصريون ينتظرون تفاصيل قرار حكومي بزيادة أسعار الدواء مع وعد بعدم زيادة أسعار أدوية الأمراض المزمنة.. ما الحكاية؟
وافق رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، على زيادة أسعار الدواء المحلي والمستورد بنسبة تتراوح بين 15% إلى 30% مراعاة لزيادة تكاليف الإنتاج للدواء المحلى ونسبة من الربح للصيدليات، من خلال الاتفاق على شرائح سعرية متفاوتة.
وينتظر الشارع المصري إعلان القرار الرسمي عن الحكومة لمعرفة أصناف الأدوية التي ارتفعت أسعارها، وحجم الزيادة، في ظل وعد من رئيس الوزراء باستبعاد الأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة من الزيادة المنتظرة.
وكانت حالة من الجدل ضربت الشارع المصري بعد تهديد نقابة الصيادلة بتنفيذ إضراب جزئي في جميع الصيادليات بدءًا من 15 يناير المقبل، في ظل أزمة نقص الدواء وارتفاع أسعار جميع الأدوية، لكن الحكومة حاولت رأب الصدع بين الصيادلة وأصحاب شركات إنتاج واستيراد الدواء، حتى لا يتأثر المواطن المصري بتك الأزمة.
وكان المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، اجتمع بعدد من أعضاء مجلس النواب، خاصة لجنة الصحة لمناقشة أزمة الدواء التي تفاقمت خلال الفترة الماضية.
وأكد رئيس مجلس الوزراء المصري خلال الاجتماع على حرص الحكومة الكامل على عدم تكرار أزمة نقص الدواء في المستقبل، وتوفير كافة أنواع الأدوية.
أثير الجدل في أعقاب أزمة بين الصيادلة وأصحاب شركات الأدوية حول هامش ربح الصيدلي، وأرجع صيادلة مصر قراراتهم التصعيدية إلى سياسة وزير الصحة، الدكتور أحمد عماد الدين، الذي اتهموه بعدم تنفيذ القرار رقم 499 الخاص برفع هامش ربح الصيدلي في الدواء المحلي لـ25% على أن يكون الربح من الأدوية المستوردة 18%، وتحقيق شركات تصنيع واستيراد الأدوية لهامش ربح على حساب الصيادلة.
السفير أشرف سلطان، المتحدث باسم مجلس الوزراء، كشف لـ"العين"، عن لقاء جمع بين رئيس مجلس الوزراء وأعضاء لجنة الصحة بالبرلمان لمناقشة أزمة الدواء وتداعياتها، مؤكدًا أن الحكومة وضعت استراتيجية لحل الأزمة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وأضاف سلطان أن الحكومة المصرية حريصة على مصلحة المواطن، مضيفًا أن المهندس شريف إسماعيل وعد النواب بعدم تكرار أزمة نقص الدواء في المستقبل وتوفير جميع الأدوية.
وعن تدخل الحكومة في أزمة الصيادلة وأصحاب شركات الدواء، قال سلطان، إن مجلس الوزراء سيتدخل بشكل يناسب المواطن المصري ولا يؤثر عليه.
أما الدكتور محي الدين عبيد، نقيب صيادلة مصر، فقال إن قرارات الصيادلة، جاءت بسبب تراجع شركات الأدوية عن تطبيق القرار 499، الذي ينص على منح الصيدلي هامش ربح 25%، مضيفًا أن الصيدليات سوف تعمل في مواعيد العمل الرسمية لمدة 6 ساعات ولا توجد جهة تستطيع إجبار الصيدلي على العمل خارج مواعيد العمل الرسمية.
وقال عبيد في تصريحات لـ"العين": إن قرار الإضراب جاء رفضًا لسياسات وزارة الصحة تجاه ملف الدواء، وقرارات الوزارة السلبية تجاه الصيادلة وتهميش دورهم وعدم الالتزام بتنفيذ قرار 499 والذي ينص على رفع هامش الربح للصيدلي ليصل إلى نسبة 25% على الأدوية المحلية.
واعتبر نقيب الصيادلة، أن شركات الأدوية والمصنعين يحاربون الصيادلة في أرزاقهم، فضلا عن أن غرفة صناعة الدواء وأعضاءها أقوى من مجلس نقابة الصيادلة ويتحكمون في سوق الدواء في مصر، مضيفًا أن أعضاء غرفة صناعة الدواء كانوا يريدون خفض هامش ربح الصيادلة إلا أن النقابة رفضت ذلك.
وأشار إلى أن وزير الصحة يريد إصدار قرار لتحريك أسعار الأدوية حسب رغبة غرفة صناعة الدواء ، لافتا إلى أنه لا مساس بالأدوية المزمنة للمرضى خاصة أن نقابة الصيادلة تهدف لتوفير دواء آمن للمريض.
وعن تأثير تلك القرارات على المواطن، قال عبيد، ندرس اختيار صيدلية في كل حي داخل محافظات الجمهورية تؤدى الخدمة للجمهور خلال بقية اليوم، مضيفًا أن الصيادلة يشعرون بألم المواطن المصري ولن يعملوا ضد مصالحه.
وأشار نقيب صيادلة مصر إلى أن الصيادلة سوف يستمرون في إضرابهم إذا لم يتم تحقيق مطالبهم المؤجلة منذ عام 2012م والخاصة بتطبيق القرار رقم 499، مهددًا بالمزيد من التصعيد وتنظيم إضراب كلي في حالة عدم تنفيذ مطالب الصيادلة.
بينما أكد النائب ايليا ثروت بسيلي، عضو لجنة الصحة وصاحب شركة "الفا كيور" المصرية للأدوية، لـ"العين"، أن القرار رقم 449 صدر في عهد جماعة "الإخوان" وسوف يؤثر بالسلب على الشركات المصنعة للأدوية دون غيرها، لتحميله زيادة هامش ربح الصيدلي على شركات الأدوية.
وأضاف بسيلي أن القرار رقم 449 يشمل عدة بنود صعبة التطبيق في الوقت الحالي، متسائلًا: لماذا يصر الصيادلة على تطبيق جزئية من القرار والخاصة بهامش الربح بعيدًا عن القرار بشكل كامل؟"
وطالب عضو لجنة الشئون الصحية في البرلمان بإلغاء القرار رقم 449 وإصدار قرار تسعير جديد للأدوية، على أن يؤخذ في القرار الجديد بآراء جميع الأطراف وممثلي نقابة الصيادلة وأصحاب مصانع وشركات الأدوية.
أما الدكتور محمد العماري، رئيس لجنة الشئون الصحية في مجلس النواب المصري، قال لـ"العين"، إن قرارات نقابة الصيادلة شأن خاص بهم، لكنه يختلف معها جملة وتفصيلًا.
وأضاف العماري، أنه كان يتوجب على صيادلة مصر التواصل مع وزارة الصحة وتقديم مطالبهم عبر القنوات الشرعية، وحلها من خلال التفاوض، معتبرًا أن قرارات نقابة الصيادلة مرفوضة وتمس المواطن فقط.
وأكد رئيس لجنة الشئون الصحية في مجلس النواب، أن المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، وعد النواب بحل أزمة الدواء في أقرب وقت بما لا يمس المواطن البسيط.
فيما قال محمود فؤاد، رئيس المركز المصري للحق في الدواء، إن إضراب نقابة الصيادلة الذي قررته خلال الجمعية العمومية، بمثابة خطر جديد ضد المريض البسيط.
وأضاف فؤاد في تصريحات لـ"العين"، أن الحرب بين شركات الأدوية والحكومة تتسبب في تقليل الإنتاج، بهدف رفع سعر الأدوية، مما يجعل المخاطرة بحياة المريض مضاعفة، فضلا عن خسارة فادحة تلحق بالصيدليات، معتبرًا أن نقابة الصيادلة لا تستطيع الضغط على الشركات أو الحكومة، لكنها تضرب ضد أضعف حلقات الضغط وهو المريض نفسه.
واستنكر رئيس المركز المصري للحق في الدواء، الإجراءات التي تتخذهها المؤسسة الصحية في مصر ضد المريض، معتبرًا أن شعار المرحلة الحالية هو"الأرباح قبل الأرواح".