البرلمان المصري يحاصر فتاوى "التطرف" بتشريعات جديدة
برلمانيون مصريون يؤكدون أن ضوابط تنظيم الفتاوى ومواجهة الأفكار المضللة، تسهمان في جهود تجديد الخطاب الديني
دفعت فوضى الفتاوى التي تجتاح الفضائيات المصرية، مجلس النواب إلى التحرك بجدية لحصار هذه الظاهرة في إطار جهود مصر لتجديد الخطاب الديني؛ ومواجهة التطرف والتشدد.
- تجديد الخطاب الديني.. رهان السيسي لمواجهة التطرف
- لجنة المشاورات الإماراتية العراقية تبحث مكافحة التطرف والإرهاب
وكشف برلمانيون مصريون بارزون في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" عن أن "مجلس النواب سيصدر خلال دور الانعقاد الجاري مجموعة من القوانين ستكون كفيلة بوقف انتشار هذه الفتاوى المثيرة للفتن والمشكلات داخل المجتمع، والتي تصدر من غير المتخصصين وأصحاب الهوى والمتشددين".
وطالبت لجنة الشؤون الدينية والأوقاف في مجلس النواب المصري، خلال اجتماعها، الثلاثاء، بسرعة إدراج مشروع تنظيم الفتوى، وكذلك مشروع قانون تنظيم الظهور الإعلامي لرجال الدين، على جدول أعمال الجلسة العامة للبرلمان، تمهيدا لمناقشتهما تحت القبة والتصويت عليهما.
وقال الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشؤون الدينية والأوقاف في مجلس النواب المصري لـ"العين الإخبارية": إن "اللجنة انتهت من مناقشة مشروع قانون ضبط الفتوى العامة، الذي تقدم به النائب عمر حمروش أمين سر اللجنة، ومشروع ظهور رجال الدين في وسائل الإعلام، للنائب محمد شعبان وكيل لجنة الثقافة والإعلام في المجلس، فضلا عن مشروع قانون تنظيم دار الإفتاء المصرية الذي تقدمت به وجارية مراجعته في اللجنة الدينية، وهو المشروع الذي يلبي احتياجات الدار للنهوض بعملها".
وأكد العبد أن "هذه القوانين من شأنها العمل على مواجهة الفتوى الشاذة التي تضر المجتمع المصري، وتسهم في انتشار الأفكار المتطرفة".
وأوضح أن "ضبط الفتوى سيسهم في منع غير ذوي الاختصاص من الخروج على الناس بفتاوى ما أنزل الله بها من سلطان"، مردفا: "لا نريد وجود أزمات وفتنا في المجتمع، في وقت ينشغل فيه الجميع ببناء دولة حديثة تقوم على أسس مدنية متينة".
وأكد العبد أن "ضوابط تنظيم الفتاوى وموجهة الأفكار المضللة، يسهم في جهود الدولة الرامية لتجديد الخطاب الديني؛ لمواجهة التطرف والتشدد".
ولم تتوقف مطالبات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال مناسبات كثيرة عن ضرورة تجديد الخطاب الديني بما يتوافق مع مستجدات العصر، وقال في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي خلال الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف: "أدعو علماءنا وأئمتنا ومثقفينا إلى بذل مزيد من الجهد في دورهم التنويري، دعونا نستدعي القيم الفاضلة التي حث عليها الإسلام ورسولنا الكريم والتي تنادي بالعمل والبناء والإتقان لنواجه أولئك الذين يدعون إلى التطرف والإرهاب".
ومن جهته، تحدث النائب عمر حمروش مقدم مشروع تنظيم الفتاوى، عن جدوى القانون، قائلا لـ"العين الإخبارية" إنه "سيضع حدا لفوضى الفتاوى العامة"، متوقعا إحالة المشروع قريبا للمناقشة في جلسة عامة، على أن يتم إقراره قبل نهاية دور الانعقاد الحالي.
وأكد حمروش أن "المشروع يعاقب كل من يصدر مثل هذه الفتاوى الشاذة بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 10 آلاف جنيه، وفي حالة العودة تضاعف العقوبة بحيث يكون الحبس عاما، وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه"، مشددا على أن "تلك الظواهر الشاذة ستختفي مع إقرار القانون".
وحدد القانون -بحسب حمروش- 4 جهات لإصدار الفتوى عبر وسائل الإعلام، وتعطي في الوقت ذاته الترخيص لمن تتوافر لديه المؤهلات المطلوبة، وهي: "هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث الإسلامية، والإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، أو من يرخص له من هذه الجهات".
كما يمنح المشروع للأئمة والوعاظ بالأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر، والمعاهد الأزهرية، أداء مهام الوعظ وبيان صحيح الدين لعامة المسلمين، بحسب النائب.
وفي إطار ضبط الخطاب الديني في المجتمع، تقدم النائب محمد شعبان وكيل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب بمشروع قانون تحت اسم "تنظيم الخطابة الدينية" قبل أن يتم تغييره إلى "تنظيم الظهور الإعلامي لرجال الدين".
وقال شعبان لـ"العين الإخبارية"، إن "مشروع القانون الذي يتضمن 9 مواد، يضع شروطا عدة يجب توافرها فيمن يتصدى للظهور الإعلامي من رجال الدين في وسائل الإعلام، أبرزها: الحصول على مؤهل علمي له صلة بالعلوم الدينية الشرعية، كما يلزم القانون المؤسسات الإعلامية بالتحقق فيمن تستضيفهم شريطة أن يكونوا حائزين للرخصة قبل أن يسمح لهم بالظهور إعلاميا".
وأشار شعبان إلى أن "القانون أقر عقوبة الغرامة المالية ضد من يتحدث في الشأن الديني بوسائل الإعلام دون الحصول على ترخيص"، لكن النائب لم يذكر قيمتها، قائلا إنها "قيد الدراسة حاليا"، لافتا إلى أن "مدة الترخيص الممنوحة للحديث في الشأن الديني بوسائل الإعلام 3 سنوات قابلة للتجديد".
ونبه شعبان إلى أن "القانون يكفل لكل هيئة دينية مثل هيئة كبار العلماء، ودار الإفتاء، والأوقاف، تشكيل لجان منح تصاريح الظهور الإعلامي لرجال الدين"، مشددا على أن "القانون لا يستهدف إقصاء أي فصيل، لكنه يسعى لوضع نقطة نظام وضبط العمل الدعوى عبر وسائل الإعلام".
وكان المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر برئاسة مكرم محمد أحمد قد حاول استباق صدور تشريع ينظم الإفتاء في البلاد، وأعلن في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2017 ضوابط ظهور من يتصدى للفتوى في وسائل الإعلام وقصرها على الأزهر ودار الافتاء، مطالبا كل أجهزة الإعلام الالتزام بالقوائم التي تضمنها القرار وضمت نحو 50 اسما، هم المُصرح لهم بالفتوى.
وفي السياق ذاته، تقدم النائب عبدالحميد دمرداش، بطلب إحاطة للبرلمان حول انتشار الفتاوى والآراء الدينية المثيرة للمشاكل والقلاقل في المجتمع.
وقال دمرداش في بيان له، الإثنين، إن "ذلك النوع من الفتاوى يضر بأمن المجتمع، ويضرب استقراره، كما يضر بمنظومة تجديد الخطاب الديني، ويحول دون نشر تعاليم الدين السمحة والمعتدلة".
ودعا النائب إلى "اتخاذ حزمة إجراءات حاسمة لضبط أداء منظومة إصدار الفتاوى، وتنظيم الخطاب الديني، من أجل دعم الجهود الرسمية المعنية بمواجهة الإرهاب والتطرف".
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قد أصدر نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، قرارا بتشكيل اللجنة العليا لمنع ومواجهة الأحداث الطائفية بالتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد.
وتتولى اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية وضع استراتيجية عامة؛ لمنع ومواجهة الأحداث الطائفية، ومتابعة تنفيذها، وآليات التعامل مع الأحداث الطائفية، حال وقوعها.