الإخوان بتركيا بين خائف ومترقب.. هل تطيح بهم "مقصلة التطبيع" مع مصر؟
خطوة جديدة على طريق "تطبيع" العلاقات التركية – المصرية، خطاها البلدان، بعد زيارة وزير خارجية مصر إلى أنقرة، في 27 فبراير/شباط الجاري.
تلك الزيارة التي أجراها وزير خارجية مصر سامح شكري حملت في ظاهرها رسالة تضامن من القاهرة إلى أنقرة عقب كارثة زلزال 6 فبراير/شباط الجاري، التي خلفت خسائر فادحة في تركيا وسوريا، إلا أن وقعها كان له تأثير مضاعف، وفتح الطريق أمام تقريب العلاقات و"التطبيع الكامل" بين البلدين.
ذلك "التطبيع" بات "قريبًا"، بعد أن كشف وزيرا خارجية مصر وتركيا عن إمكانية عقد رئيسي رجب طيب أردوغان وعبدالفتاح السيسي لقاء "في الوقت المناسب وفقا لرؤية الرئيسين"، بحسب تصريح لشكري أكده نظيره جاويش أوغلو.
إلا أن ذلك "التطبيع المرتقب" كان هناك من يقف في الجهة المقابلة يرقبه وينظر إليه نظرة "الخائف" على مستقبل باعه بتأييده لتنظيم إرهابي، والعمل ضد بلاده، واهمًا نفسه أنه "يناصر" حقًا.
نظرات الترقب والخوف من تسليمهم إلى القاهرة، لم تكن وليدة لقاء وزيري خارجية مصر وتركيا يوم الإثنين، بل إنها اعتلت الوجه وأخرست الألسن، منذ أن بدأ البلدان قطار التطبيع قبل أشهر، حتى وصوله في محطة قطار بلقاء المصافحة الشهير بين رئيسي البلدين، وما أعقبه من تحركات من أنقرة ضد "مهاجمي" و"منتقدي" مصر في الإعلام الإخواني، على أراضيها.
فكيف يؤثر "التطبيع" على الإخوان؟
يقول المحلل المصري في شؤون حركات الإسلام السياسي هشام النجار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "التطبيع" بين البلدين سيكون له تأثير سلبي على جماعة الإخوان التي تجد نفسها معزولة عن هذا المسار ومكشوفة، في ظل عدم تسامح مصر مع ممارسات السنوات الماضية، واتضاح موقف مؤسساتها وأجهزتها حيال هذا الملف، باعتباره ملفا أمنيا وقضائيا بامتياز، وعدم القبول بتسييسه أو إخضاعه للمساومات والمقايضات.
وأوضح المحلل المصري، أن الجماعة بدأت تتحسب لذلك التقارب منذ فترة بمحاولة الحصول على الجنسية التركية. وأكد أن هناك تعليمات من الأجهزة التركية صدرت لقادة الإخوان في هذا الإطار خاصة فيما يتعلق بعناصر وقادة التنظيم المطلوبين للعدالة في مصر على خلفية قضايا إرهاب وتحريض، بمغادرة البلاد وعدم المساس بمصر.
وأشار إلى أن زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري تشكل مستوى أعلى من التقارب بين البلدين، مرجحًا أن تكون هذه الخطوة ممهدة لزيارة مرتقبة ولقاء بين رئيسي البلدين.
وأكد المحلل المصري، أن مصافحة المونديال والجهود المصرية أثناء وعقب كارثة الزلزال ومكالمة السيسي لأردوغان، وصولا إلى زيارة الوزير سامح شكري، دلائل تعكس كثيرًا من التقدم في إطار ملف التقارب والمصالحة.
تسليم مطلوبين
في السياق نفسه، أكد الباحث في شئون الجماعات الإرهابية عمرو فاروق، أن زيارة شكري إلى تركيا "خطوة نحو تطبيع العلاقات"، مما يؤثر على جماعة الإخوان بشكل سلبي.
وأوضح فاروق في حديث لــ"العين الإخبارية" أن تركيا أخذت خطوات إيجابية منذ فترة قبل حدوث الزلزال بإغلاق بعض القنوات المحرضة ورفع الدعم والتمويل، وتجفيف منابع المؤسسات الإعلامية ورفع الغطاء السياسي والمالي على أعضاء الجماعة.
وأشار إلى أن تركيا بدأت في متابعة أعضاء الجماعة أمنيا، وتحجيم ممن يطلقون منهم تصريحات ضد مصر، بالإضافة إلى وقف أي نشاط للإخوان داخل أنقرة.
وحول تسليم العناصر المطلوبة للقاهرة، توقع الباحث في شئون الجماعات الإرهابية، تسليم بعض العناصر التي هي محل اهتمام مصر، والتي وضعتها في قائمة تضم ما بين 45 لـ50 شخصية عليها أحكام قضائية ومسؤولين بشكل مباشر عن التحريض والتمويل والتخطيط للعمليات التي تم تنفيذها على أيدي الجناح المسلح سواء "حسم" أو غيرها.
وأكد أن هناك شخصيات سيتم طردها خارج تركيا، بعد أن وجه الأمن تعليمات في الفترة السابقة بالخروج سريعا من البلاد والهجرة إلى موطن آخر حتى لا يتم تسليمهم إلى القاهرة.
ولفت إلى أن الوجهة المقربة للأعضاء المطرودين ستكون بين كندا وبريطانيا، وخاصة أن لدى الإخوان اتصالا بشكل مباشر مع دوائر صنع القرار في هذين البلدين.
قلق وخوف
بدوره، توقع عضو تنظيم الإخوان المنشق والباحث في الحركات الإسلامية إسلام الكتاتني، عودة العلاقات والتطبيع بين مصر وتركيا، مشيرًا إلى أن أعضاء الإخوان غير الحاصلين على الجنسية التركية يشعرون بالقلق ويستعدون للمغادرة، بعد وصول رسالة لهم مفادها أن وجودهم غير محبذ.
كما توقع أن تتخذ تركيا إجراءات أشد حزما تجاه أعضاء جماعة الإخوان الحاصلين على الجنسية، والتأكيد عليهم بعدم بث الشائعات والأكاذيب تجاه مصر، مشيرًا إلى أنه حال فوز الرئيس التركي في الانتخابات المقبلة سيكون هناك لقاء مرتقب مع نظيره المصري، مما سيشكل المسمار الأخير في نعش الجماعة بتركيا.
تغيير السياسات
من جانبه قال المحلل السياسي التركي، تورغوت أوغلو، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن الرئيس أردوغان ضحى بجماعة الإخوان من أجل التقارب مع مصر، مشيرًا إلى أن بلاده بدأت في إجراءات ضد الإخوان مع قرب موعد الانتخابات في تركيا.
وأشار المحلل السياسي التركي إلى أن "أردوغان يعمل على إحداث تغيير في السياسية الداخلية والخارجية لتحقيق التصالح وتقليل علاقته بالإخوان؛ لحرصه على الحصول على أصوات القوميين والإسلاميين في الانتخابات المقبلة"، على حد قوله.