وضع خاص تحظى به مناورات النجم الساطع المصرية- الأمريكية 2017، فهي تستكمل حلقات أضخم مناورات عسكرية انطلقت قبل 36 عاما من الآن.
وضع خاص تحظى به مناورات النجم الساطع المصرية الأمريكية 2017، فهي تستكمل حلقات أضخم مناورات عسكرية انطلقت قبل 36 عاماً من الآن، وتوقفت لتوتر شاب العلاقات بين البلدين عقب أحداث ما سمي بـ"الربيع العربي" 2011، وتعود من جديد برغم ضباب بسبب المعونة المخصصة لمصر، يعكر صفو العلاقات الآخذة في التحسن الملحوظ منذ دخول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب البيت الأبيض مطلع 2017.
مشهد النجم الساطع منذ سجل أولى لقطاته في العام 1981 مروراً بمرحلة الانقطاع بعد مناورة 2009، ثم توقفها رسمياً بقرار من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2013، ثم عودتها مجدداً في 2017 بالتزامن مع أزمة جديدة تلوح في الأفق، أشبه بالبانوراما العسكرية التي تحتاج تفسيراً لبعض محطاتها.
- المتحدث باسم البنتاجون يثمّن مناورات "النجم الساطع" مع مصر
- 200 جندي أمريكي يشاركون بمناورات "النجم الساطع" مع مصر
الحلقة الجديدة من مناورات النجم الساطع المصرية الأمريكية المشتركة، التي يستأنفها الجانبان بقاعدة محمد نجيب العسكرية في الفترة ما بين 10 إلى 20 سبتمبر/أيلول، بعد توقف 8 سنوات، ما تفاصيل التاريخ الذي ستستقر المناورة الأخيرة في إحدى صفحاته، وما معنى استكمالها رغم ما تردد عن أزمة المعونة المصرية التي جمدتها الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً، ولماذا تمسكت أمريكا باستكمال المناورات رغم تصرفها السياسي المعاكس مع مصر، وإلى ماذا استندت مصر في استئناف المناورة العسكرية بغض النظر عن مشكلات السياسة.
النجم الساطع قبل 36 عاما
يقول اللواء دكتور نصر سالم، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، إن بداية هذه التدريبات كانت في ثمانينيات القرن الماضي وبالتحديد عام 1981، وكانت تُجرى دورياً كل عامين، آخرها تم في عام 2009، وكان من المقرر أن تجرى التالية لها في 2011، إلا أن توتر الوضع في مصر عقب اندلاع ثورة 25 يناير دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما آنذاك لوقف مشاركة جيش بلاده في المناورة.
ويضيف سالم في تصريحٍ خاص لبوابة "العين" الإخبارية، أن الولايات المتحدة الأمريكية عاودت طلب استئناف تدريبات النجم الساطع مجدداً بعد تولي دونالد ترامب الرئاسة مطلع 2017.
وأكد الخبير الاستراتيجي المصري أن هذه المناورات ضخمة جداً، حيث تشارك فيها 20 دولة، يزيدون قليلاً أو ينقصون، بعضهم يشارك باستمرار منذ 1981 حتى الآن وبعضهم يستجد وآخر ينقص، إلا أنه في النهاية تنفذ القوات المشاركة واحدة من أكبر وأضخم المناورات العسكرية على الإطلاق، مع ملاحظة أن الدولة التي تشارك في هذه المناورة تكون قد استنفذت أعلى أشكال التدريب العسكري في بلادها وتشارك لتكتسب خبرات أعلى مستوى.
ويوضح أن واحدة من أهم مراحل تدريبات النجم الساطع، الجزء الأول المتعلق بالتعارف بين القوات المشاركة، وفيه يتبادلون الخبرات بشكل واسع، تليها مرحلة تخطيط المشروع والتنفيذ، فقوات الدول المشاركة تتلقى تدريبات ما يسمى بالفتح الاستراتيجي، والقوات المصرية تتلقى تدريبات فيما يسمى الفتح التعبوي، وبشكل عام القوات كلها تتعرف على فكر جديد وتطلع على أحدث ما وصلت إليه جيوش العالم، فضلًا على صقل المهارات وتبادل الخبرات، وتوحيد المفاهيم العسكرية حتى إذا ما اشتركت أكثر من دولة في مواجهة خطر ما.
وأضاف: "كذلك التدريب على كيفية مواجهة تهديد الإرهاب سواء كان على أرض الدولة أو في مسرحٍ خارجي، والتدريب على مواجهة الأعمال المهددة للدول من الخارج كالعناصر المتسللة والمهاجرين غير الشرعيين".
- رسائل الدول الداعية لمكافحة الإرهاب من قاعدة "محمد نجيب"
- الجيش المصري ينشر فيلما لتدريباته مع الإمارات والسعودية
وحول علامات التعجب التي تظهر في الصورة بخصوص الطلب الأمريكي استئناف مناورات النجم الساطع مع القوات المصرية في الوقت الذي اتخذت فيه إجراءات سلبية فيما يتعلق بالمساعدات التي كانت تخصصها لمصر، يقول نصر سالم إن مؤسسات الدولة الأمريكية كل منها يعمل في شأنه دون التدخل في تخصصات الآخر، فالتدريبات العسكرية التي تتم تحت إشراف البنتاجون لا علاقة لها بقرارات الكونجرس أو البيت الأبيض، فالتدريب غايته عسكرية بالدرجة الأولى لا علاقة له بالتفاصيل السياسية.
مصر تجني فوائد النجم الساطع رغم التوتر
اللواء طيار أركان حرب هشام الحلبي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، يوضح أن تدريبات النجم الساطع التي بدأت قبل 36 عاماً من الآن، نفذت جميع مناوراتها على أرض مصر، في المنطقة التي تحتضن الآن قاعدة محمد نجيب العسكرية قبل تطويرها إلى الشكل الحالي، ومنذ انطلاقها وهي تضم دولاً ذات ثقل سياسي وعسكري لا خلاف حوله.
وأضاف الحلبي في تصريحاتٍ خاصة لبوابة "العين" الإخبارية، أن عدداً لا بأس به من الدول التي تشارك دورياً في النجم الساطع، تمتلك مصانع للسلاح، ومشاركتها في هذا التدريب يعني التعرف على أحدث الأسلحة العسكرية وكسب خبراتها فيما يتعلق بتكتيكات استخدام هذه الأسلحة.
حول ما تجنيه مصر من استضافة هذا التدريب، يقول الحلبي إن اسم "النجم الساطع" ارتبط بمصر فهو لم يُجرَ إلى على أرضها، وهو تدريب له تاريخ، تستضيف مصر فيه ثقافات عسكرية مختلفة وتضمن عملية انتقال الخبرات وتبادل المعرفة القتالية المختلفة، وبدوره هذا يساعد في التحرك المصري جيداً في عمليات حفظ السلام بجدارة، ومصر مرحب بها جداً في هذه الجبهة التي تطلب مقاتلاً على علاقات طيبة بجميع الثقافات المختلفة ومُلماً بخبراتها.
وأضاف: "كما تكتسب مصر ثقلاً عسكرياً ضخماً باحتضانها التدريب الضخم من الناحية التنسيقية، بدءاً من استقبال الوفود العسكرية وتدريبهم والإشراف على عملية تبادل الخبرات، وانتهاءً بترحيلهم إلى بلادهم، فليست كل دولة قادرة على هذا التنسيق الدقيق لفاعلية عسكرية بهذه الضخامة".
ويواصل: "هذا التدريب في هذا التوقيت يحظى بتغطية إعلامية دولية، ويصنع دعاية ضخمة لمصر من حيث إنها بلد آمن بإمكانه استضافة هذه الفاعليات العسكرية الضخمة، والأمن يتبعه فوائد ضخمة يمكن أن تتحقق للبلاد في جميع المجالات خاصة السياحية، وفي هذا الإطار، جميع الأمريكان الذين شاركوا في مناورات النجم الساطع يعشقون مصر ويحلون عليها وأُسرهم حتى اليوم سائحين".
تعليق المساعدات ونظرة البنتاجون
وفيما يتعلق بحساسية الوقت الذي ستجري فيه مناورات النجم الساطع بعد توقفها 8 سنوات متصلة، يقول الحلبي: "تدريب 2017 له وضع خاص جداً، فهو يرسخ للعلاقة الاستراتيجية بين مصر وأمريكا رغم كل ما مرت به من توتر في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق بارك أوباما، ورغم عدم الارتياح الحالية للتوجه الأمريكي بتجميد أجزاء من المعونة المخصصة لمصر".
ويضيف: "أن تعاوناً عسكرياً بهذا الحجم قد يؤثر بالإيجاب على قضية تجميد المعونة، ودائماً في العلاقات بين الدول يجب تعظيم النقاط الإيجابية، لتُستخدم لاحقًا في جبّ نقاط القلق، خاصة أن مصر تعلم جيداً نظرة المؤسسة العسكرية الأمريكية لها، فالبنتاجون كان في أحلك الظروف وأعظم أوقات التوتر بين البلدين عقب ثورة 30 يونيو كان يعلم جيداً قدر مصر وجيشها، ومن جانب آخر فهو مؤسسة فاعلة في القرار الأمريكي لا يجب أن تخسرها مصر".