يوم المرأة المصرية.. قصة كفاح "نون النسوة"
مر أكثر من 100 عام على بدء قصة نضال المرأة المصرية للحصول على حقوقها، لتكتب بدمائها فصلاً جديداً في تاريخ مصر، وتؤرخ لبداية عصر النسوية.
وتحتفل القاهرة في 16 مارس/آذار من كل عام بيوم المرأة المصرية، الذي يبدو للبعض أن له علاقة بيوم المرأة العالمي 8 من الشهر ذاته، لكن الحقيقة أنه تاريخ سقوط شهيدات الوطن قبل أكثر من 100 عام خلال كفاحهن ضد الاحتلال الإنجليزي.
تاريخ الكفاح النسوي في مصر أثمر عن العديد من المكتسبات التي حازتها المرأة بداية من عام 1924 وحتى يومنا هذا، دعمتها توجه القيادة السياسية نحو المساواة بين الجنسين والارتقاء بالمرأة وتحسين أوضاعها.
"العين الإخبارية" تستعرض قصة يوم المرأة المصرية وتطور كفاح النسوة للدفاع عن حقوقهن والارتقاء لخدمة بلدهن.
وطنية فريدة
يعود تاريخ يوم المرأة المصرية إلى 16 مارس/آذار 1919، عندما شاركت سيدات في الاحتجاجات التي جابت الشوارع ضد الاحتلال الإنجليزي لأول مرة في تاريخ مصر الحديث.
البداية جاءت بدعوة الحقوقية هدى شعراوي في ذلك اليوم إلى مظاهرة نسائية ضد الاحتلال الإنجليزي، شاركت فيها أكثر من 300 سيدة مصرية.
وخلال المظاهرات سقطت بعض السيدات ليصبحن "شهيدات الوطن"، ويتحول النضال منذ ذلك اليوم إلى جزء من رسالة المصريات للدفاع عن حقوقهن وحقوق بلادهن.
أبرز من سطر التاريخ أسماءهن في صفحاته بحروف من نور بعدما سقطن شهيدات خلال الاحتجاجات الدامية حميدة جليل، التي لقبت بـ"أول شهيدة مصرية" بعدما قتلها رصاص الاحتلال الإنجليزي، إضافة إلى الشهيدات اللاتي سقطن بعد ذلك نعيمة عبدالحميد، وفاطمة محمود، ونعمات محمد، ويمنى صبيح.
وفي 16 مارس 1923، دعت هدى شعراوي إلى تأسيس أول اتحاد نسائي في مصر، بهدف حصول المرأة على حقوقها السياسية والاجتماعية والمساواة مع الرجل، ليس ذلك وحسب، بل ودعت إلى ضرورة حصول الفتيات على حق التعليم العام في جميع مراحله وصولا للجامعي وإصلاح القوانين فيما يتعلق بالزواج.
وناشدت الحقوقية أساتذة القانون والسياسيين دعمها في مطالب تغيير القوانين المصرية في الزواج والتعليم وممارسة الحقوق السياسية.
حقوق تدريجية
رغم صعوبة الوضع واعتبار البعض أن مطالب هدى شعراوي مستحيلة التحقق بدأت بعض قطرات الأمل في التساقط، إذ سجل عدد من المناضلات تفوقا في مجالات الريادة؛ ليؤكدن أحقيتهن في التعليم والعمل العام.
البداية كما يذكرها تاريخ مصر الحديث جاءت بتفوق هيلانة سيداروس في مجال الطب على رفقاء المهنة من الرجال، لتصبح أول طبيبة مصرية.
أيضا خلال تلك الفترة حصلت أول فتاة مصرية على شهادة ليسانس الحقوق، وسُجل اسم منيرة ثابت في جدول المحامين أمام المحاكم المختلطة عام 1924، باعتبارها أول محامية مصرية وعربية.
كما سجل التاريخ في دفاتره 16 مارس/آذار 1928 باعتباره يوما مجيدا بعد التحاق فتيات بجامعة القاهرة في سابقة تدعو للفخر وقتها.
لكن رغم التفوق العلمي والإصرار على تحقيق العدالة الاجتماعية، فإن حصول المرأة المصرية على حقوقها في الحياة السياسية تأخر حتى عام 1956.
إذ أن السلطات المصرية لم تسمح للمرأة بممارسة حقوقها السياسية كحق الانتخاب أو الترشح منذ عام 1923 وحتى أقر الدستور ذلك عام 1956، ليعد هذا الانتصار الأول الذي يتحقق للمرأة سياسيا وفقا للقانون المصري.
وفي 16 مارس/آذار 1956، أصبحت المرأة المصرية عضوا برلمانيا بعدما سمح الدستور لها بالترشح، ومنحها أيضا الحق في التصويت بانتخابات البرلمان.
أول من نجحتا في الانضمام لعضوية البرلمان المصري كانتا أمينة شكري، وراوية عطية، ليفتح ذلك التاريخ الباب لانضمام العشرات بعد ذلك.
طموح المرأة المصرية لم يتوقف عند ذلك الحد، إذ نجحت في ستينيات القرن الماضي في امتهان بعض الوظائف الرفيعة بالدولة، بدعم من الحكومة التي اعتبرت ذلك جزءا من خطتها لدعم الاقتصاد بشكل أكبر بعد ثورة 23 يوليو/تموز 1952.
ومنذ ذلك الوقت بدأت المرأة المصرية تحتل أرفع الدرجات وتتقلد أعلى المناصب في الدولة، لتحقق عشرات الإنجازات الشخصية والعامة، وتمارس دورها الاجتماعي بمهارة وتخدم شعبها وبلدها.
aXA6IDMuMTMzLjEzOS4yOCA= جزيرة ام اند امز