"كوما وايدي".. مصرية تطلق مبادرة للحفاظ على اللغة النوبية
المصرية حفصة تجمع العديد من الكلمات العامية وغير الدارجة لدى جيلها، لتعريف الآخرين بالتراث واللغة النوبية.
أطلقت الشابة المصرية حفصة أمبركاب مبادرة سعت من خلالها إلى الحفاظ على اللغة النوبية عبر كتيب يضم في صفحاته أبرز كلماتها.
وبدأت حفصة تنفيذ فكرتها بمبلغ صغير قدر بـ150 جنيهاً مصرياً (حوالي 100 دولار)، اهتمت خلاله بجمع الكلمات والمصطلحات التي يتحدث بها أهل النوبة، خشية اندثارها.
وقالت الفتاة الثلاثينية في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "أعيش بالنوبة وأتحدث اللغة وأفهمها، ولكني لم أكن أعلم أن تلك اللغة بحر عميق، فخلال البحث عن معلومات لفيلم تسجيلي كنت أعمل عليه في ورشة تدريبية، تعرفت على أسماء حيوانات ومصطلحات لم أكن أعلمها أو أسمعها من قبل".
وخلال تصوير الفيلم مع عدد من مشايخ القرى، قررت حفصة أن تترك لهم حرية الحديث لتجمع كلمات أخرى، تشبع بها قاموسها البسيط، الذي بدأته بكراسة، لتزيد عدد الكلمات.
وأضافت: "دائماً ما أقوم بعمل أنشطة للأطفال في القرية، فخلال أحد الأنشطة قررت تصوير فيلم مدته 3 دقائق عن علاقة الأطفال والشباب النوبي بالنيل، ومدى ارتباطهم به، فبدأت الفيلم بدعاء نوبي على لسان أحد الأجداد، وخلال مرحلة المونتاج لم تفهم صديقتي فاطمة عدرا الكلمات فقررت ترجمة الدعاء وإضافته إلى الكراسة لمساعدتها".
ولوالدة حفصة دور خاص في "كوما وايدي" أو حدوتة زمان"، فهي المرجع الأساسي لها، وعن ذلك قالت: "كنت أعود لوالدتي لأسألها دائماً عن معاني تلك الكلمات التي لا أعلمها".
وأضاف: "كانت تعلمني الأغاني والتراث النوبي من خلال بعض الحواديت والأغاني، التي بدوري أقوم بنشرها على صفحتي الشخصية على مواقع التواصل، لتعريف الآخرين باللغة وهذه الحكايات".
وجمعت حفصة العديد من الكلمات العامية وغير الدارجة لدى جيلها، في الكراسة التي لازمتها فترة الـ5 أشهر، تدون بها ما تسمعه يميناً ويساراً، متخذه من قراها غرب سهيل وجزيرة هيسا وجزيرة أسوان وقرى وادي كركر وقرى ديهميت، ودافوت، وأمبركاب مصدراً.
وتابعت: "لم أكن أعلم ما هي الخطوة التالية، حتى علمت بمسابقة تنمية أبناء الصعيد التابعة لوزارة الشباب والرياضة المصرية، لاختيار أفضل مبادرة، فتقدمت بـ(كوما وايدي) لحفظ تراث اللغة النوبية، وتم اختيارها من بين 200 مبادرة مقدمة".
وأوضحت: "ربما تختلف بعض الكلمات نظراً لانقسام النوبة إلى شعبتين هما الكنوز والفاديجا، وهذا القاموس خاص باللغة النوبية الكنزي".
وتحولت مبادرة "كوما وايدي" من فكرة إلى التنفيذ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، وقالت: "طبعت 150 كتيباً على حسابي الشخصي، يحتوي على 230 كلمة نوبية مترجمة إلى اللغة العربية والإنجليزية والإسبانية".
ورصدت حفصة ردود فعل أبناء النوبة والزائرين، لإثبات مدى تأثير تلك المبادرة، وأكدت: "سعدت بإعجاب الكثير، خاصة أن زوار النوبة يرغبون عادة في التعرف على اللغة النوبية، وفهم معانيها، ومنهم من يحب التحدث بها".
ولا تنتهي أنشطة "كوما وايدي" عند ذلك، حيث تستعد حفصة حالياً لإطلاق مسابقة "أنا وحفيدي" من إعدادها لأبناء النوبة، بهدف الاستفادة بحصيلة لغوية من خلال نقل اللغة من الأجداد إلى الاحفاد؛ حيث عامل المساعدة فقط للطفل هو الجد أو الجدة.
وتطمح حفصة في إعداد كتيبات أخرى، حتى تجمع أكبر عدد من الكلمات في قاموس، ومترجمة إلى عدة أخرى كالإيطالي.