من "عبدة الشيطان" لـ"كلينتون".. نظرية المؤامرة ترافق نعش إليزابيث
وسط الحزن التاريخي الذي يعم بريطانيا على وفاة الملكة إليزابيث، انتشرت شائعات كالنار في الهشيم تنبش بمعلومات مضللة في أسباب الوفاة.
فمع إعلان الوفاة، راجت على الإنترنت أكاذيب أن الوفاة هي بسبب إصابة الملكة بكورونا بعد تلقيها لقاحات الفيروس بينما روّج آخرون أن الملكة قُتلت بفعل فاعل، ووسط هذا وذاك كان الربط بين الوفاة ووجود مؤامرة عالمية تدبرها مجموعات من "عبدة الشيطان".
وما بين لقاحات كورونا و تنظيم "عبدة الشيطان" تم توجيه أصابع الاتهام أيضا للمرشحة الرئاسية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون، وراجت نظريات المؤامرة وانتشرت صور على الإنترنت مستغلة مرور لندن بلحظة فارقة في تاريخها الحديث.
وبدأت المعلومات المضللة تنتشر فور ورود مخاوف على وضع الملكة الصحي، فظهرت حسابات على موقع "تويتر" تنتحل اسم وسائل إعلام معروفة مثل شبكة "بي بي سي"، لتعلن مسبقا وفاة إليزابيت الثانية، ثم في 8 أسبتمبر/ أيلول أعلن قصر باكنغهام رسميا نبأ الوفاة.
قصص زائفة
وهذه الفرضيات، وفق وكالة" فرانس برس" ليست جديدة، بل ظهرت في العديد من المناسبات فواكبت الهجوم الروسي لأوكرانيا وأحاطت بوفاة رجل الأعمال الأمريكي جيفري إبستين الذي انتحر في السجن في نيويورك حيث كان محتجزا لاتهامه باغتصاب قاصرات.
ومن القصص الزائفة أيضا فيديو يعود إلى شهر، يظهر فيه أشخاص يرقصون أمام قصر باكنغهام، فأعيد بثه على أنه يظهر إيرلنديين يرقصون فرحا بعدما علموا بوفاة الملكة.
كما ربط أتباع حركة "كيو آنون" من اليمين المتطرف، وفاة الملكة بقناعاتهم بوجود مؤامرة عالمية تدبرها مجموعات من "عبدة الشيطان" وشبكات استغلال جنسي للأطفال، وهي قناعة تقوم عليها حركتهم.
وضمن الفبركات كان منشورا كاذبا يدّعي فيه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن الملكة منحته لقب فارس في مراسم خاصة، وصورة مفبركة لميغان ماركل زوجة الأمير هاري ترتدي قميص تي شيرت يحمل عبارة "الملكة ماتت".
كما نسب البعض وفاة إليزابيث الثانية إلى اللقاح ضد فيروس كورونا، مثلما سبق أن فعلوا عند وفاة الممثلة الأمريكية بيتي وايت والممثل بوب ساغيت.
ورآى آخرون أن المسؤولة عن وفاة الملكة هي هيلاري كلينتون، زاعمين أن إليزابيث الثانية كانت تملك ملفات تدين المرشحة السابقة للبيت الأبيض وكانت على استعداد لفضحها، وهي في الواقع نظرية مؤامرة قديمة تتهم هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون بتصفية خصومهم السياسيين.
وأوضح دان إيفون، من جمعية "نيو ليتراسي بروجكت" أنه "في جميع أنحاء العالم، علم الناس بوفاة الملكة وتأثروا بهذا الخبر، ما شكل بالنسبة لمروجي المعلومات الكاذبة خزانا لا ينضب من القصص الخاطئة يمكنهم أن يغرفوا منه".
وقال مايك كولفيلد، اختصاصي التضليل الإعلامي في معهد "سنتر فور إن إنفورمد بابليك" في جامعة واشنطن ، إنه" كلما يحصل حدث هام في العالم، ثمة دائما ناشطون يبحثون عن زاوية معينة تدعم نظرياته".
وأوضح على سبيل المثال أن "الناشطين المعارضين للقاحات يسعون لإيجاد وسيلة لاعتبار اللقاح السبب خلف وفاة شخصية عامة".
روايات مضللة أخرى
كما لفتت رايتشل موران العضو في "سنتر فور إنفورمد بابليك" إلى أن "العائلة المالكة لطالما أمدّت أتباع حركة كيو أنون بالحجج على ضوء العلاقات الوثيقة المعروفة للأمير أندرو مع جيفري إبستين".
وانتشر فيديو على "تيك توك" حقق شعبية واسعة بين أتباع كيو أنون، بظهر على حد قولهم فتى يهرب عاريا من قصر باكنغهام، تبيّن لاحقا أنّه شريط ترويجي قديم لبرنامج تلفزيوني.
وخلال الأسبوع الذي أعقب وفاة إليزابيث الثانية، أفادت شركة "زيغنال لابس" عن 76 ألف ذكر للملكة على ارتباط بجيفري إبستين وشريكته غيلاين ماكسويل التي أدينت بدورها بتهمة الإتجار جنسيا بقاصرات، على شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت كما عبر الإذاعة والتلفزيون وفي الصحافة.
كذلك وردت روايات تربط الملكة بوقائع استغلال جنسي للأطفال وبهيلاري كلينتون وباللقاح 42 ألف مرة وثمانية آلاف مرة وسبعة آلاف مرة على التوالي.
ورأت كارين دوغلاس أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة كنت في المملكة المتحدة، أن سيل الأنباء المتواصل عن الملكة ونفوذها الواسع في العالم يفسران جزئيا مدى شعبية نظريات المؤامرة حول وفاتها.
وتابعت أن: "تقبل التفسير الاعتيادي لحدث بهذه الأهمية قد يكون أقل قدرة على الإقناع أو أقل جاذبا".
لكن هناك وسائل تساعد على عدم الوقوع في فخ التضليل الإعلامي.
وفي هذا السياق، توصي منظمات التوعية على وسائل الإعلام مثل "سنتر فور إنفورمد بابليك"، بالمقارنة بين المنشورات الواردة على الإنترنت ومصادر أخبار موثوقة، والتوقف للتفكير قليلا قبل مشاركتها.
وشدد غوردن بينيكوك من جامعة ريجينا في كندا على أن "حتى بضع لحظات من التفكير يمكن في غالب الأحيان أن تحدث فرقا كبيرا".