زلزال إيميلات هيلاري.. "جرس إنذار" للناخب الأمريكي
"العين الإخبارية" ترصد تأثير الإفراج عن إيميلات هيلاري كلينتون في ماراثون الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وفرص مرشح الديمقراطيين بايدن
لم يكن هناك أقوى من زلزال تسريب إيميلات وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، لتصبح ورقة رابحة لصالح الرئيس الحالي دونالد ترامب ضد منافسه الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
واعتبر مراقبون مختصون في الشأن الأمريكي رسائل بريد هيلاري كلينتون بمثابة "جرس إنذار" للناخب الأمريكي، ستؤثر عليه عند اختياره رئيس الولايات المتحدة المقبل.
وأثارت إيميلات هيلاري بما احتوته من وثائق وبراهين حول مخطط نشر الفوضى في منطقة الشرق الأوسط جدلا واسعا، طفى على سطحه السؤال الأبرز عن تبعات ذلك الزلزال المدوي سياسيا، لا سيما مع الإفراج عنها قبل أقل من شهر من انطلاق ماراثون الانتخابات الأمريكية.
المحلل السياسي المصري مايكل مورجان، القريب من دوائر صنع القرار الأمريكي، يرى أن توقيت الإفراج عن الرسائل قبل إجراء الانتخابات الأمريكية له دلالة كبيرة، خاصة أن الحزب الديمقراطي في انتخابات ٢٠١٦ والحالية يدفع بمرشحين بعينهم كانوا في إدارة أوباما.
وأشار مورجان في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى "دعم الحزب الديمقراطي بعض الأجندات في منطقة الشرق الأوسط وأهمها تقسيم وخراب المنطقة كما حدث في العراق، وكان نفسه السيناريو في سوريا والمزمع تنفيذه في ليبيا لولا تدخل مصر".
وشدد الخبير السياسي على أن هذه الرسائل توثيق للتحليلات والاستنتاجات السابقة حول أداء إدارة أوباما.
متفقا معه، وصف ماك شرقاوي، المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، إيميلات هيلاري قبيل الانتخابات الرئاسية بـ"القنبلة المدوية".
وأضاف شرقاوي في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أن هناك الكثير بين طيات هذه الرسائل تفضح ممارسات الحزب الديمقراطي تجاه منطقة الشرق الأوسط ودول بعينيها، وهو ما سيلقي بظلاله على فرص المرشح جو بايدن بالانتخابات المقبلة.
واعتبر أن "الإفراج عن هذه الإيميلات تبين للناخب الأمريكي كيف كانت تدار الأمور في المطبخ السياسي الديمقراطي، وحجم التوريطات التي حدثت خلال حقبة إدارة أوباما"، مرجحا أن كل ذلك سيؤثر على اختيارات الناخببن.
وتابع: هذه الإيميلات سيكون لها تأثير مباشر على الناخب الأمريكي، لأنها تكشف أن سياسة أوباما كبدت الخزانة الأمريكية الكثير من الأموال، وكانت هناك عمليات قامت بها الولايات المتحدة وتدخلت بالدعم المادي والدعم العسكري، ونشر القوات بما تسبب في مصروفات كان يمكن أن تفيد الناخب الأمريكي.
الكرة بملعب ترامب
يرى "مورجان" أن إيميلات هيلاري تحمل رسالة غير مباشرة للناخب الأمريكي حول ملفات الإدارة الأمريكية الخارجية في عهد أوباما والتي كانت ملوثة بصفقات غير نظيفة.
وأضاف: الإيميلات تضع الناخب أمام حقيقة مواقف إدارة أوباما ووزيرة خارجيته آنذاك هيلاري كلينتون ونائبه جو بايدن، تجاه ما يسمى بالربيع العربي ومنطقة الشرق الأوسط، وكيف أنهم دعموا هذه الثورات بشكل كبير وتحديدا في مصر.
ورغم حقيقة أن الناخب الأمريكي لا يهمه سوى الاقتصاد، لكن مورجان يرى أن الكرة بملعب الرئيس الحالي دونالد ترامب، إذا استطاع أن يقارن في أي مناظرة مقبلة بين محاولته إحلال السلام في الشرق الأوسط والتكاتف مع الدول العربية، وبين أجندات الحزب الديمقراطي، التي أدت إلى حالة عداء بين واشنطن ودول عربية في السابق وهو عكس ما يحدث الآن.
بدوره، يرى ماك شرقاوي أن أي مقارنة حالية بين جو بايدن وترامب، عقب الكشف عن إيميلات هيلاري ستصب في صالح الأخير الذي قلص عدد القوات الأمريكية في الخارج، بل اتخذ العديد من الإجراءات لصالح الاقتصاد ومصالح الولايات المتحدة، بعكس الديمقراطيين الذين فضلوا الخروج في مغامرات خارجية بمنطقة الشرق الأوسط وورطوا الولايات المتحدة في الكثير من الالتزامات المالية والعسكرية.
الإيميلات الأخطر للناخب الأمريكي
ووفق مورجان، فإن أهم إيميلات هيلاري، بالنسبة للناخب الأمريكي، ستكون "إيميلات بنغازي"، والتي أفادت بأن هيلاري كلينتون دعمت بشكل غير مباشر الهجوم الذي استهدف المجمع الدبلوماسي الأمريكي في بنغازي شرقي ليبيا عام ٢٠١٢، لشرعنة التدخل الأمريكي داخل البلاد.
وأضاف مورجان: الناخب الأمريكي سيهتم بمعرفة كيف غضت إدارة أوباما البصر عن الهجوم، وكيف استخدمت تلك الإدارة السياسة بشكل غير أخلاقي للوصول لأجنداتها بغض النظر عن مقتل مواطن أمريكي.
وكشفت إحدى رسائل البريد الإلكتروني لهيلاري أن المسؤولين بالخارجية الأمريكية تلقوا تحذيرا أوليا بشأن هجوم بنغازي، غير أن المسؤولين الأمريكيين تأخروا في الاستجابة واتخاذ أي إجراء لمنع الهجوم.
وتضمنت الوثائق رسالة من شيريل ميلز مساعدة هيلاري كلينتون، مؤرخة بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول 2012، تطلعها على آخر المستجدات في بنغازي.
لكن الوزيرة لم تحرك حينها ساكنا، ما تسبب في مقتل السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز و3 أمريكيين آخرين.
أما الخبير السياسي ماك شرقاوي فيرسم صورة أخرى لأهم الإيميلات بالنسبة للناخب الأمريكي، ويقول: الكثير من الإيميلات تحمل مكالمات للرئيس أوباما ونائب الرئيس قبل ٢٥ يناير ٢٠١١، هناك إيميلات تفيد بأن الرئيس أوباما تحدث يوم ٢٨ يناير مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومع رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني، مشيرا إلى أنه على الرغم من عدم معرفة فحوى المكالمات التي يتم تسويدها للسرية لكن يسهل الربط بينها من خلال عنوان الإيميل وتاريخه.
إيميلات أخرى تهم الناخب الأمريكي، بحسب شرقاوي، منها تلك التي تحدثت عن زيارة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة إلى مقر قناة "الجزيرة" في قطر في شهر مايو/أيار ٢٠١٠.
وخلال الزيارة، اجتمعت الوزيرة الأمريكية مع مدير الشبكة الإخواني وضاح خنفر، في عشاء خاص، وبعدها عقدت لقاء مع أعضاء مجلس إدارة القناة، وتم عقد اتفاق بينهم.
وبعد 6 شهور فقط تم الكشف عن هذا الاتفاق الذي يقضي بإشعال الفتن في الدول العربية لدعم ثورات ما أسمته قطر وإدارة أوباما بـ"الربيع العربي".
ويعقب شرقاوي": هنا يثار تساؤل لدى الناخب الأمريكي ماذا كانت تفعل وزيرة الخارجية مع شبكة إعلامية في دولة للشرق الأوسط، هي لم تتقابل مع رئيس الدولة بل التقت رئيس الوزراء القطري السابق حمد بن جاسم آل ثاني، الذي يعد صاحب السلطة المطلقة في قناة "الجزيرة" بعد هذا الاجتماع، ليس هذا وحسب، بل دعت مجموعة الجزيرة لزيارتها في نفس الشهر يوم ١٥، لتعد العدة لأمور اتضحت في رسائل أخرى بعد ذلك.
رسالة أخرى توضح طلب هيلاري من قطر تمويل ممثل الإخوان خيرت الشاطر، بنحو 100 مليون دولار لإنشاء مؤسسة إعلامية للجماعة الإرهابية في المنطقة وبرعاية الإدارة الأمريكية.
يختتم المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية ماك شرقاوي حديثه بأن هناك أكثر من ٣٤٠ ألف ميل ستكون منها ما يؤثر على الناخب الأمريكي، خاصة عندما يعقد مقارنة بين أداء الديمقراطيين وترامب للسياسة الخارجية وتحقيق الكثير من المصالح الأمريكية، بالنهاية الأخير كان رئيسا قويا وفرصته في إدارة الولايات المتحدة أكبر.