الأهم من تمكن "طالبان" من السيطرة المطلقة و"الدائمة" على الأرض الأفغانية والقوميات والطوائف والشرائح الاجتماعية المقيمة عليها..
مع عظم هذا الأمر، هو تتبع كيف استجاب وتفاعل، وسيتفاعل، بقية الإسلاميين بكل أنواعهم مع هذا الحدث الجلل "فتح الفتوح" كما عبر عن ذلك فئات منهم.
تسمي الحركة نفسها "الإمارة الإسلامية".. حسناً! لماذا تصف نفسها بـ"الجمهورية الإسلامية" على غرار جارتها وصديقتها إيران الخمينية؟ لماذا لم تصف نفسها بـ"الدولة الإسلامية" مثل "دولة البغدادي"، خليفة "داعش"؟
وبالمناسبة، لماذا لم تنعت نفسها بـ"الخلافة" وتسمي أميرها الخليفة، عوض "أمير المؤمنين"؟ مع أن لقب أمير المؤمنين في التاريخ يترادف أحياناً مع لقب الخليفة، لكن ليس كل أمير أو سلطان أو إمام هو خليفة بالمعنى الشمولي العام، أي بمعنى تولي الرئاسة العامة على كل المسلمين، سواء حصل هذا الأمر بالفعل، أو جُعل هدفاً غائياً يسعى إليه.
هذه الأسئلة ليست من قبيل تقليب أوراق التاريخ الصفراء والتفكُّه بسرد حكايات الخلفاء والسلاطين والأمراء والملوك والأئمة وأخبار الأمم الغابرة... لا نحن في خضم مخاض عنيف للحركات الإسلامية، جوهرُه الفكري هو مصدر الشرعية، وما الشرعية؟ وكيف يُحصل عليها؟ مَن نحن ومَن هم؟ مَن الكافر ومَن المسلم ومَن المنافق ومَن المُوالي ومَن المُعادي؟ وما الشريعة ومن يقوم على تفسيرها؟ وما الجهاد ومَن يأمر به؟ وما حدود الولاية على المكان؟ وما الموقف من الدولة الوطنية الحديثة ذات الحدود المعروفة والعلَم الوطني "الذي تعاقب طالبان من يحمله اليوم"؟
كيف سيؤثر وصول "طالبان" "المسرحي"، الذي صُوّر كأنه فتح صلاح الدين الأيوبي، إلى عرش أفغانستان على بقية الحركات الشبيهة بها، ممن حملت السلاح أو ممن ينتظر وما بدل تبديلاً؟
انظروا كيف تفاعلت الحركات المسلحة المتطرفة دينياً في سوريا واليمن وليبيا وسيناء وغيرها، وانظروا كيف تفاعلت جماعات ومؤسسات الإخوان غير المسلحة في سوريا ومصر والمغرب وغيرها.
ربما يكون الخصم الوحيد، المزايد على "طالبان" والطامع في مغانم الخلافة المعنوية والمادية، هم عصابات "داعش"، ولهم حضور قوي في أفغانستان، عدا ذلك، فكل القوم فرحون مبتهجون، ولموعد 2024، عام ذكرى سقوط الخلافة العثمانية، منتظرون، وهذا أوان الوعي والحزم وعزائم الأمور. وما لدى القوم معلوم والمقبل منه أسوأ من الذاهب.. ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
المهم النظر في ردود فعل نظراء "طالبان" من العرب وغيرهم، ونعرف الحكاية، والقرين بالمقارن يقتدي.
نسيت القول.. أن انتظار إحياء ذكرى سقوط الخلافة العثمانية ليس كلامي، بل كلام الرئيس السابق للحزب الليبرالي الديمقراطي التركي "جيم توكير"، قاله في 2018 لفضائية تركية، ذكر فيه أنه سيُجري في تركيا فعاليات لإحياء الخلافة العثمانية في عام 2024.
نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة