الإمارات وفرنسا.. تاريخ من شراكة الثقافة والفكر والتعليم
تتميز العلاقات الثقافية والتعليمية والحضارية بين دولة الإمارات وفرنسا بالتشعب والعمق، استنادا إلى رؤية استراتيجية راسخة وصداقة طويلة.
وتأسست تلك العلاقة انطلاقا من إيمان ورؤية عميقة لقيادتي البلدين بقيم الحوار بين الثقافات والأديان، وترسيخ قيم التنوير والتعايش بين الحضارات، وقد أرسى قواعدها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بالشراكة مع الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان، لبناء تعاون وصداقة متينة بين البلدين، خاصة بعد الزيارة التاريخية الأولى التي قام بها الوالد المؤسس لفرنسا عام 1976.
وتحتضن دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر جالية فرنسية في بلدان الخليج العربي، وتضمّ أكثر من 25 ألف فرنسي مسجّلين في سجل الفرنسيين المقيمين في الخارج.
وتشكل المدارس الثانوية الفرنسية السبع المعتمدة في الإمارات العربية المتحدة سادس أكبر شبكة مدارس فرنسية في العالم من حيث عدد الطلاب، وتضم أكثر من 10 آلاف. وستنضم EM Normandie وESCP إلى جامعة السوربون أبوظبي وإنسياد، وباريس 2، وإيكول 42 أبوظبي كمؤسسات فرنسية لها فروع في الإمارات العربية المتحدة.
وتم تنفيذ برنامج المرحلة التجريبية لإدخال اللغة الفرنسية في جميع المدارس الحكومية في الإمارات في عام 2018.. والآن يتعلم أكثر من 60 ألف تلميذ اللغة الفرنسية في المدارس الحكومية والخاصة في الإمارات، ويشكلون 12% من مجموع طلبة المدارس.
وأكدت فرنسا والإمارات مؤخرا على الأولوية المشتركة لتطوير اللغة العربية من خلال اتفاقية ثنائية مع معهد العالم العربي تروج "للشهادة الدولية للكفاءة في اللغة العربية" عبر مركز أبوظبي للغة العربية لتقييم الكفاءة في اللغة العربية الفصحى الحديثة.
وتأتي فرنسا في المرتبة الرابعة من حيث استقبال الطلبة الإماراتيين للدراسة في جامعاتها ومعاهدها، فيما تضم دولة الإمارات العديد من المنظمات المجتمعية والمدارس والمطاعم والأكاديميات الفرنسية في جميع أنحاء الدولة. ويمكن لمواطني دولة الإمارات دخول فرنسا بدون تأشيرة ويسمح لهم بالبقاء فيها لمدة تصل إلى 3 أشهر.
متحف اللوفر أبوظبي
في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في افتتاح متحف اللوفر في أبوظبي والذي تجاوزت تكلفته مليار دولار، وقد وصفه الرئيس الفرنسي ماكرون بأنه "جسر بين الحضارات"، واستعانت الإمارات بالمهندس الفرنسي جان نوفيل لتصميم لوفر أبوظبي.
وتم افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، الذي يعد أول متحف عالمي في العالم العربي، وأكبر مشروع ثقافي تروج له فرنسا في الخارج، مع مجموعة فنية تغطي جميع الحضارات والفترات، من العصر الحجري إلى العصر الحديث، ما يجعله رمزا للانفتاح على العالم ونشر التسامح. كما يعد مشروعاً ثنائياً استثنائياً من حيث هندسته المعمارية ومشروعه العلمي والثقافي، وله أهمية استراتيجية بالنسبة لفرنسا والإمارات العربية المتحدة.
شراكات واتفاقيات
في مؤتمر حول التراث الثقافي في حالات النزاع، الذي عُقد بأبوظبي في 2 و3 ديسمبر/ كانون الأول 2016، تم إنشاء التحالف الدولي لحماية التراث في مناطق النزاع (ALIPH) حيث ساهمت دولة الإمارات وفرنسا بمبلغ 45 مليون دولار بالتعاون مع اليونسكو.
كما ساهمت دولة الإمارات بمبلغ 5 ملايين يورو لدعم معهد العالم العربي في باريس عام 2017، وتم في العام نفسه افتتاح قاعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في متحف اللوفر في باريس. علاوة على ذلك، ساهمت دولة الإمارات في ترميم المسرح الإمبراطوري لقصر "فونتينبلو" بالقرب من باريس بمساهمة قدرها 10 ملايين يورو، وبناءً عليه سمي المسرح باسم الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان "رحمه الله".
جامعة السوربون أبوظبي
تأسست جامعة باريس - السوربون أبوظبي عام 2006، تحت رعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، كجزء من رؤية الإمارة لتعزيز القطاع الأكاديمي والثقافي، وهي جزء من استراتيجية "رؤية أبوظبي 2030". وتهدف الجامعة إلى الإسهام في تعزيز فرص التعليم العالي وتنوعها في الإمارات ودول مجلس التعاون ومنطقة الشرق الأوسط بوجه عام.
وتمثل الجامعة اتفاقاً تاريخياً يحقق الرؤية المشتركة بين حكومة دولة الإمارات والحكومة الفرنسية لتحقيق أفضل المعايير في مجال التعليم الفرنسي في منطقة الشرق الأوسط، وتلتزم الجامعة بشكل مستمر بالمساهمة في رؤية أبوظبي المُتمثلة في تحويل الإمارة إلى مركز ثقافي وعلمي وتوسيع نطاق تواصلها مع الطلبة محلياً وعالمياً.
عام التعاون الثقافي
وشهدت الشراكة الثقافية بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية تطورات مهمة في السنوات الأخيرة، وجرى في أكتوبر/ تشرين الاول 2018، الإعلان عن عام التعاون الثقافي الإماراتي الفرنسي في باريس.
ونتيجة لذلك، تم إطلاق إذاعة باللغة الفرنسية في دولة الإمارات تبث برامجها بمعدل 3 مرات في الأسبوع، وفي ديسمبر/ كانون الأول 2018، أصبحت دولة الإمارات عضواً منتسباً في المنظمة الدولية للفرنكوفونية.
كذلك إلى تساهم البعثات الفرنسية منذ سنوات طويلة في مجال علم الآثار في الإمارات، وقد احتفى متحف الشارقة للآثار بهذا التعاون من خلال المعرض النوعي (40 عاماً من التعاون الأثري بين الإمارات وفرنسا) والذي احتوى على 100 قطعة أثرية.
وألقت الآثار المكتشفة من قبل البعثات الفرنسية منذ عام 1997 الضوء على أهمية تاريخ الإمارات، باعتبارها مركز الطرق التجارية عبر التاريخ الممتد منذ 7500 سنة، ويعكس ذلك بالضرورة مشروعاً ثقافياً وعلمياً طموحاً في مجال فهم التاريخ الإماراتي، وهو تاريخ حافل بعصور من الحضارات المتواكبة وإنجازات وإبداع الإنساني حتى وقتنا هذا.
وفي إطار التبادل الثقافي أخرج المخرج الفرنسي بيير موريل الفيلم الإماراتي "الكمين" أكبر إنتاج عربي على الإطلاق.
فرنسا في إكسبو 2020 دبي
وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول 2021، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إكسبو 2020 دبي وأشاد بالتنظيم الناجح للحدث العالمي الضخم على الرغم من التحديات التي مر بها العالم بسبب كوفيد-19.
واحتلت فرنسا موقعا مركزيا في معرض إكسبو 2020 دبي وينظر إلى الثقافة واللغة الفرنسيتين على أنهما نموذج للتعاون في رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030.
كما شهدت فعاليات إكسبو دبي، تدشين قسم من دَرَج برج إيفل الأصلي بحديقة الفرسان، وقد استُخدم الدرج للصعود إلى قمة البرج منذ افتتاحه في إكسبو باريس الدولي عام 1889 حتى عام 1893، عندما تم استبدال الدرج بمصعد.
وقال أحمد الخطيب رئيس التطوير والتسليم العقاري في إكسبو 2020 دبي: عندما تصعد دَرَج برج إيفل في حديقة الفرسان في إكسبو 2020 دبي وتلتقط صورة سيلفي، فإن الخلفية قبة ساحة الوصل، وهي بمثابة برج إيفل الخاص بنا، والتي ستذكّر الناس بإكسبو 2020 دبي، ويتناغم مع جميع مواضيعنا الفرعية -الفرصة والتنقل والاستدامة-، ويسعدنا حقًا أن تتاح لنا الفرصة لإحضار دَرَج برج إيفل وعرضه في إكسبو دبي، وإذا كنا نتحدث عن الاستدامة، فهذا جزء من التاريخ أصبح الآن قطعة فنية هنا في دبي.
aXA6IDMuMTM1LjIwMi4zOCA=
جزيرة ام اند امز