مما لا شك فيه أن نهضة الإمارات تعتمد على المعرفة، ومجتمع المعلومات كأساس للتنمية، وذلك يتطلب تحسين نوعية البيانات.
هل يمكن أن ننطلق نحو المستقبل دون إيجاد مجتمع المعرفة؟ هذا السؤال أجابت عنه الإمارات مبكراً من خلال التركيز على تجسير الفجوة الرقمية التي تفصلنا عن العالم المتقدم. ويتجسد ذلك في استضافة الإمارات وتبني العديد من المؤتمرات والمنتديات العلمية، ومنها مؤخراً منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2018 الذي شارك فيه نحو 2500 خبير ومتخصص من 120 بلداً حول العالم، من بينهم عدد من الحكومات، والبنك الدولي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، ومجموعة باريس 21، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، و"لاسكوا" اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، ومؤسسة الأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني وهيئاته.
إن الاقتصاد الإماراتي قائم على المعرفة، وهذا لا يتحقق دون الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى، وهو التحدي الأكبر الذي قامت به الإمارات، وأفلحت فيه، أي الانفتاح على المفهوم الواسع للمعرفة في مجال البحث والتطوير والابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد وغيرها.
مما لا شك فيه أن نهضة الإمارات تعتمد على المعرفة، ومجتمع المعلومات كأساس للتنمية، وذلك يتطلب تحسين نوعية البيانات حول الصحة، والهجرة، واللاجئين، والتعليم، والدخل، والبيئة، وحقوق الإنسان، لأن جزءاً من أداة العمل في التنمية المستدامة.
وقد استشرفت الإمارات أفق التكنولوجيا عبر نشر كليات التقنية في الدولة، ودعمها من خلال التطبيق العملي في البرامج التعليمية. ويتجسد ذلك من خلال عقد اتفاقيات مع هيئة أبوظبي للأنظمة والخدمات الذكية التي تعزز فرص العمل المشترك وآفاقه، وهذا ما جعلها تُحدث نقلة نوعية في الانتقال من المجتمع التقليدي إلى المجتمع المنفتح على الثقافات والحضارات الأخرى. لذا كان الاستثمار في هذا الميدان من الأولويات. لذا تسعى الإمارات إلى مد الجسور مع المنظمات والهيئات والشركات والمؤسسات والجامعات من أجل تبادل الخبرات.
لا بد من الاعتراف بأن الواقع العربي فقير في علوم المستقبل ما يحتم عليه الانخراط مع العالم في شراكات، لأننا مهما تحدثنا، يبقى البناء التحتي للتكنولوجيا ضعيفاً وهشاً. وهذا ما تريد الإمارات تجاوزه. فهل يمكننا الحديث عن التنمية المستدامة، ونحن لا نمتلك البنية التحتية اللازمة؟ تدرك الإمارات أبعاد هذه المشاكل وضرورة الإنفاق في هذا المجال. وعليه لا يمكن أن نحصل على نتائج دون الاستثمار الصحيح في العلوم. وانطلاقاً من هذه الحقيقة، أدخلت الإمارات التكنولوجيا في عصب الحياة المجتمعية، حتى أنها استثمرت في الفضاء، ولها الريادة في ذلك. وتأتي في مقدمة هذا الاستثمار، حكومة دبي الإلكترونية التي أصبحت تطبيقاتها تطال جميع المجالات. إن شعار الموبايل الذي رفعه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، يؤكد أهمية تعميم هذه التطبيقات التي اختصرت الطريق في مجال استغلال الوقت والمال في صالح المتعاملين. وما كان يُنجز في أيام طويلة، يُنجز الآن في ساعات.
وتسير الإمارات بخطوات حثيثة مع تطور العالم الغربي والأوروبي والآسيوي، ولا تريد النكوص عنه، بل تتقدم عليه في أحيان كثيرة. وأهم المبادرات تتجلى في الانخراط مع ثورة المعلومات، ولا طريق آخر غيره في عالم لا يرحم، إما أن تكون في الريادة وإلا في الوراء، لذا بادرت دبي إلى تأسيس هيئة المعرفة والتنمية البشرية في 2006، وعملت على تطوير آلياتها وآفاقها في جميع القطاعات. ووضعت نصب عينها مقياسين مهمين: المعايير العالمية واحتياجات السوق، خاصة في تركيزها على تطوير التعليم ومخرجاته أولاً. لذا نلاحظ وجود أهم المدارس والجامعات الخاصة على أرض الإمارات من أجل مواكبة تطور العالم الاقتصادي والاجتماعي، وهذا لا يتم إلا بتهيئة الأرضية لتأسيس اقتصاد المعرفة. وتجسد ذلك عبر مؤسسات وهيئات راقية، منها: جهاز الرقابة المدرسية في دبي، مؤسسة التعليم المدرسي، برنامج إعداد للمنح المدرسية، برنامج الإمارات لتطوير الكوادر الوطنية، المعهد الوطني للتعليم المهني، تمكين.. وغيرها التي تعمل بجدية من أجل التوصل إلى حلول، وإلا لما احتلت الإمارات المرتبة الـ25 عالمياً في التعليم، ولما حصلت على مؤشر المعرفة العالمي ضمن سبعة مؤشرات: التعليم قبل الجامعي، التعليم التقني والتدريب المهني، التعليم العالي، البحث والتطوير والابتكار، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، الاقتصاد، فضلاً عن مؤشر البيئات التمكينية.
إن الاقتصاد الإماراتي قائم على المعرفة، وهذا لا يتحقق دون الانفتاح على الثقافات والحضارات الأخرى، وهو التحدي الأكبر الذي قامت به الإمارات، وأفلحت فيه، أي الانفتاح على المفهوم الواسع للمعرفة في مجال البحث والتطوير والابتكار والتكنولوجيا والاقتصاد وغيرها.
لا بد من الاعتراف بأن هناك نقصاً في الكوادر الوطنية لكن الاستعانة بالكوادر العربية والأجنبية قدمت الحلول اللازمة، وتبقى مراكز البحث العلمي والتطوير والابتكار حاجة أساسية لأي تنمية، وهذا ما تبحث عنه الإمارات لأبنائها خاصة الشباب منهم. ويتجسد ذلك في بناء مجتمع معرفي عربي متمكن، وقادر على مخاطبة العالم في أرقى مستوياته، من خلال بناء أجيال جديدة من العلماء والباحثين والمبتكرين والمخترعين العرب. ولعل بناء مؤسستي "مدينة دبي للإنترنت"، البيئة الداعمة لشركات التكنولوجيا، و"متحف المستقبل" الحاضنة الأساسية لابتكار الحلول المستقبلية في الذكاء الاصطناعي، هما خطوات مهمة على هذا الطريق.
وكل هذا الإنجاز في عالم التكنولوجيا يترجم رؤيةَ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ومشروعه الطموح في إحياء عصر العلوم في عالمنا العربي، من أجل تأسيس مجتمع المعرفة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة