الشاعر الإماراتي محمد نورالدين: الرواية "ديوان العرب" الجديد
الشاعر والأديب الإماراتي محمد عبدالله نورالدين أصدر 25 ديوانا متنوعا بين الغزل و"الشعبي" و"قصائد الأطفال"، فضلا عن الدراسات المتخصصة
تبدو بصمته في الأدب والإبداع الشعري جلية، إذ أصدر 25 ديوانا متنوعا بين الغزل و"الشعبي" و"قصائد الأطفال"، وغيرها من الأغراض.. إنه الشاعر والناقد الأدبي الإماراتي محمد عبدالله نورالدين.
أنجز كثيرا من الدراسات المتخصصة حول تجارب كبار القادة والشعراء مثل "دراسة تحليلية في شعر الشيخ زايد" و"دروس في أوزان الشعر الشعبي" و"مدارس الشعر الشعبي في الإمارات".
كما يعد عضوا فاعلا في هيئات الشعر النبطي والتراث الإماراتي، مكتسبا قدرات بلاغية وإبداعية عالية.
في حواره مع "العين الإخبارية" أكد نورالدين أن الرواية تمثّل الشعر بشكله الفضفاض لذا أصبحت "ديوان العرب"، لأنها عرفت كيف تسحب بساط الإمارة من عرش الشعراء بتقديمها الحياة عن قرب، بينما ارتفع الشعراء عن الواقع إلى عوالم الرمز والخيال.
وأضاف أن غياب النقد الإبداعي تسبب في تصادم الأجناس الأدبية وعدم تقبُّل تلاقحها أو ظهور أجناس جديدة، موضحا أن مجموعته الجديدة "أتقنفذ شوكا" تمثّل رسالة إلى العالم الذي لا يرى إنسانية الإنسان بعد أن أعمته وحشية الأطماع، وبدأ ينهش في الجمال وينتج القبح.
وإلى نص الحوار:
- ما الهاجس الذي يحرّك قلم محمد عبدالله نورالدين، لماذا تكتب وماذا تنتظر؟
هذا السؤال يشبه الأسئلة الوجودية التي نلقيها على أنفسنا، فهاجس الكتابة يعد تساؤلا عما أين يأتي الإنسان وأين كان قبل ذلك وما وجهته لاحقا؟.. تماما كالقول من أين يأتي النص؟
ولا أظن أن العقل الباطن أو التناص هو مصدر نشأة النص عند الكاتب، ولكن يمثّل النص حالة مخاض تخص الكاتب من الباطن.
والمصدر من البيئة، قد يكون لحظة أو فكرة أو مشهدا يلج به الكاتب إلى عالم جديد ومختلف، ومن هذا المنطلق ليس ضروريا وجود سبب معيّن يدفعني إلى الكتابة أو أمرا أنتظره منها.. الحالة تشبه التنفس تحت الماء أو الغرق حتى حياة جديدة.
- كيف تقرأ المشهد الأدبي والثقافي في الإمارات حاليا؟
المشهد بدأ يختلف مع الجيل الجديد والتعويل على أقلامه، إذ يضع الهم الإنساني العام نصب عين إبداعه، كي يقدّم للبشرية فكرا يحلل الحضارات الإنسانية منذ القدم إلى عصرنا الحاضر ويستشرف المستقبل.
ولكن على الرغم من أثر التطبيقات الاجتماعية ومن أن هؤلاء الكتاب يمثّلون نسبة ليست بالكبيرة في المشهد، فإنهم يستحقون التموقع في مقدمة الركب.
- ما دلالة عنوان مجموعتك الأخيرة "أتقنفذ شوكا"؟
"أتقنفذ شوكا" يأتي في السياق الفني نفسه لقصائد المجموعة، وهو عنوان يشكّل محتوى رسالة إلى العالم الذي لا يرى إنسانية الإنسان بعد أن أعمته وحشية الأطماع وبدأ ينهش في الجمال وينتج القبح.
فالقنفذ هنا رمز جمالي والشوك دلالة على تقبّل الجمال في الطبيعة مهما كانت قاسية.
وبصراحة لم أكن أتوقع أن تكون هذه المجموعة محط اهتمام النقاد، إذ صدر مؤخرا كتاب "الإنسان القنفذ" وهي دراسات وقراءات في هذه المجموعة بقلم ثمانية من الباحثين العرب، أُكنّ لهم التقدير وأشكرهم لاحتفائهم بمجموعتي الشعرية المتواضعة.
- أنت أحد كتاب قصيدة النثر وفي ظل الجدل الدائر حولها، ماذا قدّمتْ للشعر؟ وهل هناك "صراع وجود" بينها وبين القصيدة العمودية؟
أظن أن إشكالية قصيدة النثر تكمن في ارتباطها بالشعر العمودي، وشعر التفعيلة الحر، بينما أراها أنا جنسا أدبيا جديدا يضاف إلى الأجناس الأدبية، وهذا ما سيحصل عاجلا أم آجلا لأن تقسيم النص إلى شعر ونثر أمر بدائي وإشكالي في حد ذاته.
ومن هذا التقسيم تنبع الإشكاليات التي تربك المبدع، وهنا يأتي دور النقد، لكنّ غياب النقد الإبداعي تسبب في تصادم الأجناس وعدم تقبُّل تلاقحها أو ظهور أجناس جديدة.
وكل ذلك أوهام لا أكثر، من منظوري الشخصي، فأنا أكتب القصيدة نثرا وعمودا وتفعيلة في الفصيح، إضافة إلى الأهازيج والشعر النبطي والغنائي في العامي ولا أحس بأي إشكال حتى وأنا أترجم الشعر حرفيا ومعنويا وتأويليا من لغات أخرى.
ولم يزعجني في نقد أي ما سلَف من دراساتي وقراءاتي، وأعتقد أن الوهم أو الأفكار والاعتقادات المسبقة هي التي ترسم في أذهاننا فكرة الأجناس الخطيرة، وما هي إلا فزاعة لإبعاد الطيور عن الأراضي الخصبة.
- فيمَ تتشارك قصيدة النثر الإماراتية مع العربية؟
قصيدة النثر في الإمارات ربما تكون أقل حضورا في المشهد الثقافي مقارنة بالشعر العمودي أو الحر، ولا تزال تبحث عن حركة جماعية، ولكن على المستوى الفردي تجد هناك أسماء مهمة، على سبيل المثال لا الحصر الشاعر إبراهيم محمد إبراهيم والشاعرة خلود المعلا والشاعر حبيب الصايغ، وإن كان الصايغ مهتما بباقي الأشكال الشعرية في هذه الفترة، ولكنهم أسماء لها حضورها الشعري ولا نستطيع تحميلها مسؤولية ضعف حركة النشر وتغيّر الإعلام الكلاسيكي، لأننا بذلك نسلخ الشاعر عن مهمته الأساسية، ونطلب منه أن يصبح مسوّقا كي يثبت حضوره.
من ناحية أخرى نلوم شعراء النثر عموما على اختفائهم من مواقع التواصل أو حضورهم المتواضع، فهم يمتلكون ناصية الكلام والصورة.
- هل ترى أن الشعر لا يزال "ديوان العرب" مقابل الحضور الكبير للرواية؟
الرواية تمثّل الشعر بشكله الفضفاض، لذا أصبحت "ديوان العرب" لأنها عرفت كيف تسحب بساط الإمارة من عرش الشعراء بتقديمها الحياة عن قرب، بينما ارتفع الشعراء عن الواقع إلى عوالم الرمز والخيال، لكن نجد الروائيين نزلوا إلى الشارع وتوغلوا في التفاصيل والأحاسيس كي يقدّموا إلى الجمهور مسحة أكثر ملامسة لأحوالهم.
في المقابل الشعر وإن كان أقوى أثرا ولكنه بات يحتاج إلى تربة تتحمل وتستوعب هذا الأثر، حينما سرقت الأرض ذهب الشعراء ليزرعوا أشجارهم في الهواء.
- هناك عدد من الشعراء تحولوا إلى روائيين.. هل راودتكَ هذه الفكرة؟
نعم لا عيب أن يتجه الشعراء إلى الرواية، ولكنّ المصيبة أن ينسى الشاعر عالم الشعر، وأنا بنفسي كتبت مؤخرا سيرة لأول فنان إماراتي، وهو المرحوم حارب حسن في فصول أشبه بالرواية.
واستمتعت بالرواية القصيرة التي كتبتها إلى درجة أني أعدت قراءتها أكثر من مرة حتى راودني الشك أن أحدا آخر كتبها.
وأظن أن هذا من أهم مميزات الرواية والشعر، أي البحث عن الذات، لأنك لا تجد ذلك في الأجناس الأدبية الأخرى بالحدة نفسها من التقمّص.