حوار مع الروائية التونسية إيناس العباسي بعد تتويجها بجائزة لجنة تحكيم "الكومار الذهبي" عن روايتها الأحدث "منزل بورقيبة".. ماذا قالت؟
قبل أيام أعلنت جائزة "الكومار الذهبي" التونسية المرموقة جوائزها لهذا العام، وكانت جائزة التحكيم الخاصة من نصيب الروائية التوسية إيناس العباسي عن روايتها "منزل بورقيبة" الصادرة عن دار "الساقي".
إيناس العباسي كاتبة متعددة المواهب، ترفض حصر موهبتها بحجة التخصص، فهي قاصة وروائية وشاعرة ومترجمة وكاتبة أدب طفل، تحصل على تكريم وتقدير نقدي في مختلف تلك الفروع، ففي الشعر حصلت على جائزة أفضل كتاب شعري تونسي عن ديوانها "أسرار الريح"، وجائزة "الكريديف" لسنة 2007 عن ديوان "أرشيف الأعمى"، خاضت في مجال التأليف والنشر كذلك لأدب الطفل.
نالت روايتها الأخيرة "منزل بورقيبة" اهتماما نقديا واسعا، تلك التي تحمل اسم المدينة التونسية الأثيرة التي وُلدت ونشأت بها العباسي، وباتت موطنا لإلهامها الروائي.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع إيناس العباسي بعد فوزها الأخير بجائزة "الكومار الذهبي" عن تلك الرواية، التي قالت في حوارها إن تلك الجائزة بمثابة "هدف وحلم لكل كاتب تونسي".
-اشتركت روايتك الأولى وروايتك الحديثة في نفس الإطار المكاني.. هل هذا ولع بمدينة "منزل بورقيبه"؟
ما من شك في أنني أعشق مدينتي، لأسباب شخصية أولا ولأسباب إبداعية ثانيا، في منزل بورقيبة كبرت وكتبت وحلمت ولكنني بعد هدرة سنوات طويلة حين عدت لتونس كانت "منزل بورقيبة" هي المدينة الوحيدة التي شعرت بها بالراحة بالأمان بالقدرة على الكتابة دون التعرض لضغط العاصمة وإيقاعها السريع.
إبداعيا المعمار الذي يميز المدينة وهندستها كمدينة مغرية للكتابة، المباني القيمة التي ظلت ثابتة من الفترة الاستعمارية الكلية الحربية، الطرقات المظللة بالأشجار العالية، البحر الذي يطوقها، موقعها الاستراتيجي على حافة المتوسط، مصنع الفولاذ الذي أثر في حياة سكانها، حكايات الناس.. كل هذا كان ولا يزال يمثل مادة ثرية للكتابة.
- في الرواية نافذة توثيقية على التاريخ التونسي.. ألم يقلقكِ أن يخرج هذا التناول عن الحالة السردية للرواية؟
لا، لم يقلقني هذا لأنني تحدثت عن تفاصيل عاشها الناس في الماضي لم أتحدث عن التاريخ بلغة المؤرخين ولكنني تحدثت عن أشياء عاشها التونسيون في حياتهم اليومية، التحديات التي تواجهها المرأة مثلا بعد الاستقلال، تسلط الزوج وذكورية المجتمع، وتحايلها، وذكاؤها لفرض نفسها في سوق العمل، رغم أن أغلبية النساء الراشدات وقتها كن أميات وهذا من خلال نموذج شخصية الجدة في الرواية. بعدها تطرقت لتونس في التسعينيات أيضا من خلال المرأة والصعوبات أو لنقل التحديات فهذا أدق، التي كانت تواجهها، فالمجتمع تغير وتطور لكن كل حركة تطور تصاحبها تحديات جديدة.
-ثيمة "النبش في الماضي" حاضرة في الرواية بقوة.. فما رمزيتها بالنسبة لكِ؟
بالنسبة لرواية "منزل بورقيبة" بالذات، كانت مسألة النبش في الماضي أساسية، فقد انطلقت من رغبة ومحاولة للفهم، كنت أريد أن أفهم لماذا اختفى خالي نور الدين منذ أربعين سنة في أمريكا؟ وبحثت وتساءلت عن مصيره، هكذا بدأت أجمع التفاصيل التي لطالما سمعتها في طفولتي ولكنني كنت أجمعها هذه المرة روائيا وأتخيل الأجزاء الناقصة من الحكاية.
احتجت لأرشيف بصري يخص المدن، فبقدر ما وجدت وثائق بصرية كثيرة حول شيكاغو أوائل القرن الماضي وحتى السبعينيات كان ما وجدته عن "منزل بورقيبة" صور قليلة بالأبيض والأسود للمدينة.
-كيف تجدين خصوصية جائزة "الكومار الذهبي الأدبية" التي حصلت عليها أخيرا؟
حسنا، تعرفين في تونس لدينا جوائز تُعد على الأصابع، وأهمها "جائزة الكومار" روائيا، ولن يكون مبالغا فيه إذا ما قلت إن جائزة الكومار هي حلم وهدف لكل كاتب تونسي. بالنسبة لي شخصيا حصولي على الجائزة من أسعد اللحظات في حياتي، الدقائق القليلة التي سبقت صعودي لاستلامها كانت سحرية خاصة حين استمعت لرأي لجنة التحكيم في الرواية، وأكبر مكافأة تلقيتها يومها وصفهم للرواية بأنها محبوكة بحرفية وبأنها رواية ممتعة.
- أنت صاحبة "أسرار الريح" أحسن كتاب شعري في تونس لعام 2004.. فأين الشعر الآن من مشروعك؟
هذا سؤال مهم كثيرا ما أطرحه على نفسي، لا أستطيع القول إنني هجرت الشعر فهو موجود بشكل أو بآخر في كتاباتي، فأنا أحب استعمال الوصف والاستعارات كثيرا في لغتي الروائية، ربما أعود لكتابة الشعر قريبا لا أعرف صدقا فأنا مزاجية جدا ولكنني حين أنطلق في مشروع أدبي أفصل بين الأجناس الأخرى، بمعنى أنني حين أكتب للأطفال أنقي لغتي من لغة الشعر والرواية وحين أذهب للرواية أحاول السيطرة على اللغة الشعرية والابتعاد عنها.
-بمناسبة الشعر والقصة وكتابات الأطفال.. هل بعد تحققك في مضمار الرواية تفكرين في التفرغ لها؟
أرى أن الرواية هي البيت الذي يجمع كل هذه الأجناس كثيرا ما توجد ثيمة الطفولة، هناك دائما طفلة أو طفل يتحدث في الرواية والشعر موجود في الوصف وفي لغتي بدرجة أو أخرى، صراحة لا أنوي حرمان نفسي من متعة الكتابة في مختلف الأجناس إذا ما كانت لدي فكرة أصيلة لقصة أو لقصيدة فلن أتجاهلها باسم التخصص.
-كروائية تونسية.. كيف تجدين المشروع الروائي التونسي اليوم وأبرز تحدياته؟
يشهد المشروع الروائي التونسي طفرة نوعية، هناك دم جديد يضخ في الرواية التونسية، وأسماء جديدة ودور نشر جديدة تشجع الرواية التونسية، وحسب رأيي من أكثر التحديات التي تواجهها الرواية التونسية والأدب التونسي عموما مسألة التوزيع والانتشار، فالكتاب التونسي يعاني كي يصل للقراء في العالم العربي.
aXA6IDMuMTQ3LjY1LjExMSA= جزيرة ام اند امز US