"كفاءة الطاقة" لاعب رئيسي في معركة المناخ.. ماذا قال العلماء؟
بينما تركز الحكومات على تطوير قدراتها في مجال الطاقة المتجددة، يتجاهل الكثيرون عنصرا حيويا لتعزيز أمن الطاقة النظيفة وهو إدارة نفايات الطاقة.
يتعين على البلدان في جميع أنحاء العالم أن تصلح أنظمتها الحالية لضمان عدم فقدان الطاقة في أثناء النقل والاستخدام، وأن تكون شبكات الكهرباء مستعدة لتدفق مشاريع الطاقة النظيفة الجديدة المتوقعة خلال العقود المقبلة.
ويدعو مؤسس ورئيس منظمة سولار إمبلس فاونديشن البيئية غير الربحية، برتراند بيكارد، إلى التركيز بشكل أكبر على الحد من هدر الطاقة بدلا من مجرد تعزيز قدرة الطاقة المتجددة.
وشدد بيكارد على أن نحو ثلاثة أرباع الطاقة العالمية تُهدر "بسبب السلوك غير المناسب والأنظمة أو البنى التحتية غير الفعالة".
وأوضح: "لذا، إذا حاولنا استبدال الطاقة الأحفورية بمصادر الطاقة المتجددة دون أن تكون فعالة، ودون تقليل الاستهلاك، فهذا أمر ميئوس منه".
تقدم في تكنولوجيا الطاقة الشمسية
وأكد بيكارد احتمال زيادة المعروض من الألواح الشمسية من الصين إلى أوروبا، حيث تعمل الحكومات على زيادة أهدافها المتعلقة بقدرة الطاقة الشمسية.
وحققت الصين نجاحا كبيرا في إنتاج كميات هائلة من الألواح بتكلفة منخفضة. وقد أدى هذا إلى تصنيع ألواح شمسية أقل بكثير في المناطق الأكثر تكلفة، مثل أوروبا، وزيادة الاعتماد على الصين لتوفير الألواح في جميع أنحاء العالم.
وقد جعل هذا من الصعب على الشركات المصنعة المحلية المنافسة، الأمر الذي دفع الحكومات إلى النظر في فرض التعرفات الجمركية على صادرات الطاقة المتجددة في الصين، وهو ما قد نراه قريبا في الولايات المتحدة.
ومن المتوقع أن تبيع الصين كميات هائلة من الألواح الشمسية لدول حول العالم، ما يسمح لها بتطوير مشاريع الطاقة الشمسية منخفضة التكلفة.
وهذا يعكس التقدم الكبير الذي تم إحرازه في تكنولوجيا الطاقة الشمسية، ومع ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك أيضا إلى الاعتماد المفرط على زيادة القدرة بدلا من تحسين الكفاءة في جميع مصادر الطاقة وتقليل استخدام الطاقة.
ونقل موقع "oil price" عن البروفيسور نيك آير، أستاذ الطاقة وسياسة المناخ في جامعة أكسفورد، "من الناحية التاريخية، قدمت كفاءة استخدام الطاقة الحصة الأكبر من تخفيف غازات الدفيئة، وإعادة اختراعها لعصر مصادر الطاقة المتجددة ستمكننا من مواصلة هذا الاتجاه وتحقيق صافي الصفر بحلول عام 2050".
وفي الوقت نفسه، صرح مارك ماسلين، أستاذ علوم نظام الأرض في جامعة كوليدج لندن، بأن "كفاءة الطاقة أمر بالغ الأهمية إذا أردنا أن تكون لدينا فرصة قوية لاحترام اتفاقية باريس لعام 2015، والوصول إلى صافي الصفر والحفاظ على ارتفاع درجة حرارة المناخ أقل من 1.5 درجة مئوية".
إعادة استخدام الحرارة المهدرة
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن كفاءة الطاقة ستكون قادرة على توفير ثلث التوفير المطلوب في الكربون للوصول إلى صافي الصفر.
يمكننا تحقيق ذلك وزيادة كفاءة استخدام الطاقة من خلال كهربة أكبر قدر ممكن من نظام الطاقة لدينا، ما يتيح المرونة في إمدادات الطاقة والطلب عليها وتخزينها، وإعادة استخدام الحرارة المهدرة.
أشارت ورقة عمل صادرة عن شركة دانفوس Danfoss Climate Solutions لعام 2023 بعنوان "كفاءة الطاقة 2.0: هندسة نظام الطاقة المستقبلية" إلى أن الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة قد يكونان قادرين على تحقيق وفورات في التكاليف المجتمعية السنوية بقيمة 11.2 مليار دولار بحلول عام 2030 و16.6 مليار دولار بحلول عام 2050 من خلال تعظيم إمكانات جانب الطلب.
40 مليون طن كربون
وهذا من شأنه أن يساعد المنطقة على خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بما يقدر بنحو 40 مليون طن وتقليل توليد الكهرباء من الغاز الطبيعي بمقدار 106 تيراواط في الساعة، أو حوالي خمس استهلاك الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء في عام 2022.
وذكر المنشور أيضا أن التحول بعيدا من الوقود الأحفوري إلى النظام المكهرب بالكامل يمكن أن يخفض ما يصل إلى 40% من الاستهلاك النهائي للطاقة.
تسلط دانفوس الضوء أيضا على الحاجة إلى ضمان كفاءة استخدام الطاقة في التقنيات الناشئة، إذ إن سوق الهيدروجين ينمو بوتيرة متسارعة، حيث تبحث الحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم عن بدائل وقود أنظف لتشغيل الصناعات التي يصعب تخفيفها مثل التصنيع والطيران.
يتطلب تحويل الطاقة المتجددة إلى هيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي كميات كبيرة من الطاقة، والتي يعتقد الكثيرون أنه من الأفضل استخدامها مباشرة ككهرباء.
ولذلك، يجب علينا تطوير تقنيات التحليل الكهربائي عالية الكفاءة لتعزيز عملية التحويل، وكذلك التركيز على تقليل الطلب على الهيدروجين.
تشير الورقة إلى أنه من الممكن والضروري تحقيق التكامل الاستراتيجي بين القطاعات التي تنشر الحرارة الزائدة لخفض الطلب على الطاقة وتعزيز الكفاءة.
إهدار 53% من مدخلات الطاقة العالمية
ويشير التقرير إلى أنه بحلول نهاية العقد، سيتم إهدار ما يصل إلى 53% من مدخلات الطاقة العالمية على شكل حرارة زائدة، ولكن يمكن احتجاز هذه الحرارة وإعادة استخدامها لتشغيل الآلات، وكذلك لتدفئة المباني والمياه.
في الوقت الحاضر، نحن نعيش في وهم الوفرة الزائفة، فأنظمة الطاقة الموجودة على مستوى العالم غير فعالة إلى حد كبير، كما أن الطلب العالمي على الطاقة مستمر في الارتفاع.
ولذلك، تسعى الحكومات جاهدة إلى استبدال إمدادات الطاقة الحالية بسرعة ببدائل متجددة لدعم جهود إزالة الكربون، ومن ناحية أخرى، لم يتم بذل الكثير من الجهود للحد من أوجه القصور والحد من الاستخدام غير الضروري للطاقة.
سيساعد تحسين كفاءة الطاقة والحد من الاستخدام الزائد على تقليل انبعاثات الكربون وكذلك تخفيف العبء على الحكومات التي تسعى إلى زيادة إنتاج الطاقة الخضراء بوتيرة غير مستدامة.