الطاقة.. مفارقة أوروبا العجيبة في زمن الحرب
يبدو أن الاتحاد الأوروبي، الذي كان يعتمد في السابق على روسيا في حوالي 40% من غازها وأكثر من نصف فحمها، ليس لديه خيار كبير.
في يوليو/تموز من العام الماضي، وضع مفوضو الاتحاد الأوروبي مجموعة من السياسات الخضراء لوضع القارة على طريق أن تصبح محايدة مناخياً بحلول عام 2050.
في ذلك العام، قالت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية في تصريحات تملؤها الثقة: "لقد وصل اقتصاد الوقود الأحفوري إلى حدوده".
بعد أكثر من عام بقليل في أغسطس/آب الماضي، يشرف هؤلاء المفوضون الآن على إنفاق عشرات المليارات من اليورو على البنية التحتية للوقود الأحفوري والإمدادات، وسط تخفيضات حادة لإمدادات الغاز من روسيا وارتفاع أسعار قياسي.
- حرب الطاقة.. روسيا تتلاعب بأعصاب الأوروبيين بأغنية وداع
- لوبي "الفحم والنووي" الأوروبي ينسف جهود حماية المناخ.. نظرة عن قرب
تشير البيانات التي تم تحليلها بواسطة Ember Climate إلى أن الحكومات الأوروبية ستنفق ما لا يقل عن 50 مليار يورو هذا الشتاء على البنية التحتية الجديدة والموسعة للوقود الأحفوري والإمدادات، بما في ذلك الغاز الذي يتم شحنه من الخارج والفحم لتزويد محطات الطاقة المتوقفة سابقا.
تستعد الكتلة الأوروبية الآن لخطة إنقاذ لمنافسة الاستجابة للأزمة المصرفية لعام 2008؛ حيث تشير الأرقام الصادرة عن مركز الأبحاث الاقتصادي Bruegel إلى أن حكومات الاتحاد الأوروبي قد خصصت بالفعل 280 مليار يورو بين سبتمبر/أيلول 2021 ويوليو/تموز من هذا العام لحماية المستهلكين من الارتفاع الصاروخي في أسعار الطاقة.
ساء الوضع الإثنين من الأسبوع الماضي، عندما قال الكرملين إن إمدادات الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 سيتم تعليقها لأسباب فنية، وأسباب غير معلنة مرتبطة برفع العقوبات الغربية، مما دفع أوروبا بخطوة أخرى أقرب إلى الركود.
ومن المقرر أن يجتمع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي في اجتماع طارئ في بروكسل في 9 سبتمبر/أيلول الجاري لمناقشة استجابة منسقة.
وكان رد فعل الاتحاد الأوروبي على ما يسمى بـ "تسليح" موسكو لإمدادات الطاقة هو اقتراح ضريبة على شركات الطاقة الكبرى في الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تكثيف إمدادات الوقود الأحفوري البديلة لوقف تجمد المواطنين هذا الشتاء.
من المقرر بدء تشغيل سبع محطات عائمة لمعالجة الغاز الطبيعي المسال من مصادر غير روسية في ألمانيا وهولندا وبين إستونيا وفنلندا، في الوقت المناسب لفصل الشتاء بتكلفة إجمالية لا تقل عن 3.7 مليار يورو بين أكتوبر/تشرين أول المقبل ومارس/آذار من العام 2023.
في الوقت نفسه، سمحت عدة دول بما في ذلك ألمانيا وهولندا، باستئناف العمليات في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم والتي كانت إما قد توقفت عن الاستخدام أو كانت على وشك الإغلاق، مما سمح بحرق 13 مليون طن إضافي من الفحم بتكلفة 4.5 مليار يورو.
يحذر المسؤولون في بروكسل من أن هذه ليست سوى إجراءات مؤقتة لن تؤثر على طموح الكتلة في أن تكون محايدة مناخياً بحلول عام 2050.
يقول فيرجينيوس سينكيفيتشوس المفوض الأوروبي للبيئة: "من المهم الجمع بين استخدام الفحم كبديل آخر ممكن مع تسريع مشاريع كفاءة الطاقة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة."
يبذل الاتحاد الأوروبي جهودًا لخفض الطلب على الطاقة، بدءًا من القيود على التدفئة إلى إطفاء الأنوار العامة ليلاً؛ ومن المقرر أن يصوت البرلمان الأوروبي على مقترحات الأسبوع المقبل لزيادة هدفه العام للطاقة المتجددة من 40% من توليد الطاقة إلى 45% بحلول عام 2030.
لكن المحللين يخشون من أن بعض استثمارات الكتلة في الفحم والغاز الطبيعي المسال قد تربطها بالوقود الأحفوري لفترة أطول مما هو مخطط لها، مما يعرض أهداف الانبعاثات المستقبلية للخطر.
كذلك، أدى الصيف الحار والجاف بشكل غير عادي إلى تفاقم توقعات الطاقة؛ فيما أدت موارد الطاقة الكهرومائية الجافة إلى زيادة الطلب على الغاز في بلدان من إسبانيا والبرتغال في الجنوب إلى النرويج في الشمال.
وفي فرنسا، اضطرت محطات الطاقة النووية التي تتعرض بالفعل لضغوط بسبب عمليات إغلاق الصيانة الواسعة النطاق، إلى خفض طاقتها بسبب نقص المياه اللازمة لتبريد المفاعلات؛ كما تأثرت النباتات في بلجيكا وسويسرا وألمانيا وفنلندا.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDEuMjUxIA== جزيرة ام اند امز