تجميد أرصدة قيادات النهضة.. ضربة "قاتلة" لإخوان تونس
ضيقت تونس الخناق على جماعة الإخوان بتونس، وذلك بعد قرار تجميد أموال قيادات بالنهضة في قضية ذات صبغة إرهابية تتعلق بجمعية "نماء".
وبعد إزاحة إخوان تونس عن الحكم في 25 يوليو/تموز 2021 الماضي، وصياغة مشروع دستور جديد يقطع مع دستور الإخوان، فقد اليوم "إخوان تونس" ذراعهم الوحيدة التي تبقت لهم، بتجميد أموالهم.
ووجه رئيس لجنة التحاليل المالية، ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، الثلاثاء، أمرا إلى كافة البنوك والديوان الوطني للبريد لإخطارها بصدور قرار يقضي بتجميد حسابات عدد من القيادات والمحسوبين على حركة النهضة، أبرزهم زعيمها راشد الغنوشي، وابنه معاذ، وصهره رفيق عبد السلام، ورئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي، وأبناه وصهره محمد الحشفي، وناجح الحاج لطيف، إحدى أذرع الغنوشي الخفية، ورفيق عمارة وعبد الكريم سليمان.
الوثيقة نصت أيضا على إيداع كل الأموال المجمدة بحساب احترازي، وإطلاع قاضي التحقيق على كافة البيانات المطلوبة.
ويتعلق القرار، بحسب مصادر لـ "العين الإخبارية"، بجمعية "نماء" الخيرية، وبتهمة الحصول على تمويلات من الخارج مجهولة المصدر.
قضية "نماء"
وبدأ البحث في ملف القضية، إثر شكوى تقدمت بها لجنة الدفاع عن القياديين اليساري شكري بلعيد، والقومي محمد البراهمي، اللذين اغتيلا عام 2013، مفادها اتهامات لجمعية خيرية بالحصول على تمويلات من الخارج مجهولة المصدر.
ووجهت النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتونس الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية بإدارة الشرطة العدلية بالبحث، ليتم في مرحلة أولى الاستماع لتصريحات ممثل عن الشاكين، قبل أن يتم لاحقا الحصول على قرارات لها علاقة بالبنك المركزي، ولجنة التحاليل المالية وبنك يساهم أجانب في رأس ماله.
وتم حصر عمليات مالية في تحويلات من الخارج وعمليات سحب خلال فترة محددة لا سيما بين عامي 2013 و2014، شملت تحويلات بالملايين دون تحديد مصادرها.
وتولى أعوان الإدارة الفرعية للأبحاث الاقتصادية والمالية، إمهال 3 مسؤولين بالجمعية الخيرية، لإثبات مصدر تلك الأموال، ومع إعادة سماعهم لم يتسنّ تقديم الوثائق، ليصدر إذن قضائي بإحالة الملف إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب، والذي تولّى تكليف الوحدة الوطنية لمكافحة الإرهاب بمواصلة البحث مع الإذن بسجن المسؤولين الثلاثة 5 أيام قابلة للتمديد، وإدراج مسؤولين اثنين آخرين بالجمعية الخيرية في التفتيش.
وكان محامو شكري وبلعيد تقدموا بشكوى لدى القضاء العسكري حول ما اصطلح على تسميته "الجهاز المالي السري لحركة النهضة" وتولى القضاء العسكري تكليف وحدة مكافحة الإرهاب بالحرس الوطني بجزء من الشكوى، والتخلي عن الجزء المتعلق بالجانب المالي لفائدة المحكمة الابتدائية بتونس.
وفي تصريحات سابقة، قال رضا الرداوي، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، إن جمعية تأسست في 2011 تحت اسم "نماء تونس" وكان هدفها تشجيع الاستثمارات الأجنبية، وتورطت في جرائم التسفير (تسفير شباب تونسي للقتال بمناطق النزاع والحروب) وتم فتح أبحاث جزائية أولية سرعان ما لاحقتها يد حركة "النهضة" الإخوانية عبر ذراعها في القضاء، وتم وقف التحقيق.
وأوضح الرداوي بأن الجمعية كانت تتخذ من "تشجيع الاستثمار" غطاء لها، فيما "كان دورها الباطني إدارة معركة التسفير إلى بؤر الإرهاب عبر مبالغ مالية تضخ في حسابها".
وأشار إلى أن "أحد الأطراف المتهمة هو شخص يدعى ناجح الحاج لطيف الذي يدير أعمال زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي، وهو إحدى أذرعه الخفية، وكان وكيلا لشركة تنشط في مجال "النسيج" بتونس، وهذه الشركة بريطانية في الأصل وتم طرده منها، لكنه خلال إدارته للشركة، كان يستعمل الحساب الإلكتروني للشركة الثانية في إدارة الأعمال الإدارية والمالية المشبوهة مع النهضة".
تجفيف منابع تمويل الإخوان
ويرى مراقبون للمشهد السياسي التونسي، أن قرار تجميد أموال 10 شخصيات إخوانية وعلى رأسها الغنوشي، من شأنه أن يحجم نفوذهم في البلاد.
وقال الناشط والمحلل السياسي عبد المجيد العدواني، إن تنظيم الإخوان في تونس يعيش على وقع ضربات متلاحقة خلال الأشهر الماضية زادت حدتها بعد تجميد أموالهم.
وأكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن قرار تجميد أرصدة مجموعة من جماعة الإخوان في تونس يعد ضربة قاتلة لهذا التنظيم.
وتابع، أن الرئيس التونسي قيس سعيد ضرب بيد من حديد مرة أخرى ليؤسس لنهاية الإخوان في البلاد عن طريق تجفيف منابع الجماعة، وقطع الطريق على أي محاولة من الجماعة للبحث عن موطئ قدم.
وأكد أن الجمعيات التي تتظاهر بأنها خيرية، وفي باطنها تدعم الإرهاب يصل عددها لأكثر من 100، كلها ذات تمويلات مشبوهة من الخارج، وتحديدا من التنظيم العالمي للإخوان الذي يضخ الأموال للجمعيات لارتكاب جرائم مختلفة في مجال غسل الأموال، وتسفير الشباب إلى مناطق الحروب أو ارتكاب أعمال إرهابية".
الجهاز المالي السري للإخوان
ومن جانبه، قال الصحبي الصديق المحلل السياسي إن قرار تجميد أرصدة مجموعة من الإخوان يأتي في القضية التي رفعتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وأضاف في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن كل من أجرم في حق البلاد يجب أن يحاسب، معتبرا أن هذه الخطوة تنسف ما تبقى من إخوان تونس الذين فر أغلبهم للخارج، خوفا من المحاسبة، وعلى رأسهما ابن راشد الغنوشي، معاذ الغنوشي، وصهره رفيق عبد السلام.
وأكد أن تجميد أموال الإخوان هو نهاية للجهاز المالي السري لحركة النهضة، خاصة أن جمعية "نماء" تورطت في جرائم تسفير الإرهابيين وضخ أموال لتمويل الإرهاب.
وسبق أن توعّد الرئيس التونسي 'البعض بدفع الثمن باهظا"، وقال: "من سرق أموال الشعب ويحاول الهروب أنّى له الهروب.. من هم الذين يملكون الأموال ويريدون تجويع الشعب؟".