إن كوكب الأرض يئن من التعامل القاسي للبشرية مع الموارد والمقدرات، التي تملكها أجيال الحاضر وأجيال المستقبل.
ولعلها الفرصة الأخيرة فعلاً لدول عالمنا، لذا لا بد من وقفة في وجه التقهقر المستمر للأوضاع البيئية عالمياً، تشبه تلك الوقفة الجادة لدولة الإمارات، التي لم تدخر جهداً في سبيل حماية البيئة، مقدمة مصالح الطبيعة المستدامة على المصالح الوقتية، ومشيّدة بِنى تحتية قادرة على توفير الرفاه والازدهار والتقدم الاقتصادي، بالتساوي مع حماية كوكب الأرض.
إن مشاهد التصحر ونفوق الحيوانات وارتفاع لهيب الحرائق فوق غابات كانت يوماً ما رطبة، وانهيار ثلوج القطب الجنوبي، صارت مألوفة لدى الجميع، وذلك بعد سنوات من التغير المناخي، الذي شهده العالم بسبب الانبعاثات الكربونية والغازات الدفيئة، التي تسببت في الاحتباس الحراري وارتفاع درجات الحرارة عالمياً.
وقد لفتت تلك التغيرات انتباه العالم، ما أنتج اتفاقية باريس للمناخ، كأول اتفاق عالمي في هذا الشأن، للعمل بشكل أساسي على مواجهة مشكلة انبعاثات الغازات الدفيئة، وكيفية إيجاد حلول للتكيف معها، وتخفيف حدة ضررها على البيئة، والنظر بجدية إلى الآثار الواضحة للتغيرات المناخية، والحد من ارتفاع الحرارة إلى أقل من درجتين مئويتين، حيث إن متوسط درجات الحرارة العالمية ارتفع بمقدار 0.85 درجة مئوية منذ 140 عاماً بعد الثورة الصناعية تقريباً، ما يعني أن الاهتمام بمشكلة التغير المناخي يجب أن يكون جهداً عالمياً، وليس ترفاً، فهي مشكلة تواجه البشرية جمعاء كخطر كبير يهدد وجودها وبقاءها.
وقد عُقد مؤتمر الأطراف السادس والعشرون، أكبر وأهم مؤتمر يتعلق بالمناخ على هذا الكوكب، في مدينة غلاسكو الاسكتلندية، بمشاركة وفود تمثل 200 دولة، لبحث سبل التقليل من الانبعاثات بحلول عام 2030، والمساعدة في تحسين الحياة على كوكب الأرض لينتج عنه السبت الفائت إقرار اتفاق عالمي، يهدف إلى الإبقاء على ظاهرة الاحتباس الحراري عند مستوى 1.5 درجة مئوية، ما يعني الحفاظ على الحد الأدنى لإنقاذ الكوكب من الآثار البيئية.
لكن ماذا عن منطقتنا العربية؟
لا يمكن النظر إلى المنطقة العربية بمعزل عن العالم، فالتأثير يشمل الجميع، من القطب الجنوبي حتى الصحراء الكبرى، وفي المنطقة العربية يشكل التغير المناخي إشكالية كبيرة، فهناك تأثيرات واضحة من خلال ارتفاع معدلات الجفاف، وحرائق الغابات والتصحر في بلدان طالما عُرفت بأنها رطبة.
لقد أخذت دولة الإمارات العربية المتحدة زمام المبادرة وسلطت جهودها نحو مواجهة تحديات التغير المناخي، ضمن خطة استراتيجية في استثمارات الطاقة النظيفة والمتجددة، وقدمت مبادرات وطنية ودولية تسهم في إنقاذ الكوكب، وقد بلغت استثمارات الإمارات في الطاقة النظيفة أكثر من 120 مليار دولار، بهدف توليد نصف الطاقة اللازمة لها من المصادر النظيفة حتى 2050، ما يسهم في إزالة نحو 34 مليون طن انبعاثات غاز "co2" السام من مناخ الإمارات.
وتتوّج دولة الإمارات جهودها الدولية في ذلك باستضافتها الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في 2023، بعد أن حققت قفزات في مجال الطاقة النظيفة وأثبتت للعالم أنها قادرة على الحد من التأثيرات السلبية للتغير المناخي بمستويات تفوق متطلبات اتفاقية باريس.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة