"درون" فوق مطار أربيل.. محللون: إيران فقدت السيطرة على مليشياتها
اعتبر مراقبون للشأن العراقي، الهجوم الذي استهدف مطار أربيل "تطورا نوعيا خطيرا" ينذر بتداعيات عن توغل المليشيات وتطور وسائل المواجهة.
وتوقع البعض أن يلجأ صناع القرار الحكومي والسياسي في إقليم كردستان المساعدة الدولية لتأمين من مناطقها من خطر الهجمات المتكررة، فيما شدد آخرون على ضرورة ان تقدم حكومات بغداد ضمانات تؤكد سيطرتها على ضبط إيقاع الأمن والسلاح المنفلت.
وتعرض مركز عسكري تابع للتحالف الدولي قرب مطار أربيل إلى هجوم بواسطة طائرة مسيرة تحمل مواد شديدة الانفجار في أول حادثة من نوعها تعتمدها الجهات التي تلاحق التواجد الأجنبي في العراق.
وخلال نحو 6 أشهر، تعرض مطار أربيل إلى ثلاث هجمات استهدفت قواعد تابعة للتحالف الدولي، كان آخرها ليلة أمس، بينما حذر المراقبون من أن تعثر محاسبة المنفذين خلال الاعتداءات السابقة، وعدم الكشف عن المتورطين، هيأ للهجوم الأخير.
ويشير المحلل السياسي معن الجبوري إلى أن "دخول طائرة (درون) في خط المواجهة يؤشر تصعيداً خطيراً"، مطالبا الحكومة الاتحادية بأن تظهر هنا وبقوة لمحاسبة الجهات المهاجمة وإلا فإن الأمور ستسير بما لا يحمد عقباه.
وقال الجبوري لـ"العين الإخبارية"، إن "هذا التصعيد يعد نذير شؤم يهدد بنهايات المؤسسات وضياع الدولة وفقدان المكتسبات التي تحققت ما بعد 2003".
مناطق رخوة
بدوره، رأى الخبير الأمني العراقي محمود خوشنار، أن هجوم مطار أربيل جاء نتيجة لعدم تطبيق الاتفاقيات الأمنية الموقعة بين بغداد وأربيل بشأن مناطق التماس بين خطوط دفاع السلطات الاتحادية والبيشمبركة والتي وفرت بيئة آمنة لتنظيم داعش الإرهابي والعناصر المتطرفة الخارجة عن سيطرة الدولة.
وأوضح خوشنار أن حكومة إقليم كردستان شعرت بذلك الخطر وعقدت تفاهمات مع سلطات بغداد لتأمين عمق تلك المناطق التي تصل إلى مسافة نحو 25 كيلومترا لتأمين مقتربات مناطق كردستان بغية تفويت الفرصة على تلك المليشيات في استغلال تواجدها هناك.
وفي سبيل ذلك، تم تأسيس مراكز مشتركة في كركوك وصلاح الدين وديالي ونينوى لتصفير المسافات ولكن تطبيق الاتفاق تعثر وأصبح حبراً على ورق، بحسب الخبير الأمني العراقي.
ونبه على أن نوايا بغداد الحسنة مع أربيل غير كافية إذا لم تستند إلى برامج وإجراءات عملية لقطع الطريق أمام قوى اللادولة.
وتابع: "الاقتراب من تهديد أربيل من خلال أكثر من اعتداء يؤشر على أن المليشيات المسلحة تمتلك سيطرة أكبر في بغداد يهيأ لها الاستمرار بخرق الدولة وتهديم مؤسساتها".
رسائل للتحالف الدولي
أما الخبير سامان شالي فأوضح أن الهجوم الأخير حمل رسائل عدة منها موجه إلى التحالف الدولي والآخر إلى حكومة كردستان وكذلك إلى سلطات بغداد، نتيجة التقارب الأخير الذي ساد الأجواء السياسية بين الحكومة المركزية والإقليم.
وكانت بغداد وأربيل أجرتا سلسلة من جولات التفاهم التي وصفت بـ"الشاقة" عبر تبادل الزيارات بين الجانبين بشأن تحديد حصة إقليم كردستان قبيل إقرار الموازنة الاتحادية التي صوت عليها البرلمان في مارس/أذار الماضي.
ومع تصاعد حدوث انفراج الأزمة بين بغداد وأربيل بشأن النقاط الخلافية حول بعض بنود الموازنة، استعرض فصيل مليشياوي مسلح في شوارع العاصمة العراقية وهدد بالتصعيد في حال تمرير حصة كردستان في ضوء ما توصلت إليها التفاهمات المعلنة بين الطرفين.
وأكد أن "تلك المليشيات لن يروق لها أن تتمتع بغداد وأربيل بمستوى من التقارب العالي والاتفاق على المسائل الخلافية العالقة بينهما لذا استبق هذا الهجوم بإطلاق التهديدات".
المفاعل الإيراني
وبالعودة إلى الخبير الأمني العراقي محمود خوشنار فإن الهجوم بالطائرة المسيرة على مركز للتحالف الدولي في أربيل تزامن مع تطورات ترتبط بأحداث متزامنة، معتبرا أن العراق ضحية صراع إقليمي دولي يفرض على البلاد المزيد من الفوضى والانقسام والتصدع السياسي والمجتمعي.
وبالتأسيس لتلك التعقيدات، كما يشير خوشنار فإن الهجوم على مطار أربيل جاء نتيجة حتمية لذلك الصراع الدائر سواء على المستوى المحلي أو الدولي، "فحتماً إيران ليست بعيدة عن صناعة هذا الاعتداء".
وقال إن الهجوم الإلكتروني الذي استهدف منشأة نطنز النووية الإيرانية الذي تبناه جهاز الموساد الإسرائيلي جاء كمحرك أساسي لمهاجمة قاعدة التحالف الدولي في أربيل عبر أذرعها المليشاوية في العراق.
وهنا أكد المحلل السياسي ناصر الواسطي أنه "تم الترويج قبل 3 أيام من هجوم أربيل إلى مهاجمة مركز للموساد الإسرائيلي في أربيل لتهيئة الرأي العام وتقبله لهجمات أربيل، والحقيقة أن الخبر لا صحة له إطلاقاً كون ليس هناك أي تواجد لإسرائيل في كردستان".
ويبين الواسطي أن "التطور في هجوم أربيل ليس محصوراً باستخدام طائرة مسيرة بل في كيفية صناعة الدعاية من قبل تلك المليشيات وتشويه الحقائق عبر أساليب نفسية فيها شيئاً من الاحتراف".
لكن الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي أحمد الأبيض يرى أن المليشيات المتهمة بالوقوف وراء تلك الهجمات، تعيش حالة من التخبط وقد فقدت إيران السيطرة عليها بعد مقتل قاسم سليماني إن لم تكن فقدت المشروع في العراق.
وحذر الأبيض من أن "تداعيات هذا التخبط ستقود البلاد إلى مشاريع تقسيم وستسعى قوى دولية أوربية مثل بريطانيا وفرنسا إلى استثمار تلك المعطيات والدخول على خط تلك المتغيرات".
aXA6IDMuMTQuMTQzLjE0OSA= جزيرة ام اند امز