أحدث صرعات أردوغان بل آخر فضائحه المدوية هي الأدلة الأخيرة على الدعم العسكري والتدخل السافر والمباشر لصالح المليشيات المسلحة في ليبيا
يوما بعد يوم تثبت الإحصائيات والأرقام والتصريحات الرسمية وغير الرسمية وجود أزمة كبيرة يعاني منها الاقتصاد التركي، خاصة مع بدء هذا العام الذي شهد عدة هزات ارتدادية زعزعت النظام المالي وهزت الميزان التجاري التركي على مختلف الأصعدة، هذه الارتدادات ليست سوى ردود فعل طبيعية، جاءت لتؤكد مرارا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يقود تركيا إلى المجهول، عبر سياساته العدائية، واستمراره في إقحام أنفه في شؤون المنطقة، ليس سوى لتنفيذ أجندات إخونجية، لا يهمها إلا الوصول إلى السلطة والثروات من خلال إلحاق أكبر ضرر بالدول المحيطة به، وتحديدا الدول العربية.
رغم معاناة المستهلكين الأتراك من هذه الأوضاع يبدو أن النظام التركي لا يجيد إلا لغة الهدم والتخريب، وهو الذي يستخدم كل إمكاناته في دعم الإرهاب وجماعاته ومليشياته في سوريا وليبيا والصومال، وداخليا لا لغة في يده سوى الاعتقالات وتكميم الأفواه، ولا حلول لديه إلا السجن لكل من يعارضه
أحدث صرعات أردوغان بل آخر فضائحه المدوية هي الأدلة الأخيرة على الدعم العسكري والتدخل السافر والمباشر لصالح المليشيات والجماعات الإرهابية المسلحة في ليبيا، الداعمة لما يسمى بحكومة الوفاق الوطني، والذي يأتي دوما بالتعاون مع الشريك الإقليمي الأكبر ومتعهد الإرهاب الآخر في المنطقة نظام الحمدين في الدوحة، وبرزت التدخلات التركية من خلال الضبط المتكرر لشحنات الأسلحة والذخائر، آخرها لسفينة انطلقت من ميناء سامسون التركي في التاسع من مايو الماضي، وهي التي تتزامن مع إطلاق الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية واسعة، تهدف إلى بسط سيطرة الدولة على المناطق التي تسيطر عليها مجموعات إرهابية تدعمها تركيا وقطر.
التدخل التركي في ليبيا ليس جديدا، بل منذ عام ٢٠١٢، ومع بدايات ظهور جماعات إرهابية مسلحة وانطلاق أنشطتها على الأراضي الليبية، فكانت المخابرات التركية تعمل بشكل مستمر على نقل إرهابيين من وإلى ليبيا، والذي كان يتم حسب تصريحات صحفية لمسؤولين ليبيين، "من ميناء بنغازي إبان سيطرة جماعة الإخوان على المدينة، حيث تم نقل آلاف المقاتلين من عناصر تنظيم القاعدة وغيرها من التنظيمات الإرهابية إلى سوريا، وبعد بدء عمليات القوات المسلحة الليبية بتحرير مدينة بنغازي بدأت المخابرات التركية بالتعاون مع مجموعات إرهابية ليبية، مثل شورى بنغازي ودرنة، بإعادة الإرهابيين الليبيين ومعهم إرهابيون من تونس والجزائر ومصر وجنسيات غير عربية من سوريا إلى ليبيا لقتال القوات المسلحة الليبية".
وعودة إلى الاقتصاد والأرقام، فتركيا التي تعاني هبوطا حادا في سعر صرف ليرتها بدأت منذ منتصف العام الماضي باللجوء إلى استخدام احتياطياتها من النقد الأجنبي الذي تراجع مخزونه بنسبة ٢.٦٨% عن ذات الفترة من العام الماضي، وتعثر العملة التركية كان دائما ما يرافقه أو ينجم عنه هبوط كبير في مؤشرات اقتصادية مترابطة، على رأسها القوة الشرائية والسياحة والعقارات، مع قفزة في نسب التضخم التي ما تزال عند معدل ١٥%، وهو ما يشكل ضغطا هائلا على السوق المحلية، والعلاقة التسويقية المرتبطة بالمواطن التركي.
استنفد الرئيس التركي أردوغان جميع خياراته، وفي ظل الأزمات المتتالية التي تواجهه على المستويين المحلي والعالمي سياسيا واقتصاديا كان لا بد من التوجه إلى حيث النفط العربي، وهو ما ظن أنه سيجد ضالته فيه، من خلال استئجار أذناب وتوجيههم بمساعدة نظام الدوحة، للعبث بأمن دول المنطقة التي تعاني من نزاعات، أهم أسبابها التدخل الوقح لمثل هذه الدول التي تحمل فكرا إخونجيا نتنا، وذلك للحصول على ثرواتها الباطنية الضخمة من الغاز والنفط، وهنا تظهرُ أطماع العثماني المارق في ليبيا، داعما الجماعات الإرهابية المسلحة في محاولة لإيصالها للسلطة، للحصول على تفاهمات معهم كما يرغب، في سعي مفضوح منه لنيل حصة أكبر من المناطق الاقتصادية الليبية في البحر المتوسط، على حساب مصر وسوريا ولبنان وقبرص واليونان، وهي مناطق اكتشف فيها حديثا احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي، وتشارك معها تركيا بنسب ضئيلة.
يعيش الاقتصاد التركي في هذه الأثناء أزمة كبيرة، وصلت إلى حد تهديد عرش أردوغان، وبدأت انعكاساته في مواجهات مستمرة مع الشارع التركي، الذي تزداد معاناته كل يوم، مع استمرار نهج الرئيس التركي الذي أدى إلى هذا الوضع المتدهور، وسط عجز صارخ للحكومة والمؤسسات الرسمية عن وقف تدهورها، ورغم معاناة المستهلكين الأتراك من هذه الأوضاع يبدو أن النظام التركي لا يجيد إلا لغة الهدم والتخريب، وهو الذي يستخدم كل إمكاناته في دعم الإرهاب وجماعاته ومليشياته في سوريا وليبيا والصومال، وداخليا لا لغة في يده سوى الاعتقالات وتكميم الأفواه، ولا حلول لديه إلا السجن لكل من يعارضه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة