أردوغان وصدمة المحليات.. الهروب إلى نظرية "المؤامرة"
الانتخابات المحلية كانت بمثابة جولة مصيرية لعدد كبير من الأحزاب والقوى السياسية، والرئيس التركي الذي كان يعدها استفتاء على شعبيته.
انتكاسة كبيرة مني بيها حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الانتخابات المحلية بخسارة الحزب العاصمة أنقرة وبلدية إسطنبول اللتين تشكلان عصب الاقتصاد التركي.
وتمثل إسطنبول الكثير لأردوغان الذي دفع رئيس الوزراء السابق وأحد أبرز أنصاره بن علي يلدريم للترشح لرئاسة بلديتها في مواجهة مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض أكرم إمام أوغلو.
- انطلاق انتخابات محلية في تركيا محفوفة بالمخاطر لأردوغان
- مرشح المعارضة لبلدية أنقرة: فوزي المحقق دفع أردوغان للجنون
صدمة الخسارة دفعت أردوغان وحزبه للهروب إلى نظرية "المؤامرة" واللجوء إلى تقديم الطعون في محاولة للمرواغة وتقليل وقع الهزيمة على أنصارهم.
انخرط أردوغان بقوة في الحملة الانتخابية فصوّر الانتخابات البلدية على أنها معركة حياة أو موت، علما بأن الاقتراع كان بمثابة استفتاء على حكم حزب العدالة والتنمية بعد تباطؤ الاقتصاد التركي لأول مرة منذ عقد.
طعون حزب أردوغان
أعلنت السلطات الانتخابية، الأربعاء، أنها بدأت بإعادة فرز الأصوات في 18 دائرة في إسطنبول بعدما طعن حزب أردوغان الذي اعتُبر خاسرا في هذه المدينة في نتائج الانتخابات.
وقدم الحزب الحاكم الطعن، أمس الثلاثاء، ففي أنقرة أمر مسؤولون بإعادة إحصاء جميع الأصوات في 11 دائرة في المدينة، ولم يكن واضحا على الفور متى ستبدأ عملية إعادة الفرز.
وأعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات جوفن، الإثنين الماضي، أن مرشح المعارضة في إسطنبول أكرم إمام أوغلو يتصدر النتائج بنحو 28 ألف صوت مع فرز غالبية الأصوات، ما دفع حزب العدالة والتنمية إلى الطعن في النتائج.
وتحظى إسطنبول بوضع مميز لدى أردوغان الذي نشأ في حي قاسم باشا، وتشير تقارير إلى أنه أبلغ أعضاء حزبه أن الفوز بالمدينة هو بمثابة فوز بكل تركيا.
وتعليقا على طعون حزب أردوغان، دعا متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جميع الأطراف إلى القبول بنتائج الانتخابات.
وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية روبرت بالادينو: "سأقول إن انتخابات حرة ونزيهة ضرورية لأي ديمقراطية، وهذا يعني أن قبول نتائج الانتخابات الشرعية أمر ضروري".
حث مرشح المعارضة الرئيسي في الانتخابات البلدية في مدينة إسطنبول التركية اللجنة العليا للانتخابات على تأكيد فوزه بمنصب رئيس بلدية المدينة، بعدما قررت اللجنة إعادة إحصاء الأصوات في 18 دائرة من أصل 39 بالمدينة.
ودعا أكرم إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري الذي تقدم على منافسه رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم مرشح حزب العدالة والتنمية، اللجنة إلى "القيام بعملها" وإعلانه رئيسا لبلدية إسطنبول، واتهم حزب العدالة والتنمية بعدم احترام إرادة سكان المدينة.
وقال للصحفيين: "نريد العدالة، نطالب بتفويضنا من اللجنة العليا للانتخابات، التي أعلنت الأرقام، بصفتي رئيس بلدية منتخبا لهذه المدينة.. العالم يراقبنا، العالم يراقب انتخابات هذه المدينة".
وفي أنقرة، حصل منصور يافاش مرشح حزب الشعب الجمهوري على 50.9% من الأصوات متغلبا على منافسه من حزب العدالة والتنمية الوزير السابق محمد أوزهسكي بفارق 4 نقاط مئوية.
ومن المقرر إعادة إحصاء الأصوات في 11 دائرة في أنقرة نتيجة لطعون العدالة والتنمية.
شو إعلامي
بدأ رئيس بلدية منتخب ولايته ببداية جريئة وصفت بـ"الشو الإعلامي"، حيث أشعل النار في كرسي رئيس البلدية، لإثبات أنه ليس متعطشا للسلطة.
وأُقيمت "مراسم حرق الكرسي" في منطقة البستان في إقليم كهرمراس الجنوبي لرئيس البلدية الجديد محمد جوربوز الذي كان مرشحا لحزب العدالة والتنمية.
وخلال كلمة في المناسبة، حث جوربوز أنصاره على أن يكونوا متواضعين وتعهد بالعمل الجاد للتغلب على أوجه القصور.
وفي فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، سعى أردوغان إلى طمأنة أنصاره حول الانتخابات، وقال إن "العملية لا تزال مستمرة"، في إشارة الى الطعون التي تم تقديمها.
وانتقد المعارضة ووصف قادتها بـ"البطة العرجاء"، وقال إن حزب العدالة والتنمية لا يزال يسيطر على معظم المجالس البلدية لمناطق إسطنبول وأنقرة، حتى لو تم تأكيد فوز المعارضة بمنصبي رئاسة بلديتي المدينتين.
تصدير سيناريو الانقلاب
بعد مرور أكثر من عامين على محاولة الانقلاب الفاشلة التي شن أردوغان على أثرها عملية اعتقالات موسعة في صفوف المعارضة بدأ الحزب الحاكم في محاولة تصدير تلك المحاولة الفاشلة مرة أخرى بعد نتائج الانتخابات المحلية.
ذكرت صحف مؤيدة للحكومة، الأربعاء، أن الانتخابات المحلية شهدت مؤامرة على تركيا، وربطت صحيفة "ستار" بين الانتخابات ومحاولة الانقلاب العسكري عام 2016 والاحتجاجات على مستوى البلاد في عام 2013.
ودعا إبراهيم قراغول رئيس تحرير صحيفة "يني شفق" إلى إعادة التصويت، ووصف الانتخابات بأنها "انقلاب عبر الانتخابات". وأضاف، دون ذكر دليل، أن مؤيدي رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة متورطون في ذلك.
وتكثف الصحف الموالية للحكومة الاتهامات بالغش والتزوير، مقارنة في رأي البعض، هذه الانتخابات بمحاولة الانقلاب ضد أردوغان في 2016.
وفي مارس/آذار الماضي كشف سليمان صويلو وزير الداخلية التركي عن توقيف 511 ألف شخص، اعتقل منهم 30 ألفا و821، في إطار العمليات التي استهدفت جماعة رجل الدين فتح الله غولن، منذ المحاولة الانقلابية المزعومة في 15 يوليو/تموز 2016.
aXA6IDMuMTIuNzMuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز