نخبة أردوغان غارقة في الترف.. وعائلات تركية تنتحر من "الفقر"
حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، خلق نخبة محافظة جديدة، تسيء استغلال السلطة بلا خجل، وتغرق في المحسوبية والفساد ومظاهر الرفاهية.
لا تخفي النخبة الجديدة التي خلقها نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غرقها المبالغ فيه في مظاهر الترف والرفاهية، في وقت يعاني فيه الشعب من أزمة اقتصادية حادة قادت عائلات بأكملها للانتحار عبر تناول مادة كيميائية سامة.
وخلال 17 عاما في السلطة، خلق حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان، نخبة محافظة جديدة، تسيء استغلال السلطة بلا خجل، وتغرق في المحسوبية والفساد ومظاهر الرفاهية في وقت تعاني فيه البلاد أزمة اقتصادية طاحنة، وفق تقرير لصحيفة "ارغاوير تسايتونغ" السويسرية الناطقة بالألمانية.
الصحيفة أوضحت "خلال هذه السنوات، كون الحزب نخبة محافظة جديدة حلت محل النخبة العلمانية التقليدية، وغرقت في مظاهر الرفاهية والمحسوبية وعدم الالتزام بالقانون".
وأضافت "يوميا، تظهر نخبة أردوغان انفصالها عن الشعب التركي، وتتمسك بحياة الترف، في وقت يعاني فيه الأتراك في ظل أجور متدنية ونسبة بطالة مرتفعة وأزمة اقتصادية صعبة".
وضربت الصحيفة مثالا باحتفال أحمد أمين سويمليز، رجل الأعمال ووزير الدولة السابق في وزارة الصحة، وزوجته بشرى نور غالار، بمولودهما الجديد في قاعة فخمة للغاية بحضور ١٥٠ ضيفا.
وتعود جذور الواقعة إلى الأسبوع الماضي، حين نشرت غالار على حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تظهر فيه هي وعائلتها أثناء احتفال بمولد ابنتها في مكان بالغ الفخامة، ونشرت صورا "سيلفي" في جنبات المكان الفخم، وصورا لتقطيع كعكة بحجم بشري، وفقا لصحيفة "سوزجو" التركية، كما نشرت صورا لإصبع طفلتها وهي ترتدي خاتما من ألماس باهظ الثمن.
ولم تستطع صحيفة سوزجو تحديد القاعة الفخمة التي شهدت الاحتفال على وجه الدقة، حيث ذكرت أن البعض يقول إنها أقيمت في جناح إهلامور في إسطنبول، وهو قصر صيفي يعود للحقبة العثمانية وأصبح أحد أهم معالم المدينة، فيما يقول البعض الأخر إن المناسبة أقيمت في مكان استثنائي بأنقرة.
ووفق صحيفة سوزجو، فإن كثر رأوا في تلك الصور ومقطع الفيديو دليلا على النفاق الأخلاقي لكتيبة المحافظين التي وضعها حزب العدالة والتنمية في صدارة المجتمع التركي، في ظل معاناة الأتراك من تراجع اقتصادي حاد خلّف مئات الآلاف من العاطلين.
وحسب الصحيفة التركية، فإن تصرف عائلة سويمليز يثير شكوك في أن الحكومة تخصص وظائف مميزة لدوائرها المقربة، فضلا عن شكوك في أن العائلة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، استغلت أموال دافعي الضرائب لإقامة حفلها الفخم.
ويأتي هذا الترف المبالغ فيه في وقت حدثت فيه 3 حوادث انتحار جماعي بسبب مشاكل اقتصادية، حبست أنفاس الأتراك.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، اكتشفت الشرطة انتحار عائلة في حي باكيركوي في إسطنبول، بعد ورود بلاغات عن رائحة كيميائية تنبعث من الشقة.
ووفق النسخة الألمانية لموقع "دويتشه فيلا"، فإن الأب البالغ من العمر 38 عاما، وزوجته وابنه ذا الست سنوات، انتحروا باستخدام سيانيد الهيدروجين، وهي مادة سامة تستخدم على الأغلب في المناجم، بسبب مشاكل مادية.
ولم تكن هذه الواقعة حالة منفردة، حيث تتشابه مع واقعتين في نفس النطاق الزمني، انتحرت فيهما عائلات كاملة باستخدام نفس المادة الكيميائية. ففي حي فاتح في إسطنبول، انتحرت عائلة كاملة يتراوح أعمار أفرادها بين 48 و60 عاما بسيانيد الهيدروجين، وعلقت على باب المنزل لافتة كتب عليها "انتباه.. الشقة ملوثة بالسيانيد.. أخبروا الشرطة".
وفي مدينة أنطاليا الساحلية، عثرت الشرطة في شقة بالمدينة على جثت لعائلة مكونة من أربعة أشخاص بينهم طفلة في التاسعة من العمر وصبي عمره خمسة أعوام، انتحروا جميعا بسيانيد الهيدروجين.
ووفق "دويتشه فيلا"، فإن رب العائلة الذي كان قبل موته عاطلا، ترك رسالة وداع: "أطلب الصفح، لكن لا يمكن لي فعل شيء". وذكر الموقع الألماني أن الرابط بين حوادث الانتحار الثلاثة ليس فقط سيانيد الهيدروجين، بل الفقر والبطالة والديون.
وتعليقا على موجة الانتحار، قال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، كمال كيليتشدار أوغلو في تصريحات صحفية قبل أيام "لماذا حصل هذا؟ ولماذا نرى نسوة يبحثن في القمامة عن الأكل بالقرب من حاويات النفايات؟"، مضيفا "نحن بحاجة إلى دولة توفر مظلة حماية اجتماعية".
ونقلت "دويتشه فيلا" عن الباحثة في مجال الفقر، هاجر فوغو قولها "هؤلاء الناس لا يلقون الاعتبار في المجتمع. يشعرون بأنهم لوحدهم وبدون مساعدة. وإذا أضيف لذلك متاعب اقتصادية واحتياجات أولية مثل الأكل والماء والكهرباء، فإن المشاكل تزداد حدة".