أول تعليق تركي رسمي عن انهيار الليرة.. اعتراف وتبرير
لم تجد الحكومة التركية سوى شماعة "السوق الحرة" لتعلق عليها فشلها في إيقاف الانهيار الحاد لليرة بعد إقالة محافظ البنك التركي.
وبرر وزير المالية التركي لطفي علوان، اليوم الإثنين، الانتكاسة التاريخية لليرة، قائلا إن بلاده عازمة على الالتزام بقواعد السوق الحرة ونظام التداول الحر للعملة بعد عزل محافظ البنك المركزي، مما أدى إلى هبوط الليرة لتقترب من مستويات متدنية قياسية.
وتراجعت الليرة التركية بنحو 15% مقابل الدولار، الإثنين، في سوق الصرف الأجنبي بعد قرار الرئيس رجب طيب أردوغان إقالة محافظ البنك المركزي.
وجرى تداول العملة التركية عند 8,47 ليرة للدولار الواحد صباح الإثنين في آسيا، مقابل 7,22 ليرة للدولار الواحد نهاية الأسبوع الماضي.
- خطايا اقتصادية في تركيا.. "المعارضة" تحذر من كارثة بالبنك المركزي
- زلزال الليرة مستمر.. العملة التركية تهوي 17% مقابل الدولار
وفي بيان، قال علوان إن السياسات المالية ستدعم السياسات النقدية من أجل تحقيق استقرار في الأسعار.. مضيفا أن إطار السياسة الكلية مستمر لحين حدوث انخفاض دائم لمعدل التضخم، الذي بلغ خانة العشرات معظم فترات السنوات الأربع الماضية.
وعقب تصريخات وزير المالية التركي، تماسكت الليرة على نحو جزئي لتسجل 7.8 مقابل الدولار اليوم الإثنين، بعد أن نزلت 17% إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق في التعاملات المبكرة عقب القرار الصادم للرئيس رجب طيب أردوغان بعزل محافظ البنك المركزي.
وهوت الليرة بما يصل إلى 8.4850 مقابل الدولار من 7.2185 يوم الجمعة، لتعود إلى مستويات لامستها في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حين بلغت مستوى قياسيا خلال الجلسة عند 8.58. وبحلول الساعة 0623 بتوقيت جرينتش، جرى تداولها عند 7.83، بانخفاض 8% عن يوم الجمعة.
الفائدة.. رعب أردوغان
وأثار قرار عزل محافظ البنك المركزي مخاوف بشأن التراجع عن رفع أسعار الفائدة في الآونة الأخيرة وقوض مصداقية البنك.
وبدت تركيا يوم السبت على حافة موجة جديدة من الاضطرابات الاقتصادية بعدما أقال أردوغان محافظ البنك المركزي ناجي آقبال من منصبه وعيّن مكانه نائبا سابقا من الحزب الحاكم.
وصدر المرسوم الرئاسي في وقت متأخر يوم الجمعة ولم يفسّر السبب الذي دفع إردوغان لتعيين شهاب قافجي أوغلو في المنصب مكان آقبال.
لكن القرار جاء بعد يوم على رفع البنك المركزي بشكل كبير معدل الفائدة الأساسي إلى 19% لمواجهة التضخم.
وكان قافجي أوغلو كتب مقالات في صحيفة مؤيدة للحكومة انتقد فيها بشدة ميل آقبال لرفع معدلات الفائدة.
وحسب صحيفة "فاينانشيال تايمز" فإن قرار الرئيس التركي بإقالة المحافظ بعد 3 أشهر فقط من تعيينه كان بمثابة "صدمة للمستثمرين".
وتقول الصحيفة إن ناجي آقبال المحافظ المقال من البنك المركزي التركي، نال استحسان السوق بعدما انتصر للمنطق ورفع أسعار الفائدة على عكس رغبة أردوغان.
وقبل أيام، رفع آقبال أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس دفعة واحدة، في محاولة لترويض التضخم ودعم العملة التركية التي تواجه انخفاضا كبيرا.
ومنذ تعيينه في نوفمبر/ تشرين الثاني، رفع آقبال سعر الفائدة القياسي بمقدار 875 نقطة أساس إلى 19%، وهي خطوة ساعدت في توفير بعض الدعم لليرة المنهارة، بينما أرسلت إشارات للمستثمرين بأن ثمة سياسة نقدية عاقلة سيتم الاعتماد عليها.
لكن هذا يتعارض مع وجهة نظر أردوغان "الحصرية" بأن أسعار الفائدة المرتفعة تسبب التضخم بدلاً من مكافحته.
استقلالية "المركزي"
وقال تيموثي آش المحلل لدى BlueBay Asset Management إن قرار أردوغان كان "غبيا حقًا"، وتوقع رد فعل عنيف من الأسواق في تعاملات اليوم الإثنين.
ومن المرجح أن تقوض الهزة المتوقعة من آمال المستثمرين الذين كانوا يتمنون التأكيد على استقلالية البنك المركزي التركي عن قبضة أردوغان.
وأفاد محللون بأن رئيس البنك المركزي الجديد داعم لرؤية أردوغان حول أن رفع معدلات الفائدة يؤدي إلى التضخم.
بقي إصرار أردوغان على تجنب معدلات الفائدة المرتفعة من الثوابت في سياسات تركيا. ووصف الأمر في إحدى المرات بأنه "أم وأب كل الشرور" وشدد مجددا في يناير/كانون الثاني الماضي على أنه "معارض تماما" لرفع معدلات الفائدة.
وأشار رئيس البنك المركزي الجديد قافجي أوغلو في مقال في فبراير/شباط الماضي إلى أن معدلات الفائدة المرتفعة تقود "بشكل غير مباشر" إلى ارتفاع مستوى التضخم.
وبات قافجي أوغلو رابع رئيس للبنك المركزي يعيّنه أردوغان منذ يوليو/تموز 2019. ويواجه حاليا مهمة تحقيق هدف أردوغان المتمثل بخفض معدل الفائدة السنوي إلى 5% بحلول موعد انتخابات تركيا المقبلة في 2023.
وقال جيسون توفي، كبير اقتصاديي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، إن إقالة آقبال زادت من مخاطر حدوث أزمة عملة جديدة في تركيا.
ويكافح اقتصاد البلاد للخروج من الاضطرابات الناجمة عن صدمة العملة في عام 2018 عندما أخافت سياسات أردوغان الاقتصادية والأجنبية المستثمرين.
وأدى ارتفاع نسبة التضخم في تركيا في السنوات الأخيرة بموازاة تراجع قيمة الليرة التركية إلى تدني شعبية أردوغان.
وبلغت نسبة التضخم في فبراير/شباط الماضي 15,6% بمعدل سنوي.
aXA6IDMuMTQxLjI5LjkwIA== جزيرة ام اند امز