صحيفة ألمانية: مئات العلماء الأتراك يفرون من بطش أردوغان
منذ الانقلاب المزعوم في ٢٠١٦ سرحت تركيا بقرارات حكومية آلاف العلماء والأكاديميين من وظائفهم؛ بسبب معارضتهم لأردوغان.
كشفت تقارير ألمانية أن 6 آلاف عالم وأكاديمي تركي دفعوا فقدان وظائفهم ثمناً لمعارضتهم نظام رجب طيب أردوغان، فيما هرب مئات آخرون إلى أوروبا.
- صحفيو تركيا يقاضون حكومة أردوغان لتحريضها ضدهم
- محلل فرنسي: "فاشية" أردوغان تمنع انضمام تركيا لأوروبا
وقالت صحيفة "تاجس تسايتونغ" الألمانية الخاصة، إنه "منذ الانقلاب المزعوم في ٢٠١٦ سرّحت تركيا بقرارات حكومية آلاف العلماء والأكاديميين من وظائفهم، بسبب معارضتهم لأردوغان أو انتمائهم المزعوم لحركة عبدالله غولن المتهم بتدبير الانقلاب ضده أو دعمهم للسلام مع الأكراد".
ومن بين هؤلاء نجح المئات من العلماء والأكاديميين في الهرب والاستقرار خارج البلاد، منهم ٢٠٠ عالم أقاموا في ألمانيا وحدها، ولا ينوون العودة في ظل الحكم الحالي، وفقاً للصحيفة.
الأكاديمي هاكان مرتكان (٤٠ عاماً)، أحد الذين استقروا في ألمانيا، قال للصحيفة: "عندما جرى تسريح أستاذي فكرين باسكاي، كنا نفكر من سيكتب الانتقادات الأكبر للحكومة وسيلحق به".
وأضاف: "فصل باسكاي (٨٠ عاما) من عمله أستاذا للعلوم السياسية؛ بسبب مقال كتبه بعنوان (الإرهاب الحقيقي هو إرهاب الدولة)، انتقد خلاله استراتيجية أردوغان المتمثلة في وصم كل معارضيه بالإرهابيين".
مرتكان، الذي كان يخشى وزملاؤه نفس مصير أستاذه، تعرض بالفعل للفصل من عمله، لأنه كان واحدا من ٢٢٠٠ عالم وقعوا في ٢٠١٦ عريضة من أجل السلام جاء فيها "لا نريد أن نكون جزءاً من الجريمة".
وكانت هذه العريضة تعارض وترفض قمع حكومة أردوغان للمدنيين في المناطق الكردية، وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها وأدت إلى مقتل المئات.
وتعرض مرتكان، الذي كان يدرس القانون في جامعة ميرسن جنوبي البلاد، أيضاً لتهديدات بالقتل من القوميين المتطرفين بسبب موقفه من الأكراد، وأنهت الحكومة عمله عقب الانقلاب المزعوم قبل أن ينجح في ترك البلاد في ربيع ٢٠١٧، وصدر بعدها حكم ضده بالسجن ٧ سنوات بسبب توقيعه تلك العريضة.
وحتى ٣ يوليو/تموز الماضي، تعرض 550 عالما من بين الموقعين على العريضة للفصل من عملهم، وحوكم 706 آخرون بينهم 191 صدرت ضدهم أحكام بالسجن لمدد مختلفة، حسب تاجس تسايتونغ.
واليوم بعد أن تم فصل 6 آلاف عالم وأكاديمي من أعمالهم وهرب المئات، وأدركت الحكومة حجم الكارثة، تحاول إقناع علماء وأكاديميي المهجر بالعودة وإغراءهم بمناصب ورواتب عالية لسد العجز.
ولعل ما يوضح ذلك، ما نشرته صحيفة صباح الموالية للحكومة التركية من مواد تظهر علماء المهجر يتوقون للعودة، لأنهم يعاملون بشكل سيئ في الخارج؛ لكن تلك المحاولات لن تجدي نفعا ولن يعود الأكاديميون، وفق الصحيفة الألمانية.
وبحسب هاكان مرتكان، فإن أردوغان وضع التعليم في تركيا على حافة الانهيار، بسبب سياساته الإقصائية وغير الرشيدة.
وقال: "في حين فصلت العلماء والأكاديميين من وظائفهم، خفضت الحكومة ميزانية وزارة التعليم بمعدل ٥٦%، في حين ارتفعت ميزانية السلطات الدينية في البلاد بـ٣٦%، ما يعني تراجع أهمية التعليم في سلم أولويات الحكومة".
وتابع: "لم يعد يتواجد في قائمة أكبر ٥٠٠ جامعة في العالم سوى جامعة إسطنبول وفي ترتيب متأخر، في حين تتواجد أربع جامعات من السعودية على سبيل المثال في ترتيب أفضل".
ومضى قائلا: "التعليم التركي الضعيف على حافة الانهيار بسبب السياسات القمعية للنظام"، مضيفا: "لن نعود أبدا".
ورغم تعرضهم لهزة عنيفة بسبب فصلهم من عملهم وحياتهم في المهجر، فلا يزال العلماء الذين أجبروا على مغادرة تركيا يحتفظون بعلاقات مع القوى الداعمة للديمقراطية فيها، وينظمون من خلال جمعية "أكاديميون من أجل السلام" (غير حكومية) فعاليات في ألمانيا للحديث عن محاكمة الأكاديميين وقمعهم في تركيا، وفق تاجس تسايتونغ.
واختتمت الصحيفة تقريرها قائلة: "هؤلاء العلماء والأكاديميون بدلا من غض الطرف عن قمع النظام، أظهروا قدرا كبيرا من الشجاعة وشعورا بالمسؤولية، ويعيشون الآن إما في المنفى وإما في السجون".
aXA6IDMuMTQzLjUuMTYxIA== جزيرة ام اند امز