المستشارة الألمانية زارت تركيا والتقت في مدينة إسطنبول الرئيس رجب طيب أردوغان
زارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، تركيا يوم الجمعة الماضي، والتقت في مدينة إسطنبول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم أن الأخير كان قد التقى بها قبل أيام في العاصمة الألمانية برلين على هامش مشاركته في القمّة الدولية حول ليبيا.
ومع أن السبب الأبرز والمعلن لزيارة ميركل الأخيرة إلى إسطنبول، كان للمشاركة في مراسم افتتاح الجامعة التركية ـ الألمانية، لكن معظم ما قالته المستشارة الألمانية خلال مؤتمرها الصحافي المشترك مع أردوغان، كان أبعد من ذلك بكثير، فكلّ ما تطرّقت إليه في كلمتها لم يكن على صلة بهذه الجامعة لا من قريب ولا من بعيد.
ولعلَّ توقيت زيارة ميركل إلى إسطنبول بعد أقل من أسبوع على القمة الدولية حول ليبيا يثير كثيرا من الشكوك، فأردوغان، كان قد غادر تلك القمة غاضباً، خصوصا أن عدسات كاميرات المصوّرين والصحافيين رصدت تجاهل رؤساء كبرى دول العالم له، لذلك جاءت زيارة ميركل إلى إسطنبول في سياق إرضاء أردوغان، وكان هذا الأمر واضحاً حين أثنت المستشارة الألمانية على دور تركيا الكبير في استقبال اللاجئين.
ولم يتوقف الأمر لدى ميركل بالثناء على الدور التركي باستقبال اللاجئين فحسب، بل امتد أكثر من ذلك، حيث تعهدت المستشارة الألمانية بتقديم دعمٍ مالي كبير لأنقرة من الاتحاد الأوروبي خارج "حزمة الستّ مليارات يورو" المتفق عليها سابقاً.
وكذلك أبدت استعدادها لتقديم مساعدةٍ مالية جديدة لأنقرة من أجل المساهمة في تحسين ظروف اللاجئين الفارين مؤخراً من مدينة إدلب السورية نتيجة المعارك التي تشهدها تلك المدينة الواقعة شمال غربي سوريا بين الجيش السوري والإرهابيين المدعومين من أردوغان.
ولم نعرف صراحة أين ستذهب هذه المساعدات الّتي تكلمت عنها ميركل؟ فالفارون من إدلب يُقتلون برصاص حرس الحدود التركي حين يطلقون النار عليهم وهناك عشرات مقاطع الفيديو التي توثق هذا الأمر، فالحدود التركية مع إدلب مغلقة بالكامل أمام اللاجئين ومفتوحة فقط لتحركات الإرهابيين ذهاباً وإياباً على طرفي الحدود.
التناغم الألماني ـ التركي بين الحليفين القديمين، ستكون آثاره كارثية على المنطقة كلها، لا على ليبيا وسوريا فقط، خصوصا أن برلين ستتولى قريباً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، الأمر الّذي يعوّل عليه أردوغان كثيراً، ويجد فيه فرصة أكبر لتنفيذ بعض مشاريعه العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
ولم تكتفِ ميركل بالتطرق إلى الوضع السوري وحده في مؤتمرها الصحافي، بل تحدّثت أيضاً عن الأوضاع في ليبيا، ورغم أن أردوغان قال أمامها إنه لن يترك فايز السرّاج رئيس حكومة "الوفاق الوطني" الليبية المنتهية صلاحيتها، وحيداً على الجبهات، فإن المستشارة الألمانية أظهرت تناغماً كبيراً في موقفها مع أردوغان.
وقالت بعد ذلك إنه يجب على المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، بذل جهودٍ أكبر للتوصل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار، إلى جانب أنها لم تعلق أبداً على اعترافات أردوغان حين قال إن الجيش التركي مستمر في تقديم الدعم لمليشيات السرّاج الإرهابية في ليبيا، وهو أمر يخالف أبرز بنود مؤتمر برلين حول ليبيا الذي ينص على حظر إرسال الأسلحة أو المرتزقة إليها.
وبدا واضحاً من المؤتمر الصحافي المشترك لميركل وأردوغان، التناغم الألماني ـ التركي حول الملف الليبي، فكلتا الدولتين تسعى لشرعنة مليشيات السراج الإرهابية وتحمّل المشير حفتر مسؤولية ما يجري، رغم أن المليشيات هي التي تخرق الهدنة الهشّة بين الطرفين.
وبالتالي هذا التناغم الألماني ـ التركي بين الحليفين القديمين، ستكون آثاره كارثية على المنطقة كلها، لا على ليبيا وسوريا فقط، خصوصا أن برلين ستتولى قريباً الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، الأمر الّذي يعوّل عليه أردوغان كثيراً، ويجد فيه فرصة أكبر لتنفيذ بعض مشاريعه العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
لذلك، الهدية الرمزية التي قدّمها أردوغان لميركل وهي مرآة أثرية من الذهب أبهرت السيدة ونالت إعجابها الشديد، لن ترى فيها ميركل من الآن، فصاعداً، سوى صورة أردوغان، كلما نظرت فيها. وهذه قد تكون دلالة على عودة التحالف الألماني ـ التركي، لا سيما أن برلين ستتسلم في يوليو/تموز المقبل، الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة