مجلة فرنسية: عدوان تركيا على سوريا خيانة للحلفاء لإنقاذ نظام أردوغان
من خلال العملية التي تمت تسميتها بلا خجل "نبع السلام" يسعى أردوغان أولاً إلى ضمان بقائه السياسي عبر التخلي عن مصالح حلفائه في الناتو
اعتبرت مجلة "لوبوان" الفرنسية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خان حلفاءه الغربيين ببدء عمليات عسكرية على الشمال السوري تعد بمثابة هدية لإيران وحلفائها في المنطقة ولتنظيم داعش الإرهابي.
وتحت عنوان "بالنسبة لأردوغان.. البقاء على قيد الحياة يمر بخيانة حلفائه"، رأت المجلة الفرنسية أن هذا العدوان العسكري التركي المباشر في شمال سوريا، الذي بدأ أمس الأربعاء، يمثل كارثة لمصالح الغربيين وهدية لخصومهم وأعدائهم الرئيسيين في المنطقة؛ "إيران" وتنظيم "داعش" الإرهابي، برحيل الأمريكيين وضعف الأكراد.
وتعرضت مدينة "رأس العين" شمال سوريا للقصف من قِبل الجيش التركي، في بداية الهجوم العسكري التركي الذي استهدف الأكراد الذين يعيشون في تلك المنطقة.
الغاية تبرر الوسيلة
وقالت المجلة الفرنسية: "من خلال هذه العملية التي تمت تسميتها بلا خجل (نبع السلام) يسعى أردوغان أولاً إلى ضمان بقائه السياسي عبر التخلي عن مصالح حلفائه في الناتو"، مشيرة إلى اتباعه المبدأ الميكافلّي الذي يرى أن الغاية تبرر الوسيلة، حتى ولو كانت على جثث الأبرياء.
ورأت "لوبوان" أن "أردوغان لديه هدفان متزامنان؛ دفع القوات الكردية إلى أقصى حد ممكن من الحدود ومنعها من تأسيس دولة ملاصقة لتركيا، وتأسيس منطقة عازلة طولها 30 كيلومتراً لنقل اللاجئين إليها".
وأضافت: "نحن لا نجرؤ على تخيل أي ظروف يعيش فيها أكثر من مليوني ونصف المليون سوري لجأوا إلى تركيا في السنوات الأخيرة".
ووفقاً للمجلة الفرنسية، فإن إحدى الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، المزودة بطائرات أمريكية من طراز "إف-16" قصفت قوات سوريا الديمقراطية أفضل حليف للغرب في حربها ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتابعت: "بهذه الطريقة يسهم أردوغان في زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة من خلال مهاجمة خصم داعش الأول المحلي الرئيسي، الأمر الذي يسهل عملية إعادة تشكيل التنظيم الإرهابي، وسط مخاوف المصير المجهول لآلاف الإرهابيين المحتجزين بمن فيهم الفرنسيون، الذين يمكنهم اغتنام الفرصة للفرار".
وقالت "لوبوان" إن المغامرة الخارجية لأردوغان تأتي بعد بضعة أشهر من الانتكاسات المريرة التي تعرض لها في الانتخابات البلدية (مارس ويونيو 2019)، موضحة أنها ليست بأي حال من الأحوال مصادفة، في ظل فقدانه إسطنبول وأنقرة والمدن الرئيسية الأخرى التي تمت السيطرة عليها من قِبل المعارضة بسبب سخط الأتراك من تزايد عدد اللاجئين السوريين في بلادهم والمطالبة بإعادة نقلهم إلى سوريا لتهدئة غضبهم.
وبالنسبة لأردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، فإن خسارة المدن الكبرى تشكل تهديدا خطيرا لنظام التمويل شبه المافيا الذي تم تطبيقه منذ 25 عاما للاستفادة من المشتريات العامة البلدية والعقارات، بحسب المجلة.
ونقلت المجلة الفرنسية عن مدير مركز الدراسات التركية في معهد الشرق الأوسط في واشنطن جونول تول قوله: "استراتيجية تركيا ليست مجرد توسع جيوسياسي، ولكنه بالنسبة لأردوغان أولاً وقبل كل شيء لضمان بقائه السياسي".
ورأى المحلل السياسي التركي أن "سياسة أردوغان تستهدف احتلال سوريا بأكملها لتعزيز تفوقه على الساحة السياسية الداخلية التركية"، موضحاً أنه "بعد بدء الصراع السوري في عام 2011، دعم أردوغان المعارضة وقام بتمويل الفصائل المتطرفة والمسلحة ضد الرئيس السوري بشار الأسد".
وأشار إلى أنه لطالما غضت أنقرة الطرف عن الإرهابيين الأجانب، الذين كانوا يعبرون إلى سوريا للقتال عبر أراضيها، بمن فيهم أولئك الذين انضموا إلى صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي.
واعتبرت "لوبوان" أن النجاحات العسكرية للأكراد ضد داعش، بدعم من الغرب، أصبحت كابوساً لأردوغان، الذي يسعى لمنعهم من تأسيس دولة كردية.