الاستفتاء التركي .. قلق دولي ورفض داخلي
ردود فعل المعارضة التركية ودول الاتحاد الأوروبي يشوبها الرفض والقلق حيال "انقسام داخلي" خلفته نتيجة استفتاء تعديل الدستور
تعددت ردود الفعل الغربية والمحلية على نتيجة استفتاء على دستور تركيا لتعزيز صلاحيات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسط دعوات بالسعي إلى "توافق وطني" بعد ظهور "انقسام كبير" في المجتمع التركي.
وانتهى التصويت على التعديلات الدستورية في تركيا بفوز "نعم" بنسبة 51.5%، ما رآه خبراء في الشأن التركي "نجاح وهزيمة" في الوقت نفسه لأردوغان، حيث تمكن من الحصول على سلطاته الجديدة، لكنه قسّم البلاد سياسيا.
وندد أكبر حزبين معارضين، حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعوب الديموقراطي، بـ"تلاعب" تخلل الاستفتاء، مؤكدان أنهما سيطعنان في النتيجة.
وقال الحزبان إن ذلك بسبب قرار أعلنه المجلس الانتخابي التركي الأعلى في اللحظة الأخيرة لجهة احتساب بطاقات التصويت التي لا تحمل الختم الرسمي لمكتب الاقتراع المعني.
وأعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتش دار اوغلو، أن تغيير القواعد الانتخابية في اللحظة الأخيرة من شأنه التأثير في شرعية الاستفتاء الذي فاز فيه الرئيس التركي.
وتظاهر بضعة آلاف رفضاً لفوز "نعم" في حيي بشيكتاس وكاديكوي في اسطنبول، مطلقين هتافات مناهضة لأردوغان.
ودوليا، دعت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل، الاثنين، أردوغان إلى السعي لإجراء "حوار قائم على الاحترام" مع كل الأحزاب السياسية بعد الفوز الذي حققه بفارق ضئيل.
وقالت ميركل في بيان مقتضب مشترك مع وزير الخارجية الألماني سيجمار جابرييل: إن "ألمانيا تنتظر من الحكومة التركية بعد حملة انتخابية شاقة، السعي الآن إلى حوار قائم على الاحترام مع كل القوى السياسية وفي المجتمع".
وتابعت أن الحكومة الألمانية "تحترم حق الأتراك والتركيات في تقرير دستورهم"، مؤكدة أن "الفارق الضئيل يدل على عمق انقسام المجتمع التركي".
وقالت ميركل إن "هذا يعني مسؤولية كبيرة للقادة الاتراك وللرئيس أردوغان شخصيا"، داعية برلين أيضا إلى "مناقشات سياسية في أسرع وقت ممكن" مع أنقرة "على المستوى الثنائي وبين المؤسسات الأوروبية وتركيا على حد سواء".
وقالت ميركل أيضا إنها تنتظر التقييم الأول، الإثنين، لمراقبي منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا حول سير الاقتراع، مشيرة إلى "الشكوك الجدية" التي عبرت عنها الهيئتان في ما يتعلق بهذا الاستفتاء.
وتوترت العلاقات بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي خلال الحملة التي سبقت الاستفتاء، خصوصا بعدما منعت مدن في ألمانيا وهولندا إقامة وزراء أتراك تجمعات مؤيدة لأردوغان.
وقال مكتب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في بيان، الاثنين، إن الفارق الضئيل في نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية في تركيا يكشف عن انقسامات عميقة.
وأضاف البيان: "يتوقف الأمر على الأتراك وحدهم لاتخاذ قرار بشأن كيفية تنظيم مؤسساتهم السياسية لكن النتائج المنشورة تظهر أن المجتمع التركي منقسم بشأن الإصلاحات الواسعة المقررة".
وحثت الخارجية الفرنسية في بيان منفصل الحكومة التركية على احترام الميثاق الأوروبي لحقوق الإنسان وحظره لعقوبة الإعدام.
وبدوره، حث الاتحاد الأوروبي في بيان مشترك بين هيئاته، السلطات التركية على السعي إلى "أوسع توافق ممكن".
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني والمفوض الأوروبي لشؤون التوسيع يوهانس هان في بيان مشترك: "انطلاقا من النتيجة المتقاربة للاستفتاء والتداعيات بعيدة المدى للتعديلات الدستورية، ندعو السلطات التركية إلى السعي لأوسع توافق وطني ممكن في تطبيق هذه التعديلات".
وأضاف بيان الاتحاد الأوروبي أن "التعديلات الدستورية وخصوصا كيفية تطبيقها سيتم تقييمها في ضوء التزامات تركيا بوصفها دولة مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي وعضوا في مجلس أوروبا".
وتابع البيان: "نشجع تركيا على أن تأخذ قلق مجلس أوروبا وتوصياته في الاعتبار، ويشمل ذلك ما يتعلق بحالة الطوارئ" السارية في تركيا منذ محاولة الانقلاب في منتصف يوليو/تموز.
وذكر البيان أن الاتحاد الأوروبي "ينتظر تقييم" المراقبين الدوليين لمجريات الاستفتاء، و"ما يتصل أيضا بمزاعم (المعارضة التركية) عن حصول تجاوزات".
ومن جهة أخرى، علّق مجلس أوروبا أيضا مساء الأحد على نتيجة الاستفتاء، داعيا أنقرة إلى "النظر في الخطوات المقبلة بحذر" واحترام استقلال القضاء.
أما رئيس الوزراء الدنماركي لارس لوك راسموسن، أبدى اندهاشه بعد إعلان نتيجة استفتاء تركيا، قائلا على "تويتر": "من الغريب أن تُستخدم الديموقراطية للحد من الديموقراطية".
وأضاف راسموسن: "أنا لا أشكك في حق الأغلبية، لكنني قلق جداً من جرّاء الإصلاح الدستوري الجديد في تركيا".
وعلى جانب آخر، التزمت الولايات المتحدة الصمت ولم تعلق حتى اللحظة على نتيجة استفتاء تركيا العضو البارز في حلف شمال الأطلسي (ناتو).