الوجود العسكري لوحدات من جيش أردوغان ومرتزقته في قطر وليبيا والصومال وسوريا والعراق بات صريحاً
النزعة العدوانية والتوسعية لأردوغان تجاه المنطقة العربية أفصحت عن نفسها... في سوريا فتح جميع آفاق الاستغلال للمأساة السورية ووظفها لخدمة مشروعه التوسعي، احتل أرضاً سورية في الشمال.. قبل الاحتلال شرّع حدود تركيا لكل إرهابيي العالم ودرّب جزءاً منهم على أراضيه ووفّر لهم الغطاء لدخولهم ومشاركتهم في الحرب السورية، مارس الابتزاز الرخيص ضد القارة الأوروبية بورقة اللاجئين دون رادع أخلاقي، انقلب على كثير من الفصائل السورية المسلحة التي رعاها ثم باعها في سوق النخاسة والمقايضات.
الوجود العسكري لوحدات من جيش أردوغان ومرتزقته في قطر وليبيا والصومال وسوريا والعراق بات صريحاً. الدوافع على اختلافها وتباينها تكشف جوهر الأهداف التي يسعى ويعمل لتحقيقها.. مناصبته العداء للسعودية والإمارات ومصر والجزائر تفضح مشروعه ومخاطره على العرب نظماً وشعوباً، فالسعودية ومصر والعراق وسوريا كانت على الدوام أعمدة وحوامل الموقف العربي في مواجهة المخاطر، احتلال أرض سورية وأخرى عراقية لا تبدو نهاية المطاف في مشروع أردوغان، فهو حين يعلن عداءه السافر للمملكة العربية السعودية ينتقل إلى التحريض عليها والتأثير والتشويش على محورية دورها وثقله في الساحات العربية والإقليمية والدولية بما تحوزه من إمكانات وقدرات وعلاقات راسخة مع الجميع، ومصداقية مشهود بها على جميع الصعد، أما قفزته باتجاه ليبيا فهو يستغل وجود مجموعة تحكم في طرابلس تنضوي تحت عباءة تنظيم الإخوان المسلمين الإرهابي المنبوذ في غالبية أرجاء الوطن العربي ليتسلل إلى أفريقيا العربية أولاً، ومن ثم إلى ما يتاح له مستقبلاً في عموم القارة السمراء، لكن الأخطر في عملية التسلل الأردوغاني هذه يتمحور حول ما يخطط له ويدبره العثماني الجديد لمصر.
هل يمكن تشكيل قوة عسكرية عربية موحدة لإجهاض مشروعه أو على الأقل إيقافه؟ ما الصيغ الواجب تبلورها لدى النظام السياسي العربي لتجاوز الخلافات والانتقال إلى موقف موحد ضد الخطر الخارجي الداهم؟ كيف يمكن استثمار وتوظيف علاقات الدول العربية المؤثرة مع عواصم القرار الدولي لدرء هذا الخطر؟
ليس خافيا أن أردوغان الذي يشهر حقده على الدولة المصرية، بما تحوزه من خصوصيات، ودورها العربي والأفريقي، ومركزها الإقليمي، وعلاقاتها الدولية، يسعى لإحداث خلخلة في بنية ما تبقى من النظام العربي الذي يعاني منذ عقد من الزمن من تناقضات وتنافر ملموس، فاقتراب مرتزقته من حدود مصر عبر ليبيا سيشكل تهديداً للأمن الوطني والقومي لمصر بقدر ما يحمل من مخاطر على الأمن القومي العربي رغم ضعف حصانة هذا الأمن في المرحلة الراهنة وتضعضعه، كل ذلك يوسع دائرة التساؤلات حول كيفية مواجهة هذا التمدد السرطاني التركي على حساب الخارطة العربية حاضراً ومستقبلاً؛ هل يمكن لدولة عربية بمفردها التصدي عسكرياً لمشروع أردوغان؟ ما السياسة الواجب اتباعها للحد من تدخلاته السافرة في الشؤون الداخلية للدول العربية؟ أيّ الساحات أكثر فائدة وقدرة لمواجهته؟ أيّ الوسائل: السياسية أم الاقتصادية أم العسكرية؟ أم كلها مجتمعة أكثر نجاعة لمقارعة نزعته العدوانية؟ هل يمكن تشكيل قوة عسكرية عربية موحدة لإجهاض مشروعه أو على الأقل إيقافه؟ ما الصيغ الواجب تبلورها لدى النظام السياسي العربي لتجاوز الخلافات والانتقال إلى موقف موحد ضد الخطر الخارجي الداهم؟ كيف يمكن استثمار وتوظيف علاقات الدول العربية المؤثرة مع عواصم القرار الدولي لدرء هذا الخطر على الأمن والسلم الإقليمي والدولي؟
مجريات الأحداث على أرض الواقع تؤكد حتى الآن على الأقل أن السياسة التي اتبعها أردوغان تستند إلى عاملين؛ الأول استغلال الصراعات الداخلية التي تعصف بهذا البلد العربي أو ذاك، كما الحال في سوريا والعراق والصومال وليبيا والتسلل تحت عناوين وحجج مختلفة إليها، والعامل الثاني يتمثل في اللعب على المتناقضات التي تحكم علاقات الدول الكبرى ذات المصالح المشتركة أو المتقاطعة معه، لكن ذلك يحرض أسئلة مقابلة عن مدى إمكانية استثمار علاقات الدول العربية مع نظرائها في العالم لوضعها أمام مسؤولياتها السياسية والأخلاقية ودفعها لمواقف جادة وفاعلة تحد من مخاطر سياسة أردوغان التوسعية وتداعياتها لاحقاً على مجمل الأمن والاستقرار الدوليين، خصوصا أن المنطقة المستهدفة كما يبدو في مشروع العثماني الجديد تمثل عصب الحياة والاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي للعالم برمته.
ثمة عوامل ناشئة في المنطقة العربية من شأنها تشكيل قواسم مشتركة للعرب وللنظام السياسي العربي تحديداً كي يعيدوا اللحمة فيما بينهم، ويلتقطوا فرصة سانحة لمواجهة تحديات خارجية وداخلية تبدو داهمةً أكثر من أي وقت مضى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة