بالأوهام والأكاذيب.. أردوغان يجند المرتزقة السوريين
المتتبع لمسار التدخل التركي في الحرب السورية والأزمة الليبية وصراع أرمينيا وأذربيجان يجد أن المرتزقة السوريين خط التقاطع بين النزاعات
من الشرق الأوسط إلى البحر المتوسط مرورا بالقوقاز، يشعل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جبهات الصراع والقتال، ويغذي أزمات الشعوب والفوضى بمرتزقة يبيعهم الوهم والكذب والاحتيال.
فالمتتبع لمسار التدخل التركي في الحرب السورية والأزمة الليبية وصراع أرمينيا وأذربيجان، يجد أن المرتزقة السوريين الذين تجندهم أنقرة يشكلون خط التقاطع بين جميع تلك النزاعات،
وحتى اليوم، ظلت قصة تجنيد المرتزقة السوريين محصورة في أتباع التنظيمات الإرهابية الموالية لأنقرة، لكن الأمر يبدو أبعد بكثير من ذلك، إذ لا يخلو من الكذب وتصدير الأوهام والاحتيال، جنبا إلى جنب مع التمرد، وفق شهادات.
جلال القمري، اسم مستعار لسوري عاد مؤخرا إلى منزله في إدلب، بعد 3 أشهر من الغياب عن أبنائه الذين لم يكونوا على معرفة بالمكان الذي ذهب إليه والدهم.
والقمري هو واحد من مئات السوريين الذين صدرتهم تركيا كمقاتلين إلى ليبيا وأذربيجان، بموجب وعود كاذبة، كما قال ثلاثة مرتزقة لمراسل القناة الأولى بالتلفزيون الألماني "إيه آر دي".
وقال الثلاثة: "قيل لنا إننا مسافرون إلى ليبيا لحراسة القواعد التركية"، قبل أن يضيفوا: "قالوا إنها مهمة دبلوماسية".
وتابع القمري: "أراد الجميع العودة إلى ديارهم بعد اكتشاف الحقيقة. كان هذا هدفنا الوحيد، لأن الموت كان الحقيقة الوحيدة في ليبيا".
وقود للمدافع
سوري آخر رفض ذكر اسمه، من إدلب التي تسيطر عليها تركيا، قال إن الأخيرة جندتهم بدعوى "حراسة الحدود الليبية".
وأضاف للقناة نفسها: "فوجئنا بأنهم أخذونا مباشرة إلى الجبهة في ليبيا وأمرونا بالقتال"، مشيرا إلى أنه "جرى تسليمنا بزات رسمية، ثم سقطت الصواريخ علينا فجأة وبدقة كبيرة".
ولفت إلى أن "الصواريخ سقطت ليلا ونهارا، وقتل البعض منا، وأصيب آخرون، وفقدوا أيديهم وأرجلهم.. لم يكن لدى الكثير منا الخبرة العسكرية".
ويؤكد السوريون الذين تحدثت لهم القناة الألمانية إن المرتزقة "يشعرون أن تركيا تستخدمهم كوقود للمدافع"، إذ عادة ما يكون القادة في ليبيا وناغورنو قره باغ من الأتراك، لكن المقاتلين في الجبهة من السوريين المنحدرين من إدلب التي تحتلها أنقرة.
ووفق تصريحات هؤلاء المرتزقة السوريين، فإن بعض أتباع النظام التركي يتوجهون إلى الرجال بمخيمات اللاجئين المتواجدة في إدلب وما حولها، ويعرضون عليهم رواتب شهرية تصل إلى 2000 دولار مقابل العمل كأفراد أمن وحراسة.
ويتعهد الأتراك بعدم إشراك السوريين في أي قتال، لكن كل هذه الوعود تتبخر بمجرد الوصول إلى ليبيا وأذربيجان.
وبحسب هؤلاء السوريين، يجري نقل المقاتلين المخدوعين في طائرات عسكرية أو مدنية إلى العاصمة الليبية طرابلس أو الأذرية باكو، وفي أغلب الحالات تكون الطائرات محملة بسوريين فقط.
وبعد الوصول إلى الوجهة الرئيسية، ينزع القادة الأتراك هواتف المرتزقة السوريين عنوة، ويرسلوهم إلى الجبهة للقتال.
ووفق وسائل إعلام روسية، فإن عدد المرتزقة السوريين المتواجدين على جبهات القتال بين أرمينيا وأذربيجان يقترب من 2000 فرد.
ابتزاز
يقول اوي هالباخ، الخبير في مؤسسة العلوم والسياسية في ألمانيا، إن تركيا "تريد لعب دور نشط، وبناء نفوذ في منطقة القوقاز، لكنها تريد تجنيب جيشها مثل هذه المعارك".
فيما يقول ماتياس هارتويغ خبير القانون الدولي في مؤسسة ماكس بلانك في ألمانيا، للقناة نفسها: "ليس لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الكثير ليخسره: رواتب المرتزقة السوريين منخفضة، والاستخدام المكثف للطائرات بدون طيار أرخص من المقاتلات التقليدية".
وتابع: "كما أن تركيا لم توقع على الاتفاقية الدولية الخاصة بتجنيد واستخدام وتمويل وتدريب المرتزقة"، محذرا من أن "الاتحاد الأوروبي يلعب دورا سلبيا تجاه تصرفات تركيا".
بين الجوع والحرب
إجمالا، تستغل تركيا الظروف الإنسانية القاسية للسوريون في إدلب التي يعيش فيها نحو 3 ملايين شخص، بينهم مئات الآلاف في مخيمات اللاجئين.
ويعيش السكان في إدلب تحت خط الفقر بكثير، ولا يحصلون في الغالب على إمدادات الماء والكهرباء، وكثر يعيشون دون سقف فوق رؤسهم يحميهم ويحمي أطفالهم، وفق القناة الألمانية.
جلال القمري الذي رأى أبناء جلدته يموتون كل يوم في ساحة المعركة في الخارج أمام عينيه، كان يواجه خيارا: حمل بندقية أو جوع أسرته، حسب قوله.
وتابع: "لم يكن لدي خيار آخر حينما أبلغونا بأننا سنقاتل على الجبهة فجأة"، مضيفا: "لكن بعد شهرين من الحرب في بلد أجنبي، وبعد العمل المتواصل في الجبهة، لم أعد قادرا على الاستمرار وانتهى الأمر".
وعلى الرغم من أنه نجا من القتال، لكنه لم يحصل على الـ 2000 دولار كاملة التي وعده بها الوسطاء الأتراك، كما أنه لا يعرف أي شخص آخر حصل على أجره كاملا مقابل القتال لصالح أردوغان.